كتب ـ حسين التتان:
استطاع الفيلم الكارتوني الإسباني «سنوفليك.. الغوريلا الأبيض»، بمزجه المشاهد الكارتونية بأخرى واقعية، أن يعالج قضية مهمة تؤرق العالم برمته، وبدأت تظهر مجدداً في واقعنا البشري، ألا وهي التمييز العنصري.
ما يميز الفيلم أنه يطرح هذه القضية الإنسانية «رفض فكرة التمييز» بقالب كارتوني، وغرسها بنفوس الأطفال وذواكرهم، وبمعادلة مقلوبة هذه المرة «الأسود يمارس التمييز العنصري ضد الأبيض».
يعرض الفيلم قصة غوريلا أبيض ـ من الفصائل القليلة النادرة حول العالم ـ يحصل عليه أحدهم فيهديه لابنته بصورة مؤقتة، وبعد مضي 6 أشهر من وجوده بينهم، يأخذه إلى حديقة الحيوانات ليضعوه في قسم القرود، ولأن لونه مميز وليس شاذاً بالمعنى العنصري، بدأ الغوريلا الأسود الكبير بممارسة التمييز العنصري تجاهه، ويذهب الغوريلا الأبيض في رحلة محفوفة بالمخاطر لتغيير لونه إلى الأسود، ليتعايش مع بقية الفصائل السوداء.
يرحل «سنوفليك» الأبيض مع نمر الباندا، الذي يتمنى أيضاً أن يعود لأصله كي يكون نمراً كامل المواصفات، تحدث مجموعة من المغامرات المثيرة في رحلة تغيير اللون، وحين يصلان إلى الساحرة، تحدث مغامرات خطيرة ويوشكان على الهلاك.
بعد حصول الغوريلا على الخلطة السحرية لتغيير اللون، يتوسل إليه جميع أصدقائه أن يبقى على لونه الأبيض المميز، إلى أن اقتنع كبير الغوريلا الأسود، من إعطائه فرصة أخيرة لإثبات أنه مميز وليس شاذاً، وبالفعل وجد الجميع ومعهم زعيمهم، أن الغوريلا الأبيض ورغم تميز لونه، إلا أنه كان مميزاً في سلوكه ودماثة خلقه.
مشكلة التمييز العنصري، عادة ما تمارس ضد السود، لكن لأن الغوريلا غالبيتها سوداء، كان الأبيض هو من وقع عليه التمييز العنصري من الجهة الأقوى، وليس من بقية أفراد المجموعة.
الرسالة التي أراد الفيلم إيصالها للجمهور، هي أن التمييز العنصري سلوك مذموم فطرياً، ولا يقبل به الصغير قبل الكبير، والطفرة في الفيلم، أنه عكس معادلة التمييز ضد السود، وكأنه أراد بطريقة غير مباشرة أن يضع أصحاب البشرة البيضاء في موضع الأقلية المضطهدة، أو في موضع من تمارس ضدهم عملية التمييز العنصري، ليسكن «سنوفليك» تحت جلودهم طيلة الفيلم، ويشعروا في لحظة من التأمل بالطريقة العاطفية والإنسانية، أن أقبح الظلم اليوم هو ممارسة التمييز العنصري ضد الأقليات عبر العالم.
الفكرة الجيدة والمميزة الأخرى في الفيلم هو أنه كارتوني، بمعنى أنه يريد إيصال رسالته الإنسانية السامية إلى الأطفال قبل الكبار، حتى أن أبطال القصة من الأشخاص الواقعيين والكارتونيين، هم من صغار البشر والغوريلا، وكأنه يريد القول «هذا واقعكم فلا تعتدوا عليه».
الفيلم من إخراج أندريه شاير، وتأليف أميليا مورا وألبيرت فال، وبطولة بير بونس، إيلسا باتاكي، فيليكس بونس فيرر، روزا بولا ديراس، كلوديا أبات، وجوان سولا، أما صوت سنوفليك فهو للفنان كوستانتينو روميو.