صرّح الناشط الحقوقي المستقل سلمان ناصر بأن حوار التوافق الوطني 2013 الذي تعقد جلساته حالياً بمشاركة مكونات المجتمع السياسي البحريني والسلطات ذات العلاقة المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث تم تصنيفهم من قبل المرصد إلى أربعة أنماط من المتحاورين، وقال سلمان "الحوار يجمع أربع أنماط شخصية يمكن تلخيصها في المحركون وهم الحكومة، والمدركون وهم ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية، والمصححون وهم المستقلون من السلطة التشريعية، والمعترضون وهم تحالف الجمعيات السياسية الست"، مضيفاً أن لكل شخصية من هذه الشخصيات المؤشرات التي يمكن الإستدلال بها لبناء صورة استشرافية لمسار الحوار.
جاء ذلك في تقرير أصدره "مرصد حوار التوافق الوطني (تحاور)" التابع لمجموعة "حقوقيون مستقلون"، والذي تناول فيه تحليل أنماط الأطراف المشاركة في الحوار ورصد أفعالهم وردود أفعالهم تجاه الحوار قبل وأثناء مشاركتهم فيه.
وأشار سلمان إلى أن "المرصد" قد تابع بعناية فائقة جلسات الحوار الخمس التي عقدت خلال الفترة من 10 – 27 فبراير 2013، وقد قام "المرصد" برسم معالم المساحة الآمنة للحوار من خلال تحديد العوامل الداعمة للحوار والتي تمثلت في خطوات اتخذتها الحكومة، إلى جانب العوامل المقوّضة للحوار الصادرة من قبل بعض القوى السياسية، وما ترتب على كل من العوامل الداعمة والعوامل المقوّضة من تحديات أثرت على تحديد مسارات متباينة للحوار".
وفيما يتعلق بأنماط المتحاورين، قال سلمان "إن الحكومة تمثل النمط الأول وهم المحرّكون، فالحكومة صاحبة المبادرة التي وفرت البيئة الآمنة وخصصت لها صفة التمثيل المتساوية مع باقي المتحاورين في الحوار ولم تستحوذ على أي جانب من جوانب الحوار"، فيما أشار سلمان إلى أن النمط الثاني للمتحاورين هم المدركون وهم ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية الذي وصفهم سلمان بأنهم "أول من قبل المبادرة وشارك في الحوار".
كما أشار سلمان إلى أن النمط الثالث في الحوار هم المصححون من ممثلي السلطة التشريعية من المستقلين الذين يغلب عليهم التخصص إلا أنهم "لم يقدموا مرئياتهم في الحوار واقتربت شخصية بعضهم إلى شخصية المشارك المكمّل للحوار"، وأخيراً يضيف سلمان النمط الرابع وهم المعترضون في تحالف الجمعيات السياسية الست، ويقول سلمان "المعترضون شككوا في نتائج الحوار وقدموا طلباتهم بصورة فجائية وانقلبوا على ما تم التوافق عليه واستخدموا أسلوب المناورات".
وأكد سلمان أن "المرصد" توصّل إلى تحديد معالم ميزان الحقائق للمتحاورين، والذي يتشكل من قياس عدة مؤشرات، وقام "المرصد" بتحديدها في ست نقاط تتمثل في الاختلاف والتوافق والتحقق والتأييد والهدم والبناء. وأضاف سلمان "الاختلاف في الحوار تمثّل في عدم التوافق على جدول أعمال ينظم العمل فيما بين المتحاورين وتقديمهم لمرئيات أبرزت الاختلاف فيما بينهم". فيما أشار إلى أن التوافق لوحظ في الاتفاق على بنود إجرائية في الجلسة الأخيرة للحوار والتي سوف تمهّد للبدء في جلسات إعداد جدول الأعمال".
