إنا على فراقك يا أميرتي لحزينون، رحلت عنا دون كلام ولا ألم، وحزني على فراقك ليس حزني أنا فقط، بل حزن أبنائك وبناتك وأحفادك وزوجات أبنائك جميعاً، وقلب كل إنسان دخل بيتك وجلس في مجلسك، كنت أمي وروحي وحبي الكبير منذ كان عمري سبع سنين.
مؤلم فراقك، أتخيلك فترتسم بسمتك وصورتك وضحكتك وحكاياتك العذبة على قلبي، ويشهد الله أني أحبك ومازلت أحبك، وأن فراقك جعل أيامي جرحاً وعذاباً. يوم وداعك، انهمرت دموعي من عيني وأنا بين يديك، ولم أكن أشعر بها إلا حين رحلت عنا.
تسألني الدنيا والدمعة في عيني هل أشتاقك؟ وليتك تنظرين إلى حالي بعد غيابك، فاشتياقي لك يمزق قلبي وروحي.
أسأل نفسي ماذا أكتب عنك؟ فينطلق الشوق يحكي عنك، وعن لحظات الحنين من داخل جوفي ليرسم ملامحك، وأسمع صوت أنفاسك.
كنت في بعض الأوقات ألجأ إليك في ليل أو نهار حتى صرت لي الصدر الحنون الذي أنام عليه، يا لعمق شوقي ولهفتي لعينيك ولمس كفيك فأنا أحبك بصدق، أحبك يا أميرتي، فليتك تتكلمين حتى أسمع صوتك!.
كنت أراقب إشارات عينيك وأصابعك حتى لو لم تنطق شفتاك، أراقب صمتك وأشعر أنك تتكلمين معي.
ماذا أكتب عنك؟ فذكرت واسمك لا يمكن أن أنزعه من وسط قلبي، فرحيلك مصيبة كبرى أصابت قلبي، لمن سأبوح بأسراري إن ضاق صدري بعدك؟.
حاولت ألا أحزن وألا أبكي في غيابك ولكن صراخ قلبي يطبع صورتك في روحي وخاطري، رحلت مبتسمة كعادتك، وأنا وحدي هنا أشتاق إلى أحضانك كما كنت أفعل في طفولتي.
تمر بي الذكريات، وأراني ألعب في ساحة البيت الكبير، وصوتك يناديني من غرفتك، وخوفك علي من الشمس أن تحرقني يسبق نداءك، أتذكر قصصك وأحاديثك العذبة، وصوتك الدافئ عندما تتحدثين معي. كيف أنساك؟ وكل شيء حولي يذكرني بك، دخولي عليك كل خميس بعد العمل، وأنت جالسة في مجلسك تشاهدين التلفزيون وعينك ترقب الباب تنتظرين وصولي، فإن تأخرت دقيقة واحدة يرن هاتفي وأسمع صوتك ولهفتك تناديني وتسألني «وينج؟ تأخرتي؟ أحاتيج».
كنت بسيطة، حبيبة، متسامحة.. تشبهين بياض قلبك الطاهر، فكيف أتحمل فراقك أيتها الغالية؟.
سامحيني حلليني على تقصيري، وتذكري أن حبك يسكن ضلوعي، وأني أفتقدك يا أعز إنسانة تسكن في عيني، فبعدك فقدت الحب والإحساس، وإن رأيت صورتك أحتضنها في صدري وأقول رحلت العزيزة الغالية. إلى آخر لحظة من عمرك، كنت موجودة معك، كنت أصرخ بأعلى صوتي يا ربي ارحمها يا ربي ارحمها! وبعد رحيلك حتى تراب المقابر تبلل بالدموع فقد كان رحيلك رحيلاً بلا رجوع.
ها أنا الآن بقيت وحيدة بعدك، فقد ترك غيابك مساحات شاسعة في حياتي ولم يتبق لي غير الأوفياء لك نورة، لطيفة، شيخة، مريم، ثاجبة، عائشة، لولوة، خليفة، فاطمة، ناصر، ناهد، بسمة، مشاعل، جواهر، مبارك، منيرة، وأحمد وغيرهم من اللذين تملكهم حبك.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أم عيسى لحزينون، إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فسيح جناتك.
سمية الرويحي