كتب ـ جعفر الديري:
العداء بين الإخوة الصغار مشكلة شاخصة لا يمكن نكرانها، ويزعم البعض أنها صناعة أبوية بامتياز، حيث يمايز الأبوين بين الأبناء منذ الصغر، ما يؤجج الحقد والغيرة ونار العداوة بينهم!.
الأبوان غالباً وعن حسن نية يصبون اهتمامهم على طفل دون آخر، الأصغر سناً والأكثر اجتهاداً وطاعة والأقل عبثاً وتخريباً، والمحصلة غيرة تأكل قلوبهم الصغيرة لا يستطيع الوالدين لها رداً.
نار الغيرة
تعتقد خديجة خليل أم لولدين وبنت في الثالثة بصحة هذا الرأي «العداوة بين الإخوة صناعة أبوية بامتياز، يشعل جذوتها الآباء والأمهات بسلوكيات غير مسؤولة وعن طيب نية».
ترى خديجة أن الأم تحديداً هي المسؤولة عن تربية الأبناء بينما والأب يؤدبهم «الأم تغرس جذور العداوة حين تفرق في معاملة أطفالها، أفهم أن الأم ربما تكره ابن زوجها، وتمايز في معاملتها له مع باقي أبنائها، لكن ما بال أمهات يفرقن بين أخ وأخته؟!».
ويشير صادق حسن وهو أب لثلاثة أولاد إلى نقطة يعتبرها جوهرية وأساسية للعداوة بين الإخوة، تتمثل في إنجاب الأبناء واحداً إثر آخر، وعاماً بعد عام «النتيجة أنك تجد في البيت 4 أبناء أو أكثر في ظرف 5 سنوات، وجميعهم يحتاجون لاهتمام وعناية».
ويرى صادق من الطبيعي في مثل هذه الحالة أن يشعر الأبناء بالغيرة «الأم عندما تخص طفلها الأول بالاهتمام، تقسم عنايتها على إثنين، ثم على ثلاثة وأربعة، ولا تستطيع عندها التمييز بشكل جيد، فتولي أحدهم عناية أكبر، ليتولد الكره لدى باقي أشقائه، وينذر بمشاعر سلبية مؤذية».
كره مستتر
وينبه رضا فاضل وهو زوج وأب منذ أكثر من 20 عاماً، إلى نوع مستتر من العداوة، تخلقه العلاقة المشوهة بين الإخوة وحتى الأشقاء منهم، بفعل سلوكيات الآباء وعدم عنايتهم الكافية بأبنائهم.
ويوضح «هناك عداوة مبطنة بين الإخوة، تبذر في الصغر وتكبر فيهم، فهم لا يتعاركون بالأيدي، ولا يتجادلون ولا يتبادلون السباب، لكنهم لا يعبأون بأمر بعضهم، إلى درجة أن أحدهم يرقد في المستشفى فلا يسأل عنه إخوته، أو يتزوج فلا يعنون حتى بمجرد الاتصال به، وكل ذلك كره مستتر، أشد على النفس من وقع الحسام المهند!».
ويتابع «جمعتني وأحد هؤلاء صداقة أيام الشباب، وأتذكر أنه في أحد الأيام كان يقلني إلى البيت، عندما اصطدمت سيارته بسيارة أخيه، ورغم استعداده لإصلاح السيارة، دون حاجة للذهاب إلى قسم المرور، أصر أخوه على كتابة المحضر، رغم علمه أن تسجيل السيارة منتهٍ».
التوعية حاجة
نجيبة سلمان هي الأخرى أم لثلاثة أولاد، تؤكد حاجة جميع الآباء والأمهات إلى دورات تدريبية في طرق التعامل مع الأبناء «جميعنا بحاجة للتعرف على الخبرات السابقة، والأساليب الحديثة، خاصة أن هناك مواقف تجد المرأة نفسها فيها محتارة لا تعرف كيف تتصرف».
وتضيف «وجدت كثيرات ممن تقدمن في السن، يملؤهن الندم والألم، عندما يتعارك أبناؤهن أمامهن، وكل واحد يدعي أن أمه تحبه أكثر، وهذا ليس صحيحاً طبعاً، لكن الطريقة التي تبدي فيها الأم محبتها لأحد الأبناء وكذلك اختيار الوقت السيء، يخلق في نفس الآخر إحساساً بالانقباض تتحول إلى مشاعر كراهية، وهناك مواقف كثيرة على هذه الشاكلة تتعرض لها الأم، وليس لها إلا أن تخضع لدورات تجنبها الخطأ».