أما مؤشرات التحقق والتأييد، يقول سلمان إن "الافتقار إلى الأفكار والآراء الجديدة، وتقريبها إلى التواضع والعقل المفتوح بين بعض المتحاورين هو أبرز مؤشرات التحقق، فيما تتضمن مؤشرات التأييد في الابتعاد عن التأييد الذي يصل إلى أجندات الغرور والأفكار التبعية والأنانية، وعدم الشعور بالذنب لدى بعض المتحاورين من تكريس مبدأ المواقف التأزيمية أو محاولة التراجع عن ما تم التوافق علية .
ويشير سلمان إلى وجود مؤشرات الهدم والبناء في الحوار، حيث يؤكد أن من مؤشرات الهدم وجود مسوقات راديكالية دينية وأساليب مبتذلة تقلل من المتحاورين إلى جانب التبعية المفرطة على أساس مذهبي، أما مؤشرات البناء فتتمثل في تجسير الأفكار مع الابتعاد عن السخرية التي تؤدى إلى تدمير الأفكار البنّاءة".
وقال سلمان "إن المرصد خلص إلى أن المطلوب من الحوار هو أن يكون حواراً جاداً وصريحاً ومفيداً لجميع الأطراف المشاركة فيه التي تسعى إلى الحفاظ على ديمومته من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه والتي اجتمع المتحاورون من أجلها، وليس حواراً دون هدف سامي، وليس حواراً من أجل تغليب المصلحة الحزبية. والحوار الجاد هو الحوار الذي يشترك فيه الجميع للخروج بقرارات مشتركة".
وفيما يلي أبرز ما تضمنه تقرير "المرصد" الثالث بشأن تحليل أنماط الأطراف المشاركة في الحوار ورصد أفعالهم وردود أفعالهم تجاه الحوار قبل وأثناء مشاركتهم فيه:
أولاً: من هم المتحاورون؟
يرى مرصد حوار التوافق الوطني "تحاوُر" أن المشاركين في الحوار هم عبارة عن مكونات المجتمع السياسي البحريني والسلطات ذات العلاقة المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وعليه تم تصنيف المتحاورين على طاولة الحوار ورصد الملاحظات المعنية بكل تصنيف علي النحو التالي:
(1) المحركون: الحكومة ممثلو السلطة التنفيذية:
1. تقديم مبادرات داعمة للمتحاورين.
2. توفير مساحة آمنة للحوار.
3. الحكومة طرف في الحوار وليس رئيساً له.
4. عدم ممارسة تكتيكات ترهيبية على المتحاورين.
5. عدم وجود استحواذ على جدول الأعمال.
6. لم يتم حجب آراء المتحاورين الآخرين أو فرض حدود لها.
7. خلق شعور بالجدية وبيان أهمية المشاركين في الحوار.
(2) المدركون: ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية:
1. قبول مبادرة ومخرجات الحوار.
2. إدراك للمكونات السياسية الأخرى المشاركة في الحوار.
3. البناء على ما تم التوافق عليه.
4. عدم الشروع لوضع جدول أعمال يخدم الحوار.
5. عدم تدوير المشاركين في الحوار مما قلّل من تنويع الخبرات.
6. غياب الأرضية المشتركة مع المتحاورين الآخرين.
7. تقديم الطلبات بصورة فجائية وليست ضمن نقاط النقاش.
8. اتخاذ بعض القرارات بطريقة التشجيع وليس لمضمونها.
(3) المصححون: المستقلون من السلطة التشريعية:
1. يغلب على المستقلين التخصصية وتقديم ما يدعم الرؤى.
2. غياب البيانات الصحفية التي توضح مرئياتهم السياسية.
3. عدم قيام المستقلين بتقديم مرئياتهم في الحوار.
4. تقترب شخصية بعض المستقلين إلى شخصية المشارك المكمّل للحوار.
5. تتمتع شخصياتهم بالهدوء، مع غياب روح المبادرة من بعضهم.
6. غياب التنسيق فيما بينهم رغم تخصصاتهم العلمية.
(4) المعترضون: تحالف الجمعيات السياسية الست:
1. التشكيك في نتائج الحوار والتقليل من المكونات الآخرى للحوار.
