من المتوقع أن تستمر موجة بطء النمو الاقتصادي التي سادت دول منطقة اليورو الهامشية، في استنزاف دول منظومة العملة الموحدة الرئيسية خلال العام الحالي، في وقت لا تكاد تحقق فيه كل من ألمانيا وفرنسا نمواً يذكر، وذلك وفقاً لآخر التوقعات التي نشرتها المفوضية الأوروبية.
ويصاحب هذه الصورة الاقتصادية المتدهورة التي من المتوقع أن لا يتجاوز فيها نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا سوى 0,1% وألمانيا 0,5% فقط خلال هذه السنة، تراجعاً يقدر بنحو 0,3% في نمو المنطقة ككل، وفقاً لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية.
ويقول أولي ريحن، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية: "يشير ضعف النشاط الاقتصادي في نهاية 2012 إلى بداية ضعيفة في 2013. ويمكن تلخيص الوضع الراهن في الأرقام المحسوسة المخيبة للآمال في نهاية السنة الماضية والأرقام المشجعة غير المحسوسة في الماضي القريب وثقة المستثمر المتصاعدة في المستقبل".
ومن المرجح أن تتأثر البلدان التي طالبت بدعم الاتحاد الأوروبي المالي بنسبة أكبر، خاصة اليونان والبرتغال وإسبانيا التي من المتوقع أن تعاني من ركود أكثر حدة خلال هذه السنة وأن تجد صعوبة في العودة إلى النمو خلال العام المقبل.
وبعد تراجع نموها بنحو 7,1% خلال 2011 و6,4% في السنة الماضية، من المتوقع أن تشهد اليونان تراجعاً خلال هذا العام للسنة السادسة على التوالي لينخفض نشاطها الاقتصادي بنحو 4,4% مقارنة بتوقعات شهر نوفمبر عند 4,2%.
كما من المنتظر أن يبلغ معدل البطالة في اليونان 27% خلال هذه السنة بزيادة عن 24,7% في 2012، بينما تشهد البرتغال زيادة لتصبح نسبة البطالة فيها 26,9%.
وستشهد البرتغال التي بدأت تقل فيها فعالية الدعم السياسي لتدابير التقشف المصحوبة ببرنامج الدعم البالغ 78 مليار يورو، ارتفاعاً في نسبة البطالة يقدر بنحو 17,3% هذه السنة.
وتهدد الصورة القاتمة، الجهود التي تبذلها منطقة اليورو في سبيل تقليل مستويات الدين في مختلف دولها. ومن المتوقع أن تبلغ مستويات ديون حكومات المنطقة 95,1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2013، وهو أعلى مستوى منذ طرح العملة الموحدة.
وربما يجعل ذلك من الصعوبة للعديد من حكومات دول المنطقة الإيفاء بالتزام الاتحاد الأوروبي الخاص بخفض مستويات العجز المالي. ومن المتوقع أن يبلغ العجز في فرنسا 3,7% من الناتج المحلي الإجمالي، بفشل واضح في المستوى المستهدف عند 3%، الشيء الذي ربما يرغمها على فرض عمليات خفض جديدة لتحقيق ذلك المستوى.
وعلى الاتحاد الأوروبي تقرير ما إذا كان يعود فشل فرنسا في تحقيق أرقام العجز المستهدفة، إلى بطء الحكومة في اتخاذ الإجراء اللازم، أم للصدمة الاقتصادية المباغتة. ومن الممكن أن يعمل الاتحاد على تأجيل الحد الأقصى بسنة أخرى في حالة كان السبب خارجاً عن إرادة الحكومة الفرنسية وأنها بذلت ما في وسعها لإصلاح وإنعاش الاقتصاد في المستقبل.
كما من المتوقع أن تعود الزيادة التي فرضتها الحكومة على الضرائب، بعائدات إضافية تقدر بنحو 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد أن قدراً كبيراً من الإخفاق في تحقيق الأهداف المرجوة تعود أسبابه إلى الركود الاقتصادي.
وجاء في تقرير المفوضية أن نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع دون الاحتمالات، سيؤثر سلبياً على العجز المالي على الرغم من الخفض الذي حققه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في العجز الهيكلي. ومع أن إسبانيا حُظيت بتأجيل في العام الماضي، إلا أن البيانات الواردة حديثاً تؤكد مدى صعوبة الطريق أمام مدريد للوصول إلى تحقيق الأهداف الجديدة رغم سهولتها. وكان من المفترض أن تحقق إسبانيا خفضاً في عجزها إلى 5,3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، لكنها وبدلاً من ذلك كادت أن تضاعف النسبة بتحقيقها لنحو 10,2%، النسبة الأكبر على الإطلاق في دول الاتحاد الأوروبي.
ومن المتوقع أن يبلغ عجز إسبانيا خلال العام الحالي 6,7%، بعيداً عن النسبة المستهدفة عند 3%. وبدون أي تدابير تقشف إضافية، من المتوقع أن يقفز العجز في إسبانيا مرة أخرى ليبلغ مداه 7,2% خلال 2014، حسب التوقعات.