العمرة هي زيارة المسجد الحرام في مكة للقيام بمناسك خاصة، كالطواف، والسعي والحلق. والعمرة مشروعة بأصل الإسلام، أما حكمها فذهب العلماء إلى قولان، الأول يرى أنها واجب، وهو مذهب الإمامين أحمد بن حنبل والشافعي، واستندوا في رأيهم على ما رواه أهل السنن عن أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي محمد فقال: «إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال النبي: حج عن أبيك واعتمر»، وما ذكر في القرآن: (وأتموا الحج والعمرة لهء...)، أما الرأي الثاني فيرى أنها سنة وهو مذهب مالك بن أنس وأبي حنيفة واستندوا في ذلك إلى ما رواه جابر بن عبد الله أن النبي محمد سئل عن العمرة: «أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك».
وفرضت العمرة في السنة التاسعة للهجرة، ويصح أداء العمرة طوال أيام السنة، بمعنى أنه لا وقت محدد لها باستثناء أيام الحج، والعمرة تختلف علن الحج، إذ إن الحج ركن من أركان الإسلام وواجب على كل مسلم قادر، كما إن له وقت محدد لأداء مناسكه وهذا عكس العمرة.
وتبدأ مناسك العمرة بأن يقوم المعتمر بالإحرام من المواقيت المحددة، ثم التوجه إلى مكة ودخول المسجد الحرام، ويقوم المعتمر بعد ذلك بأداء الطواف ثم السعي بين الصفا والمروة، وتنتهي المناسك بالحلق أو التقصير.
فضل العمرة
وردت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل أداء مناسك العمرة، وعن الثواب الذي يجنيه المسلم جراء أداء هذا النسك، ومن أبرز هذه الأحاديث: ما رواه أبو هريرة عن النبي محمد أنه قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وما ورد في سنن ابن ماجة عن النبي محمد أنه قال: «الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم»، وما رواه عبد الله بن عمر عن النبي محمد أنه قال: «من طاف بالبيت، لم يرفع قدماً ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة، وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة»، وما ورد في صحيح البخاري عن النبي محمد أنه قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»، وما ورد في سنن الترمذي عن النبي محمد أنه قال: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب بالمغفرة كما ينفي الكير خبث الحديد»، وما روته عائشة بنت أبي بكر عن النبي محمد أنه قال لها في عمرتها: «إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك».
ومن آداب السفر، أن يودع الشخص أهله ومشايخه وأصدقاءه وأن يقول: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك».
أركان العمرة
أركان العمرة 4 هي:
- الإحرام «النية»: ويجوز تقديمها عن الميقات، ومن الميقات أفضل، ويصلي ركعتين للإحرام، ويسن أن يقرأ في الأولى سورة الكافرون وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص. والأفضل أن يحرم الشخص إذا استوت به راحلته، وإذا كان في الطائرة يأخذ احتياطه في الوقت وينوي بقلبه فيقول «نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى» ويلبي مع النية فيقول لبيك اللهم بعمرة. ويجوز النطق بهما باللسان سراً، ويذكر العمرة في التلبية الأولى فقط. ويسن أن يستقبل القبلة عند الإحرام ويقول: «اللهم أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي».
والأفضل أن يدخل مكة المكرمة من «ثنية كداءٍ» وهو موضع بأعلى مكة المكرمة، ويقول داخلها إذا أبصر البيت «أي الكعبة المشرفة»: «اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبراً، اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام»، ثم يدخل المسجد الحرام من باب «بني شيبة» لأن باب الكعبة المشرفة والحجر الأسود في جهة ذلك الباب.
- الطواف: يبتدئ بالطواف ويشترط الطهارة وأن يكون مستور العورة وطاهر البدن والثياب عن النجاسات، ولا يصح الطواف إذا مشى الشخص على «الشاذروان» وهو جدار الكعبة المشرفة السفلي الخارج عن عرض جدار البيت، لأنه من الكعبة المشرفة ولا أن يمس جدار الكعبة المشرفة الذي فوقه ولا يجوز أيضاً الدخول أثناء الطواف في حجر سيدنا نبي الله إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
ويستلم الحجر الأسود أول طوافه ويقبله ويضع جبهته عليه للاتباع، فإن عجز استلم بيده فإن عجز أشار بيده ويراعي ذلك في كل طوفة، ثم يكون محاذياً للحجر في مروره بجميع بدنه بأن لا يقدم جزءاً من بدنه على جزء من الحجر، وصفة المحاذاة أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبلاً الحجر ماراً إلى جهة يمينه حتى يجاوزه فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت، ويسن أن يقول أول طوافه: بسم الله والله أكبر.
وليقل جوازاً قبالة الباب: «اللهم إن البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار». ويستلم الركن اليماني باليد اليمنى ولا يقبله. ويقول بين اليمانيين: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار». وليدع بما شاء في طوافه.
ثم يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى بأن يسرع مشيه مقارباً خطاه، ويمشي في الباقي. وليقل في رمله: «اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً»، ويسن أن يقول في الأربعة الأخيرة: «رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»، ويضطبع المعتمر، في جميع الطواف وكذلك في السعي، وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن. ثم يصلي ركعتين خلف المقام، يقرأ في الأولى الكافرون وفي الثانية الإخلاص. ثم يستلم الحجر الأسود ثم يخرج من باب الصفا وهو الباب المقابل لما بين الركنين اليمانيين للسعي ويبدأ بالصفا ويسعى سبعاً.
ويستحب أن يكثر من التلبية ويقول «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
- السعي: يستحب أن يرقى على الصفا والمروة قدر قامة فإذا رقى استقبل القبلة وقال: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»، ثم يدعو بما شاء ديناً ودنياً ويعيد الدعاء والذكر السابقين ثانياً وثالثاً. ويمشي أول السعي وآخره ويعدو في الوسط «أي بين الميلين الأخضرين».
- الحلق أو التقصير: الحلق أفضل ويجزئ ثلاث شعرات.
المحرمات
أما المحرمات فهي 10 أمور تشمل: لبس المخيط، وتغطية الرأس من الرجل والوجه من المرأة، وترجيل الشعر، والحلق، وتقليم الأظافر، والطيب، وقتل الصيد، وعقد النكاح، والوطء، والمباشرة بشهوة.
زيارة مسجد الرسول (ص)
أما زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقد نص علماء وأئمة هذه الأمة على أنها من أنجح المساعي والقربات وكانوا يتبعون كتب الحج بباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، مثل الإمام النووي في المجموع، وكذا كتب المذاهب الفقهية الأربعة، وورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث يصلح العمل بها في فضائل الأعمال لا سيما بمجموعها، فمنها: «من زار قبري وجبت له شفاعتي»، وينبغي أيضاً أن يقصد زيارة مسجده ليحصل على فضل الصلاة فيه، وزيارة البقيع وشهداء أحد وقد نص الإمام النووي رحمه الله تعالى على زيارة الأماكن الشريفة في المدينة.