2. تقديم الطلبات بصورة فجائية وليست ضمن نقاط النقاش.
3. محاولات الرجوع عن ما تم التوافق عليه.
4. استخدام المناورات والمحادثات المتسترة.
5. زيادة عدد المشاركين من إحدى الجمعيات بشكل تدريجي.
6. عدم تغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية.
ثانياً: المساحة الآمنة في الحوار
أولاً: العوامل الداعمة للمساحة الآمنة في الحوار من قبل السلطة التنفيذية وقد تمثلت في التالي:
1. إعداد وتجهيز مقر للحوار وتوفير الأمور اللوجستية والإدارية.
2. عدم تحديد سقف للمتحاورين.
3. التغطية الإعلامية للمتحاورين وشفافية نقل المعلومة على الاجهزة الرسمية.
4. تعبير المتحاورين عن أفكارهم بحرية واستقلالية وبلا قيد.
5. مشاركة متساوية لجميع المشاركين.
6. عدم التعرض لشخوص المتحاورين واحترام أفكارهم.
7. توفير مركز إعلامي متكامل سهّل عمل الإعلاميين تغطية الحوار.
ثانياً: العوامل المقوّضة للمساحة الآمنة في الحوار من قبل بعض القوى السياسية وقد ترتب عليها التالي:
1. الدعوات المتكررة للخروج في مسيرات تفضي في نهايتها إلى إتلاف الممتلكات العامة والخاصة وتهدد سلامة الغير.
2. الزج بالأطفال في المواجهات التي لا تتماشى مع طبيعتهم العمرية.
3. استشهاد أحد قوات حفظ النظام وسقوط قتيل من المتظاهرين.
4. اكتشاف خلية إرهابية والتفجيرات الإرهابية التي استهدفت عدة أجهزة للصرافة الآلية تابعة لبنوك تجارية.
5. وصف قوات حفظ النظام بالمرتزقة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ومنها موقع جمعية الوفاق الإسلامية.
6. زيادة كتّاب الرأي المتطرفين تجاه الحوار.
7. استمرار الحسابات المتطرفة في "تويتر" التي تحتوي تغريداتها على شعارات وأفكار وآراء متصلبة (متطرفة) تجاه الحوار.
ثالثاً: ميزان الحقائق للمتحاورين
يعتبر ميزان الحقائق للمتحاورين بمثابة مؤشرات قياس جدوى الحوار على أرض الواقع للوصول إلى استشراف مستقبلي لمساراته، وفي سبيل تنفيذ ذلك قام "المرصد" برصد المؤشرات التالية:
(1) الاختلاف
يسعى هذا المؤشر إلى بيان أوجه الاختلاف في كافة مراحل ومكونات الحوار، إلى جانب تقديم الموضوعات التي قد تشكل مرتكزات للاختلاف بين المتحاورين على طاولة الحوار، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- تمحور الاختلاف على طاولة الحوار لعدم التوافق على جدول أعمال ينظم العمل فيما بين المتحاورين.
2- تقديم بعض المرئيات التي أبرزت اختلافات نتيجةً لعدم توافق المتحاورين على جدول أعمال ينظم آلية التفكير بينهم.
3- افتقار منسقية الحوار لمسودة خاصة للأفكار والآراء غير المتوافق عليها تساعد المتحاورين في معرفة جميع الأفكار المختلف عليها كي لا يتم الرجوع لها بين فترة وأخرى.
4- غياب التوافقات نتيجةً لفقدان الثقة بين المتحاورين مما ترتب عليه الإصرار الأعمى من قبل بعض المتحاورين لوجهات نظرهم.
(2) التوافق
يسعى هذا المؤشر إلى بيان أوجه التوافق في كافة مراحل ومكونات الحوار، إلى جانب تقديم الموضوعات التي قد تشكل مرتكزات حقيقية للتوافق بين المتحاورين على طاولة الحوار، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- الاتفاق على بنود إجرائية في الجلسة الأخيرة مهّدت للبدء في جلسات إعداد جدول الأعمال.
