مع هذه الأيام يتذكر شعب البحرين الوقفة الوطنية الكبيرة التي خرج فيها المواطنون في 21 من فبراير قبل عامين، ذلك التاريخ الذي سيظل يتذكره من عاش الأيام العصيبة التي مرت على مملكة البحرين، عندما انتفضوا وخرجوا من صمتهم ليقولوا لا للإرهاب والتآمر على ثوابت وسيادة الوطن، فضلاً عن الأجيال التي ستتناقل هذه الوقفة العظيمة التي رآها العالم بأسره وعرفوا بأن هناك شعباً مستعداً للتضحية بأرواحهم رخيصة في سبيل الوطن.
نعم يعود تجمع أهل الفاتح في الذكرى الثانية رغم دعاوي التحبيط ومحاولة شق صف شارع الفاتح، عاد الشعب كبيرهم وصغيرهم نساؤهم ورجالهم من كل مناطق المملكة ليقولوا بأننا موجودون وعلى العهد باقون، ونجح هذا التجمع ورد فيه من حضر على من قال بأن التجمع قد توفى بعد عامين من ولادته، ليوصلوا لهذه الأصوات بأن شارع الفاتح لا يمكن أن يموت لأن ما أخرج هؤلاء هو ثباتهم على المبادئ، لم تخرجهم دعوة جمعية أو أشخاص معينين بل غيرتهم على الأرض التي ولدوا وعاشوا عليها، مع أن الكثير لم يكن متواجداً لكن قلبه لا يعرف معشوقة غير البحرين.
قد يختلف شخص على مواقف رؤساء التجمع أو بعض الجمعيات لكن ذلك لا يعني بأن حضوره من عدمه هو ما يقرر ولاءه أو انتماءه، لأننا لا نختلف أن الكل يحب وطنه ويريد أن يعيش بأمن وأمان في بيته مطمئناً على نفسه وماله وعرضه، لكن غياب الرموز والقادة في المواقف المصيرية أو خجلهم من التحدث بصراحة عن الأمور وما يجري في البحرين قد يبعد البعض عنهم، ويجعله يفكر بأن هذه التجمعات لا طائل منها لأنها لم تلامس احتياجاته الأساسية المباشرة، في ظل تصاعد العمليات الإرهابية ضد رجال الأمن والمواطنين والمقيمين، ودون قانون رادع لهذه الأعمال الإرهابية التي راح ضحيتها الأبرياء من شهداء ومصابين.
كما إن الناس قد ملوا من لغة الأرقام والمنافسة فيما بين تجمعات المعارضة وتجمعات الفاتح، مع إن الكل يعرف الحجم الحقيقي في كل تجمع والذي من الطبيعي أنه سوف يقل مع مضي الزمن، حتى مع اختلاف الدوافع والأسباب التي دعت إلى خروج هذا الطرف أو ذاك، ولكن الأهم هو أن يعبر المواطن عن رأيه دون انقياد ودون أن يتحكم بعقله أو مصيره أي شخص، لأن المحب لوطنه يجب أن يكون لبنة بناء لا معول هدم. رفرفت أعلام مملكة البحرين وتمازجت معها أعلام دول الخليج العربي والدول التي تعاني من العدو المتربص نفسه ليؤكدوا على وحدة المصير والعروبة، وكان لتواجد الشخصيات الوطنية والجموع الغفيرة من مختلف الأديان والأعراق هيبة تبعث الشعور بالعزة، اجتمعوا رافعين اللافتات وهتفوا بالعبارات التي تلخص مطالب أهل البحرين دون طائفية، ورفضوا بأن تتحدث جمعيات التأزيم باسم الشعب لأنها لا تمثل إلا نفسها، وليقفوا صداً منيعاً ضد إقصائهم ومصادرة حقوقهم وكلمتهم لحساب الدول المتآمرة أو الاجتماعات من تحت الطاولة.
ومن هنا نثمن توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر بخصوص دراسة مطالب أهل الفاتح التي ألقيت في بيان تجمع الفاتح بعراد.
عبدالله الشاووش