كتب ـ عادل محسن:
قال عضو مجلس إدارة الدار الصغيرة للفنون الشعبية حمد الشيخ، إن ملف هدم الدار أغلق وطوي نهائياً، بعد أن عانى القائمون عليها أشهر طويلة صارعوا خلالها لإبقاء الدار التي يمتد تاريخها لأكثر من 80 عاماً، وتعد من الدور الفنية الشعبية القليلة الباقية على الساحة الفنية الشعبية البحرينية.
وخصصت الدار الصغيرة حفلها السنوي بالصخير لكل من دعم وقف هدم الدار وكرمت 3 شخصيات إعلامية من صحيفة الوطن، باعتبارها أول صحيفة نشرت القضية، وكرمت أيضاً شخصيات فنية وناشطين اجتماعيين ساهموا في الحفاظ على الدار بعد إشعارها نهائياً بالهدم.
وكرم مجلس الإدارة من صحيفة الوطن عبدالرحمن صالح الدوسري، وعادل محسن، وحسين التتان، كما كرمت الزميل أسامة الماجد من صحيفة البلاد، والفنان سالم بن عبدالله والناشطين عادل الرويعي وجاسم بن عريج وأم حمد.
وقال حمد الشيخ إن التكريم الذي أقامته الدار يعتبر الأكبر ضمن حفلاتها السنوية بالصخير، وحضره كوكبة من الفنانين الكبار والمهتمين في مجال الفن الشعبي من مسؤولين وفنانين وهواة، لافتاً إلى أن القائمين على الدار تنفسوا الصعداء بقرار وزير البلديات بوقف الهدم بعد وصول ورقة تنذر بضرورة هدم الدار لقدم البناء وتهالكه، رغم أنه مقرها الوحيد ويقع تحت مظلة وزارة الثقافة.
وأضاف أن الدور الشعبية في البحرين أصبحت معدودة على الأصابع، وإغلاق أي منها ينذر بتلاشي تاريخ مهم يمثل المملكة ثقافياً.
وثمن الشيخ خلال الحفل اهتمام الحضور بدعم الفن الشعبي الذي يواجه الاندثار، مضيفاً «من المحزن أن تغلق دارين للفنون الشعبية واحدة في الرفاع وأخرى بالمحرق، في حين تمكنا من الخروج من عنق الزجاجة، ومن المؤلم جداً أن نجد فنانين شعبيين كبار اضطروا للإغلاق بسبب ضعف الدعم المادي والمعنوي للدور الشعبية، وعدم تطوير القطاع بأي شكل من الأشكال».
ودعا المسؤولين كل في موقعه إلى وضع خطط واعدة للحفاظ على الموروث الشعبي وقال «من غير المعقول أن تغلق الدور أبوابها ونصبح بلا تاريخ، فاحتياجاتنا ليست ضخمة وتعجز عنها الميزانيات، بل نريد أن نتساوى مع ما تحصل عليه الدور الشعبية الخليجية من دعم واهتمام رسمي وإعلامي للحفاظ عليها واستمرارها، ولابد أن يكون هناك تحرك مماثل في المملكة التي اشتهرت بفنونها الشعبية وأحيته في مختلف بقاع العالم، وأصبح له صيت عالٍ فأكبر الفنانين الذين عرفهم التاريخ الشعبي في البحرين غنوا في دول أوروبية وآسيوية وعرفوا العالم على الفن البحريني بمختلف ألوانه الأصيلة».
من جانبه قال عضو مجلس الإدارة الفنان إبراهيم الرويعي إن الدار اهتمت بمواصلة نشاطاتها ولم تتوقف ولم تيأس طوال أزمتها، وأن أعضاءها شاركوا في المهرجانات الوطنية في عادة لم تنقطع على مدى سنوات، لافتاً إلى أن الدار نظمت زيارة فنية إلى دولة الكويت وزارت عدداً من الدور الشعبية هناك، إضافة إلى التزامها باللقاء الأسبوعي الفني يوم الجمعة بمقر الدار بالرفاع الشرقي.
الحفل السنوي
وكان الحفل السنوي في الصخير الذي تقيمه الدار الصغيرة للفنون الشعبية بمثابة مهرجان سنوي «مخيم الفصول الأربعة»، وشهد حضوراً كبيراً من الفنانين الشعبيين البحرينيين ومحبي الفن والطرب الشعبي.