2- التوافقات الرئيسية: اعتماد مصطلح الحوار وليس تفاوض ومخرجات الحوار هي اتفاق نهائي والحكومة طرف أساسي في الحوار ووزير العدل مكلف برفع مخرجات الحوار للملك.
3- التراجع عن ما تم التوافق عليه يسهم بشكل مباشر في فقدان الثقة بين المتحاورين ويقلّل من مصداقية المتراجعين عن قراراتهم.
4- الابتعاد عن التوافق الجماعي المزيّف المبدئي بقصد التراجع في القرارات.
5- عدم قدرة المتحاورين الفصل بين الاتفاق والاختلاف، بحيث يكون الاختلاف على محاذاة نقاط الاتفاق.
(3) التحقق
يسعى هذا المؤشر إلى التحقق من كافة مراحل ومكونات الحوار، ويقوم بتحليل ما يقدمه المتحاورون على طاولة الحوار من موضوعات بهدف التحقق من ملامستها للواقع وقياس قبولها لدى المتحاورين، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- الافتقار إلى الأفكار والآراء الجديدة، وتقريبها إلى التواضع والعقل المفتوح بين بعض المتحاورين.
2- قصور الأدلة المطروحة التي تعد أفضل اختبار تطبيقي دقيق للأفكار ودعمها، وللتدليل على ذلك رزمة التعديلات القانونية والدستورية الأخيرة.
3- عدم الجاهزيه لتقديم التنازلات البناءة.
(4) التأييد
يسعى هذا المؤشر إلى قياس التأييد المقدم من المتحاورين في كافة مراحل ومكونات الحوار، ويقوم بتحليل ما يقدمه المتحاورون على طاولة الحوار من موضوعات بهدف قياس تأييدهم لها، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- يجب الابتعاد عن التأييد الذي يصل إلى أجندات الغرور والأفكار التبعية والأنانية
2- عدم الشعور بالذنب لدى بعض المتحاورين المؤيدين لتكريس مبدأ المواقف التأزيمية.
3- على بعض المتحاورين أن يقدموا التنازلات عن المواقف التي تعقّد الأمور مبدئياً، والتخلي عنها لصالح موقف أفضل.
4- عدم التسرع في تأييد حجة أو فكرة لمجرد التعاطف أو الحماس دون دراستها بموضوعية.
(5) الهدم
يسعى هذا المؤشر إلى بيان العوامل التي تدفع باتجاه هدم الحوار، ويعمل مؤشر الهدم وفقاً لتحليل شخصيات المتحاورين للوصول إلى قراءة علمية لمعرفة اتجاهات المتحاورين بشأن موضوعات الحوار، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- لا يمكن الوصول لدولة مدنية بمسوقات راديكالية دينية.
2- الأساليب المبتذلة التي تقلل من المتحاورين فيما بيهنم تقلل من الوصول إلى أطر تسهم في نجاح الحوار.
3- التبعية المفرطة على أساس مذهبي تقلل من خلق أفكار بنّائة.
4- الإستقواء بالشارع يهدد مصداقية المتحاورين ويعزز مفهوم عدم الثقة.
(6) البناء
يسعى هذا المؤشر إلى بيان العوامل التي تدفع بتجاه بناء الحوار، ويعمل مؤشر البناء وفقاً لتحليل شخصيات المتحاورين للوصول إلى قراءة علمية لمعرفة اتجاهات المتحاورين بشأن موضوعات الحوار، وفي بيان ذلك يقدم "المرصد" الملاحظات التالية:
1- البدء باختيار الموضوعات التي من الممكن أن يتوافق عليها المتحاورين.
2- يجب تجسير الأفكار مع الابتعاد عن السخرية التي تؤدى إلى تدمير الأفكار البنّاءة.
3- بناء تحاور يشجع على عملية التركيز، والابتعاد عن التراجع في التوافقات.
4- تطبيق خيارات تؤدي إلى مخرجات ملموسة يمكن أن تنتقل إلى الآخرين.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}