ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية اليوم الأثنين أن مملكة البحرين قدمت، أمس الأحد لدول الخليج العربي، بصفة رسمية، تقريرا يتضمن صورا وأدلة على تدخلات إيران في شؤونها الداخلية، واستعرض التقرير الذي أفصح عنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، أنشطة طهران وبعض الجماعات، مثل حزب الله اللبناني، التي تلقي بظلالها على الأوضاع في البحرين، وأضاف أن بعض أفراد الخلايا الإيرانية في الخارج.
وأكد الوزير البحريني في مؤتمر صحافي عقده أمس الأحد، بعد نهاية اجتماع وزراء خارجية الخليج في الرياض، أن دول مجموعة «5+1» رفضت لدى اجتماعها في كازاخستان مقترحا إيرانيا بإدراج الأوضاع التي تشهدها البحرين، وقد أرجعت ذلك الرفض للعلاقات التي تربط بينها وبين حلفائها الخليجيين.
ولفت آل خليفة إلى أن برنامج تخصيب اليورانيوم الذي تتبعه إيران هو قضية دولية كبرى، وتمنى أن يكون الحل لذلك الملف دبلوماسيا وليس عسكريا، لتدارك أي حرب قد تنشب في المنطقة، مشددا على أن هناك استهدافا واضحا للأمن والاستقرار في منطقة الخليج.
وذكر أن دول الخليج هي دول سلام، وليست دول حرب، ولن تسمح لجرّها لذلك، لأنها في منطقة حساسة من العالم، وكل خطوة منها ستكون محسوبة، إلا أنه لا يخيفها أحد، ومستعدة للدفاع عن نفسها.
وحول تصريحات صدرت أخيرا من مسؤولين إيرانيين بأنهم على استعداد لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، قال الشيخ خالد: «إن دول المجلس تنتظر عملا طيبا مقابل الكلام الطيب من قبل الإيرانيين، وينبغي أن لا تصدر منهم أقوال مثل إغلاق مضيق هرمز».
وأشار الوزير البحريني إلى أنه لدى دول الخليج علاقات متشعبة؛ اقتصادية وأمنية وعسكرية، مع الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي سيتم مراعاته لدى لقاء وزير خارجيتها جون كيري مع المسؤولين الخليجيين، مبينا أن الجانب البحريني يبدي احتراما لالتزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.
وأوضح أن تسليح المعارضة السورية أمر يخص الجامعة العربية، وليس دول الخليج وحدها، وهم سيبذلون مع أصدقائهم الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوري.
وكان الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، أعرب عن تطلع دول الخليج العربية إلى علاقات أفضل مع إيران، بينما أبدى شديد أسفه «لاستمرار التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المجلس، واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ورفضها أي تفاهم أو حلول سلمية عبر التفاوض والتحكيم الدولي».
وأشار في كلمته، في مستهل اجتماع الدورة الـ126 للمجلس الأعلى لوزراء خارجية دول مجلس التعاون، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، أمس، حيث رأس الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وفد بلاده المشارك في الاجتماع، إلى أن التعنت الإيراني «يستدعي للأهمية وقوف دولنا مجتمعة أمام هذه التدخلات، وما يواجهنا من تحديات دولية وإقليمية».
كما أشار إلى أهمية «مبدأ حسن الجوار كقاعدة أساسية تلتزم بها الدول في تعاملها في المنطقة انسجاما مع القوانين والأعراف الدولية».
وأوضح وزير الخارجية البحريني، الذي يرأس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، أن ما يتعلق بمواقف دول المجلس السياسية يبدو أكثر تناسقا وتنظيما «سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو الأزمة السورية التي تحولت إلى ما يشبه الكارثة، عبر أعمال القتل العنيف غير المبرر للشعب السوري»، وذلك بسبب عدم تحرك المجتمع الدولي الجاد والسريع في توحيد مواقفه في تعامله مع الشأن السوري، لافتا الانتباه إلى نجاح المبادرة الخليجية «التي أنقذت اليمن من حرب أهلية طاحنة»، داعيا إلى تعزيز التعاون المشترك الخليجي من خلال التكامل الاقتصادي، وتجسيد السوق الخليجية المشتركة، وإقامة الاتحاد النقدي والجمركي بين دول المجلس، وتعزيز آليات السوق ودور القطاع الخاص.
وكان الوزراء قد عقدوا جلسة مغلقة في مقر الأمانة العامة لدول المجلس بالرياض، بحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وقد رأس الاجتماع الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري.
وفي نهاية الاجتماع، صدر بيان ختامي، رحب بدعوة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة لإطلاق الحوار الوطني التوافقي في البحرين، ودعا المجلس الجميع للحفاظ على الروح الإيجابية التي سادت مجريات الحوار، من أجل مواصلة مسيرة البناء والإصلاح في مملكة البحرين، كما جدد التأكيد على مواقف دول المجلس الثابتة بنبذ الإرهاب والتطرف، بكل أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأيا كان مصدره.
وجدد المجلس الوزاري التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث، وأكد على دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، كما عبر عن الأسف الشديد لعدم إحراز الاتصالات مع إيران أي نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل قضية الجزر الثلاث، بما يسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها.
وأكد على ضرورة التزام إيران التام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، والمواثيق الدولية التي تنص على عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، كما عبر عن أسفه لعدم إحراز تقدم في المباحثات التي جرت مؤخرا في كازاخستان بين مجموعة «5+1» وإيران، وعدم استجابة إيران للجهود الدبلوماسية الهادفة إلى حل موضوع برنامجها النووي بشكل سلمي.
وحول مستجدات الوضع في سوريا، في ضوء ما يحدث على الساحتين السورية والدولية، أكد المجلس على أهمية السعي لتوحيد الرؤية الدولية في التعامل مع الأزمة السورية، وصولا إلى عملية نقل سلمي للسلطة يوقف السفك اليومي لدم الشعب السوري الشقيق.
كما تناول البيان الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتطورات النزاع العربي. وفي الشأن اليمني، استمع المجلس الوزاري إلى تقرير من الأمين العام بشأن زيارته الأخيرة إلى الجمهورية اليمنية لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
كما أدان المجلس التفجيرات في العراق، مشددا على أهمية الحوار والتوافق بين مكونات الشعب العراقي ومشاركتهم في العملية السياسية، بما يحفظ وحدة العراق وأمنه واستقراره، ويحقق تطلعات شعبه المشروعة، بعيدا عن المصالح الطائفية الضيقة التي تؤثر على نسيجه الوطني.