كتب ـ جعفر الديري:
سيد حسن الساري، فنان من جيل الشباب، أضاف إلى الفن التشكيلي في البحرين جديداً مستمداً من روافد الفن العالمي لم تكن معهودة قبلاً بالفن البحريني.
رائد الفن البحريني عبدالكريم العريض، يشير إلى استخدام العتمة والضوء المباغتة للمشاهد في لوحات الساري، ويقول إن الساري يخطط أعماله باللون الأسود ويضيف إليها ألواناً أخرى لا تتعدى بمجملها ثلاثة ألوان، الأخضر والبرتقالي غالباً ولون محايد ربما الأبيض أو البنفسجي.
الطرح والتقنية
لا يعول الساري على ثيمة العتمة والضوء فقط، ويلفت النظر إلى مسألة الطرح والتقنية، ولزوم ارتباطهما بإمكانيتين لدى الفنان، هما البعد الثقافي في الشق الأول، وكيفية التكوين للوغول في عمق القضايا الإنسانية وبنائها وتصورها مبدئياً، وثانياً إمكان التعامل مع تقنيات مختلفة يكون لها بالغ الأثر في نضج النتيجة النهائية للموضوع المبنية على أساسه الفكرة.
وكلا الشقين يأخذهما الساري بعين الاعتبار، يستخلص الموضوع ذي الحس الإنساني القريب من الحياة اليومية ويخرجه من عمق التجارب المتعددة والدراسات السابقة، بما يتيح للمتلقي فرصة تخيل البعد النفسي، وينهي به المزج اللوني لإخراج نتيجة ترضي الجمهور وذواقي الفن التشكيلي.
ويرى أن الفن لا يأتي بمحض الصدفة إنما بالعمل المتراكم، ما يجعل التزاوج بين الفكرة والتقنية متلازمان ببعضهما في التطور والارتباط.
ركود الحركة
ورغم بروزه مع ثلة مختارة من الفنانين الشباب، ينفي الساري أن يكون الفن البحريني تراجعاً إلى الوراء «إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما وصل إليه في الأعوام السابقة، ربما توقف عند حد معين أو أخذ في تطور بسيط جداً ودخل نفق التكرار، لكن ما يجعلنا ننظر إليه على أنه تراجع، هو الحركة الفنية التي أخذت بالركود بشكل واضح على مستوى العالم، وظهور كثير من المتطفلين، ما جعل لخلط الأوراق أثراً سلبياً ملحوظاً». ويقول إن هناك أمراً آخر علينا أخذه بعين الاعتبار، وهو أن عدد الفنانين في الجيل الأخير كان قليلاً جداً، لكن في الجيل اللاحق ظهرت على السطح تجارب مختلفة كسرت التكرار، وبما أن العدد الجديد قليل، أخذ بعين الاعتبار بطء الحركة التشكيلية، قياساً بعقود سابقة كانت فيها الساحة ساخنة والحركة نشطة.
بدءاً من الستينات قبل أن تكون هناك جمعيات رسمية، وصولاً إلى تأسيس أسرة هواة الفن والأدب، وبعدها جمعية البحرين للفن المعاصر الأولى في الخليج عام 1971، ومشاركة الرواد في معرض «كريفن كراريز» الأول على مستوى المنطقة، والذي يعرض بأكثر من دولة، برز هنا الفنان حسين السني حينها بعمل «القلاف»، وجميع تلك العوامل ـ على حد قول الساري ـتعطي صورة مختلفة عن حركة بطيئة، كانت نشطة سابقاً.
اختصار التوظيف
يعنى الساري كثيراً بالشخوص، ويرى أنها عنصر مهم وأقرب لإيصال الفكرة من أي عنصر آخر، ليس بالنسبة له وحسب بل هو العنصر الأكثر استخداماً عند أكثر الفنانين على حد قوله، وإن اختلف التوظيف أو الأسلوب المتبع.
ويقول «الشخوص مكون واسع في التوظيف، يشكل تحدياً للفنان كونه حساساً في كيفية التعامل معها وتوظيفها بالشكل الصحيح وفي المكان المناسب»، لكن ذلك لا يعني عدم توظيف أكثر من عنصر في العمل، فذلك من شأنه أن يجعل العمل شيقاً أكثر بالنسبة للمتذوق، وإن كان كثير من الفنانين يعتمدون على الاختصار الشديد في توظيفهم اللوني وعدد ثيمات العمل.