رصد تقرير أصدرته جمعية الإرادة والتغيير الوطنية أن المليشيات الخارجة عن القانون استخدمت خطباً محرضة للعنف واستخداماً سياسياً للمنابر الدينية، واستخدام مكبرات الصوت في دور العبادة لبث خطابات الكراهية والتحريض.
وأشار التقرير، الذي رفعته اللجنة المكلفة بمتابعة الأحداث التي مرت بها البحرين من 13 إلى 16 فبراير الجاري إلى الأمانة العامة بجمعية الإرادة والتغيير الوطنية، أن المليشيات الخارجة عن القانون أغلقت الشوارع الرئيسة بالحاويات والإطارات ونثرت الحجارة والمسامير وسكبت الزيوت على الأرض بهدف منع المواطنين والمقيمين من التوجه إلى أعمالهم، وعمدت إلى حفر الشوارع باستخدام آلات ومعدات ثقيلة وإسقاط أعمدة الإنارة لسد الطرق، فيما شكا بعض أولياء الأمور من قيام المليشيات الخارجة على القانون بإغلاق بعض المدارس بالقوة ومنع وصول الطلبة والمدرسين إليها، وخروج بعض المسيرات الصغيرة التي يقودها ملثمون داخل القرى بهدف التحشيد ورصد المتوجهين إلى الأعمال وتهديدهم، كما لوحظ وجود إغلاق شبه تام للمتاجر الصغيرة في القرى والتي يعمل بها بعض العمال الأجانب.
والتقرير يوثق تطورات الأوضاع، وما قامت به اللجنة لمساعدة المواطنين والمقيمين ورصد ومتابعة كل ما يتعلق بالوضع من تجاوزات قانونية أو أعمال تخريبية أو انتهاكات لحقوق الإنسان. وأعربت الأمانة العامة عن عميق شكرها للجنة المتابعة التي قامت بعملها بحرفية عالية وشجاعة، حيث تم تشكيل غرفة عمليات داخلية مشتركة من اللجان والوحدات ذات العلاقة والتي قامت بجهود استثنائية.
كما شكرت الأمانة العامة المتطوعين من أعضاء الجمعية والمواطنين، خصوصاً من سكنة القرى، الذين قدموا التسهيلات والحماية لأعضاء اللجنة أثناء قيامهم بعملهم، كما قدمت الشكر للمتقاعدين وربات المنازل والمقيمين الذين قاموا بجهود جبارة لتسهيل عمل اللجنة.
وخلصت اللجنة في تقريرها أنها قسمت عمليات المتابعة إلى ثلاثة أقسام: المتعلق برصد تصريحات وبيانات كافة الأطراف وتعامل وسائل الإعلام معها، والمتعلق بترتيب ومتابعة التقارير الميدانية التي يقوم بها الفريق المكلف وتزويده بالأدوات الفنية المتاحة بهدف تجويد مخرجات العمل. والمتعلقة بمتابعة الشكاوى الواردة إلى الجمعية وتوثيقها حسب دليل الشكاوى المبدئي المتوفر، ومن ثمة إحالة الشكوى إلى الدعم والمساندة النفسية أو الإجرائية أو القانونية. وذكر التقرير أن الجولة الميدانية الأولى كانت بتاريخ 13 فبراير، حيث لوحظ وجود تهديدات واستعدادات حقيقية من بعض المليشيات الخارجة عن القانون تهدف إلى منع المواطنين والمقيمين من التوجه إلى أعمالهم صبيحة اليوم التالي وتمثلت هذه التهديدات بما يلي: توزيع منشورات تهديدية على المنازل والمحال التجارية تدعو بشكل صريح إلى ما سمي إضراباً تحت التهديد بإلحاق الأذى الجسدي بهم وبممتلكاتهم، ولاحظت اللجنة أن هناك منشوراً مضاداً تم توزيعه بشكل محدود جداً في وقت لاحق يتنصل من المنشور التحريضي ويتهم جهات أمنية بالوقوف خلفه، ويؤكد في نفس الوقت أن أتباعه هم من قاموا بالتوزيع والنشر.
