عاشت البحرين أيام ذكرى ميثاق العمل الوطني وفي قلوب الشعب فرحة غامرة، وهم ينتظرون الاحتفال بهذا اليوم الوطني الذي كان فاتحة خير على شعب المملكة، وتحققت إثره طفرة تقدمية في شتى مجالات الحياة، بحيث أصبحت البحرين محط أنظار الدول الأخرى. لكن الابتسامة أراد لها البعض ألا تكتمل، فعبثت بها اليد الآثمة بقصد تحويلها إلى أحزان، فدعت إلى العصيان المدني في محاولة لشل عصب الحياة في يوم يعبر فيه المواطنون عن حبهم وانتمائهم لهذه الأرض المعطاء، وكانت ملاذاً للآمنين ووجهة الوفود على مر العصور. كذبة السلمية هي كل ما رأيناه فيما أسموه ذكرى «الثورة» المزعومة، ومطالبتهم بالديمقراطية الحقيقية هي شعار رفعوه زوراً، فهناك من يفرق بين البشر ويرى أن من يقف ضد أهدافهم من المواطنين ورجال الأمن ويدافع عن وطنه ضد التدخلات الأجنبية والعدوان هو «مرتزق»، بينما من يعتدي ويرمي الزجاجات الحارقة «المولوتوف» ويغلق الشوارع بالإطارات المشتعلة هو «صامد»، فكم رأينا من اعتداءات خلال الأيام التي واكبت يوم 14 فبراير وما تلاها من أيام من بشاعة وحقد على الوطن، ولأجل ماذا غير أنهم يبحثون عن السلطة من خلال إسقاط النظام وإلغاء إرادة السواد الأعظم من الشعب، والذين يرون أن لا انقلاب على الثوابت الوطنية والدستور. نحن لا نختلف أن هناك أخطاء وتجاوزات من جميع الأطراف لأن الإنسان ليس معصوماً عن الخطأ، ولكن ليس معنى هذا أن نثير الفوضى ونعيث الفساد في البلاد، كما لا ننكر أن الجميع يبحث عن وطن يتحقق فيه الأمن والأمان ويتمتع به المواطن بالحقوق، ونرى أن البحرين قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا الشأن بعكس ما تريد أن تصوره المعارضة، فيدخلون معك الحوار من جهة ويلهبون الشارع من جهة أخرى حتى تخضع الحكومة لمطالبهم، تلك المطالب التي يراها أهل الفاتح ضرباً من المستحيل وإسقاطاً لكل المؤسسات الحكومية بشكل غير مباشر. ولكل من يدعي أنه مع حقوق الإنسان والديمقراطية يتساءل المواطن البسيط عن سبب خوف الانقلابيين من أن تنقل الصورة الحقيقية لما يجري في البحرين، ويستنكر الاعتداء على المصورين والإعلاميين الذين يقومون بعملهم ولا دخل لهم بالسياسة، فمن أراد أن يعبر عن رأيه والمطالب التي يخرج من أجلها فإن الإعلام موجود لإيصال أي صوت بمنتهى الحرية، لكنهم يعلمون أن الحرب الأقوى هي إعلامية بعد أن يأسوا من محاولة جر البلاد نحو الحرب الأهلية، وحقيقة الأمر أن ذلك لن يبقي ولا يذر وستطال ويلاته الجميع، ولن يهنأ لأحد البال وهو يشعر دائماً أن هناك من يتربص به. وفاتان و75 إصابة هي حصيلة الضحايا في صفوف الأمن العين الساهرة لحماية الشعب خلال 3 أيام، تراهم لا يغمض لهم جفن ولا يتوانون في الدفاع عن وطنهم، حتى مع تزايد وتيرة العنف باستخدام الإرهابيين للأسلحة النارية والكشف عن 19 جسماً غريباً قابل للانفجار، في وقت ينشد فيه المواطنون أن تنتهي هذه الأزمة وعينهم على الحوار وما سينتج عنه من توافقات وحلول، فقد آلم الشعب خسارة الأرواح الطاهرة لشهداء الواجب والذين قدموا دماءهم رخيصة في سبيل الوطن، وعليه فإن فرض القانون هو من الأمور الأساسية التي يرتكز عليها أي قرار، يخرج هذا وذاك لينشدوا الحياة الكريمة برؤيتهم لكنها يجب أن تكون من دوافع وطنية لا طائفية، من جانب يستذكر الشعب مع هذه الأيام وقفة الفاتح في 21 من فبراير ونظرتهم إلى الغد الأجمل.
عبدالله الشاووش