كتب ـ يحيى العمري:
وضع ناجي الحاي في مسرحيته «بايتة»، المهمشون في المجتمع بقلب الحدث، هم أبطال المسرحية وأولها ومنتهاها، وبأسلوب التخاطر الذهني كان جمهور الصالة الثقافية على موعد مع أحداث عايشوها مراراً وأنكروها وبمعنى آخر أحداث «بايتة»، ولكنهم هذه المرة أخذوا مواقف منها، وحملوا أنفسهم مسؤوليات لم تخطر ببالهم يوماً.
مسرح الحديث الإماراتي وفي رابع أيام مهرجان أوال المسرحي السابع، شد بعرضه اللافت انتباه الجمهور، دغدغ مشاعرهم بقضية حساسة وظواهر واقعية حية، ميزها أسلوب العرض الذهني، وفي الختام وجد كل مشاهد نظريته الخاصة حيال القضية الشائكة المطروحة «ما دورنا حيال المهمشين؟».
حاورت المسرحية من يعانون مشاكل اجتماعية، طرقت أبواب الأسر المحتاجة ودخلت مطابخهم وغرف نومهم، عاينت ما يأكلون وما يشربون وكيف هي أحلامهم؟! عانقت قضايا حساسة يعيشها الناس دون أن يشعروا بوجودها، وكانت هذه الوقائع بالذات وراء تسمية المسرحيه بـ»بايتة».
المشاهد ـ وكما يصوره العرض ـ مازال يبيت بحالة السكر القديمة، بأحلام لم تعد أحلاماً تستحق النضال من أجلها، باتت حواجز تقف أمام تطور المجتمع، وتضع العصي في عجلاته الدائرة نحو الأعلى.
استطاع العرض أن يخلق أجواءً من الصمت والحزن غطت أجواء المكان ـ لا خشبة المسرح فحسب بل الكون برمته ـ وتخللتها أحداث اعتمدت أسلوب سرد وقائع وقضايا يعيشها أفراد المجتمع، كان الكلام خير وسيلة للتعبير عما يعتلج بدواخلهم، أدخلت المشاهدين في أجواء الحدث حسب معاناة كل منهم تجاه القضية المطروحة وتخيلاته الفردية للسبل الناجعة لحلها.
أحلام مسرحية غمرها الأسلوب الشيق، بقفشات كوميدية وصفها المخرج المسرحي طاهر محسن بأنها حلوة وشيقة، وأثارت إعجاب الجمهور، نقل المخرج الإماراتي ناجي الحاي بدوره للحضور معاناة محزنة، سرق بأسلوبه قلوبهم، استغلها في محاكاة قصة فقدانه أمه وشكوته للمسؤولين دون جدوى، بلهجات الشاب اليتيم والقهر أمام مسؤول يفخر بعدم مبالاته بمعاناة أبناء المجتمع، صاحب الدور الأكبر في تفكيك عرى المجتمع، وانحرافه عن مساره الصحيح، لتتشكل فئات مقسمة ومتناحرة داخله.
وقال المخرج الحاي إن العرض حمل أكثر من إسقاط وأكثر من رأي، مبيناً «يختلف مفهوم كل مشهد من المسرحية حسب ما يراه كل شخص من الحضور».
وأضاف أن المسرحية تعرضت لعدة أمور اجتماعية وسياسية تناولت بشكل كبير فئة المهمشين بالمجتمع، لأن المسرح الذهني مفتوح للجميع ويتقبل كل الموضوعات والقضايا.
ومن جانب التأمل في حلم بعيد، يرى الفنان خالد البناي أن السكرة التي كان يعيشها أبناء المجتمع ولدت لديهم نوعاً من تأنيب الضمير، تجاه ما غفلوا عنه من انخراط في المجتمع والعمل على إيجاد الحلول بدل من البحث عن المشاكل، ومن وجهة نظره أن «حضور الوزير في المسرحية حلم لفئة تظلم نفسها بيدها، والدليل اختفاء الوزير في نهاية العرض.. نهاية المسرحية حملت نبرة ضياع الفرصة وعنان مفتوح للتأمل بما وراء الصحوة من سبات عميق».
المسرحية من تأليف مرعي الحليان وإخراج ناجي الحاي.