ولاحظت اللجنة وجود حالة من التوتر؛ مما اضطر كثير من العائلات إلى النزوح من مناطقهم إلى مناطق أكثر أمناً حرصاً على سلامتهم وأمن عائلاتهم. وعمدت المليشيات إلى تجميع إطارات السيارات ومخلفات البناء وحاويات النفايات بالقرب من مداخل القرى بهدف استخدامها صبيحة اليوم التالي لإجبار المواطنين والمقيمين على البقاء في منازلهم والعمل على إعاقة حركتهم. وتم استخدام مكبرات الصوت المخصصة لدور العبادة لتحشيد الجموع وإطلاق دعوات تحريضية شملت عدة أطراف، والملاحظ ارتفاع النبرة التهديدية لمن سموا بالعملاء. وصبيحة 14 فبراير توجهت اللجنة ضمن فرق عمل في زيارة ميدانية ثانية إلى مختلف المناطق لمتابعة التطورات وتقديم المساعدة لمن يحتاجها وكانت الحصيلة قيام المليشيات الخارجة عن القانون بإغلاق الشوارع الرئيسة بالحاويات والإطارات ونثر الحجارة والمسامير وسكب الزيوت على الأرض بهدف منع المواطنين والمقيمين من التوجه إلى أعمالهم. وعمدت المليشيات إلى حفر الشوارع باستخدام آلات ومعدات ثقيلة وإسقاط أعمدة الإنارة لسد الطرق. وشكا بعض أولياء الأمور من قيام المليشيات الخارجة على القانون بإغلاق بعض المدارس بالقوة ومنع وصول الطلبة والمدرسين إليها. وخروج بعض المسيرات الصغيرة التي يقودها ملثمون داخل القرى بهدف التحشيد ورصد المتوجهين إلى الأعمال وتهديدهم. ولوحظ وجود إغلاق شبه تام للمتاجر الصغيرة في القرى والتي يعمل بها بعض العمال الأجانب.
ثم تابعت اللجنة ما صدر عن كافة الأطراف بخصوص وفاة الطفل حسين على الجزيري (16 عاماً) في منطقة الديه أثناء وجوده في منطقة صراع ضمن مجموعة من الأحداث.
كما تابعت ما صدر عن كافة الأطراف بخصوص استهداف رجل الأمن محمد عاصف الذي لفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة مقذوفة حارقة أثناء وجوده على رأس الواجب في منطقة السهلة. وتم تكليف وحدة حقوق الإنسان والوحدة القانونية بمتابعة تلك الحالتين ومخاطبة الجهات الرسمية لمعرفة كافة التفاصيل والإجراءات المتبعة للوقوف على حقيقة ما جرى بدقة ليتسنى معرفة المسؤول والمطالبة بمحاسبته.
كما تلقت اللجنة ستة شكاوى عن وجود مصابين أحدهم في الديه وآخر في السهلة وأربعة في منطقة المصلى، أحجم بعضهم عن الذهاب بسبب وجود وعود من جهات سياسية بعلاجهم في منشآت صحية خاصة، بينما منعت المليشيات ذويهم من التوجه بهم إلى المستشفى خشية القبض عليهم، وفشلت كل محاولات إقناعهم بخطورة ترك الإصابات المفتوحة بعيداً عن العناية الطبية. وأشار التقرير أن غرفة العمليات المشتركة بذلت جهوداً مشكورة على مدار الساعة من أهمها إتمام توزيع 20 ألف منشور بخمسة لغات على كافة المناطق حتى صباح 14 فبراير، دعت فيها المواطنين والمقيمين إلى عدم السماح لأي كان باختطاف إرادتهم وتطويعهم لتنفيذ أمر خارج قناعاتهم، وتوجهت لعدد من مساكن العمال بما توفر من ترجمة لبعض اللغات وشرحت لهم عدم قانونية هذه الدعوات وآثارها وقدمت لهم الإرشادات المتعلقة بالتعامل مع الوضع.