وبدأ الحفل على أنغام «الصرناي» ورقصة دقة الحب والليوه ومختلف الفنون الشعبية، واشتمل الحفل على تكريم عدد من الشخصيات الإعلامية والفنية والاجتماعية نظير دورهم البارز في الوقوف مع الدار الصغيرة خلال الفترة التي كانت على وشك الهدم والإزالة، حيث ساهم الجميع كل في مجاله بنقل المشكلة إلى المسؤولين الذين تفهموا ضرورة إبقاء الصرح الفني الشعبي الممتد لسنوات طويلة، لما يمثله من إرث ثقافي وحضاري للبحرين، وما يؤديه أولئك الشباب من أبناء الدار من حمل لأمانة الآباء والأجداد والحفاظ على التراث الفني جهد مشكور ومقدر.
ومنح الفنان سلطان معيوف سلطان جائزة الفنان الشعبي الكبير ورئيس الدار محمد بن عبداللطيف الشيخ، وهي جائزة سنوية تمنحها الدار لأحد الفنانين الشعبيين.
وقال الفنان حمد الشيخ إن التكريم عرفان بسيط لعمل كبير أداه المكرمون مضيفاً «لن ننسى وقفتهم أبداً، فهم دائماً معنا يحملون الهم الفني وكيفية الحفاظ على تراثنا واستمراره».
وشكر الشيخ كل الفنانين وضيوف الحفل الذين حضروا وشاركوا.
من جانبه أعرب الفنان المكرم سالم بن عبدالله عن بالغ شكره وامتنانه إلى القائمين على الصرح الشعبي العريق مضيفا أن هذا التكريم يزيده عملاً من أجل الحفاظ على الدور الشعبية في مختلف مناطق المملكة».
ولفت إلى أن الدور الشعبية تمثل للبحرين تاريخاً ضارباً في الجذور، مبيناً «من الواجب الوطني حفظها من الاندثار»، فيما تمنى المكرم عادل الرويعي لشباب الدار الصغيرة كل التوفيق والنجاح وشكرهم على حسن التنظيم وإقامة هذا التجمع الفني السنوي الذي أصبح عرفاً سنوياً يجمع كل الفنانين الشعبيين.
وأضاف الرويعي أن الوقوف مع الدار يعتبر واجباً وطنياً ولن يتردد لحظة واحدة في أية خدمة تطلب منه.
وألقى المكرم جاسم عريك خلال الحفل كلمة أعرب فيها عن امتنانه لهذه المبادرة من شباب الدار الذين يستحقون كل الدعم والمساندة نظير ما يقدمونه من عمل مخلص للحفاظ على تراث الآباء والأجداد.
نبذة عن الدار الصغيرة
يعد فتح الدار من جديد مليئاً بالتحديات، ورغم ذلك حققت الدار مكاسب كبيرة في معرفة الناس والتعامل معها، وتمكنت من تحقيق سلسة من النشاطات الكبيرة تعتبر الأهم منذ بدء العمل في الدار.
كانت الدار مكاناً يجمع الكثير من الفنانين الشعبيين يمارسون فيها فنون العرضة، المجيلسي، الفجري، دق الحب، والسمرة والصوت، وتأسست الدار الدار عام 1925 بحسب رواية رئيسها الحالي، وكان اسمها قديماً دار عابد وتعاقب على رئاستها الكثير منهم المرحوم عابد بن حسين وهو من سكنة قرية النويدرات، المرحوم جمعة بن مرزوق بن خميس، المرحوم علي بن جمعة بوغنوم، المرحوم إسماعيل بن زايد بن عنبر والرئيس الحالي محمد بن عبداللطيف الشيخ.
تقع الدار في الرفاع الشرقي شارع الشيخ خالد، وهي عبارة عن غرفتين صغيرتين الأولى مربعة وتحوي جدرانها صور تراثية قديمة، وتؤدي إلى الغرفة الثانية وتمثل مجلس الطرب الرئيس، ولا يتجاوز عرض الغرفة الثانية مترين ونصف وطولها 7 أمتار، وبالكاد يجلس فيها عشرون شخصاً.
والدار الصغيرة واحدة من أهم الدور التي مازالت تقاوم الحياة من أجل نشر الفنون الشعبية والإبقاء على تراث تركه لنا الأجداد بعد رحيلهم وكانت الدار مهددة بالهدم لولا تدخل الحريصين على إبقاء ماتبقى من الإرث الشعبي البحريني.
ودأب العاملون في الدار سنوياً على تنظيم هذا الحفل الذي انتقل مؤخراً إلى أجواء البر، وكان ينظم في مبنى الدار المتواضع الذي كرم فيه العديد من الشعراء والأدباء والفنانين من البحرين ودول الخليج العربية.