وقدم أعضاء اللجنة الإرشادات للمواطنين والمقيمين بالطرق الآمنة والسليمة للسير خلال التوجه إلى أعمالهم تفادياً للوقوع في الكمائن التي نصبها المخربون. وقامت الجمعية وبمساندة الأعضاء والمتطوعين (جلهم من ربات المنازل والمتقاعدين والأخوة المقيمين) بتوفير عدد من وسائل النقل لتوصيل الموظفين والطلاب (من الجنسين)، خصوصاً العاملين في الحقل الطبي إلى مواقع العمل مع وجود بعض التأخير البسيط. وقامت اللجنة برصد وتوثيق العديد من الانتهاكات التي قامت بها المليشيات في حق الأهالي والمقيمين، وستصدر وحدة حقوق الإنسان تقريراً خاصاً بذلك. وخلصت اللجنة في نهاية التقرير المرفوع للأمانة العامة إلى وجود تقصير حكومي ملحوظ في التعامل مع مثل هذه الأحداث حصره التقرير فيما يلي:
«الداخلية»
- لم تقم الجهات الأمنية بما يلزم لتوعية المواطنين والمقيمين بما يجب عليهم القيام به وتركتهم في حيرة من أمرهم ولم تفعل طرقاً للتواصل معهم والتعامل مع شكاواهم ومعاناتهم.
- لا يحق لوزارة الداخلية إجراء أي نوع من التحقيقات مع المصابين إلا بعد تلقيهم العلاج المناسب كاملاً، كما طرح التقرير أسئلة عن مدى التنسيق بين وزارتي الداخلية والصحة في ظل ما يتردد عن وجود تجاوزات في المؤسسات الطبية الخاصة.
- عدم توفير التسليح المناسب لأفراد الأمن للتعامل مع الأوضاع الخطرة، مما أدى إلى تكرار سقوط الضحايا أثناء فض مظاهر العنف.
- عدم توفير الأمن لأهالي المناطق في حزام العنف، وأن مسؤولية الدولة توفير الحماية والأمن لهم والتعامل مع الشكاوى المقدمة منهم بشكل أكثر مرونة بعيداً عن الطرق البيروقراطية، خصوصاً مع وجود حالات عنف جسدي وتحريض ضد مواطنين ومقيمين بسبب اتهامات بالعمالة.
وزارة العدل
- رصدت اللجنة خطباً محرضة للعنف واستخداماً سياسياً للمنابر الدينية.
- تم استخدام مكبرات الصوت في دور العبادة لبث خطابات الكراهية والتحريض، وهو ما تستمر الوزارة في تجاهله دون أي تحرك يذكر.
وزارة العمل
لوحظ غياب كامل لدور وزارة العمل رغم الادعاءات المتكررة للوزارة بأنها تقوم بمسؤولياتها تجاه العمال، إلا أنها تعاملت مع دعوات الإضراب بالكثير من التجاهل، وكأن هذه الدعوات تُعنى العمال في دولة أخرى دون توجيه أو تثقيف أو ترتيبات.
كما ذكرت اللجنة المشتركة أنها ومن خلال متابعتها للخطاب الإعلامي والإجراءات المتخذة من قبل كافة الأطراف؛ فقد بدا واضحاً وجود تنسيق بين المليشيات وبعض القوى السياسية الراديكالية على مستوى الخطاب السياسي والعمل الميداني على الأرض. ومن حيث الخطاب الإعلامي؛ فقد ذكر التقرير أن وسائل الإعلام لم تخرج عن نمط التقسيم المعتاد، لكنها نبهت أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تحمل رسائل عنف وتوجيه للعمل الميداني العنيف وخطاب كراهية ملحوظ.