تحرم الخلافات المستمرة بين السودان وجنوب السودان البلدين من عائدات نفطية بمليارات الدولارات بسبب مخاوف الخرطوم الأمنية التي تجمد تطبيق الاتفاقات التي وقعت في سبتمبر الماضي وذلك رغم حاجتهما الماسة لهذه العائدات لمواجهة أوضاعهما الاقتصادية الخطيرة كما يرى خبراء. ويخيم التوتر الشديد على العلاقات بين الخرطوم وجوبا وذلك بسبب عدم توصلهما منذ انفصال الجنوب إلى حل لخلافاتهما حول القضايا الاقتصادية والجغرافية والأمنية التي كادت أن تتحول إلى نزاع مسلح في ربيع 2012. ويتبادل البلدان الاتهام بدعم حركات التمرد المسلحة في كل منهما ما يحول دون تطبيق اتفاق وقع في سبتمبر الماضي تحت رعاية الاتحاد الافريقي. ويقول الخبير الاقتصادي السوداني علي عبدالله علي «لقد ضقنا ذرعاً جميعاً بالمفاوضات» في حين من المقرر إجراء جولة مفاوضات جديدة. ومع إعلان استقلاله في يوليو 2011 ورث جنوب السودان الجزء الأكبر من الاحتياطي النفطي لسودان ما قبل التقسيم. إلا أن هذه الدولة الفتية التي يعتمد اقتصادها على عائداتها النفطية بنسبة 98% لكن تعتمد كلياً على البنية التحتيه للشمال في تصدير نفطها قررت في يناير 2012 وقف إنتاجها النفطي متهمة جارها الشمالي بسرقة هذا النفط. وكان البلدان حاولا لأشهر طويلة بعد التقسيم الاتفاق على رسوم الترانزيت التي يتعين على جوبا دفعها للخرطوم لكن بلا جدوى.وعندها قررت الخرطوم تحصيل هذه الرسوم بطريقتها من خلال اقتطاع كميات من النفط الذين يتم تصديره عبر خط انابيبها الأمر الذي أثار غضب جوبا التي قررت على الإثر وقف صادراتها النفطية.وفي سبتمبر الماضي لاحت بوادر لحل النزاع مع توقيع رئيسي البلدين على اتفاقات اقتصادية وامنية في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا. وتنص هذه الاتفاقات على استئناف الانتاج النفطي للجنوب ونزع السلاح على الحدود، التي لا يزال ترسيمها محل خلاف وشهدت معارك عنيفة بين نهاية مارس ومطلع مايو الماضيين. الا ان هذه الاتفاقات بقيت حبرا على ورق. ويرى خبير اقتصادي دولي انه في حال تم تطبيق الشق النفطي من الاتفاق لكان السودان حصل على ما بين مليار ومليار ونصف المليار دولار سنويا كرسوم عبور فيما كان جنوب السودان حصل على مليارات الدولارات من انتاج اباره النفطية. لكن الخرطوم تطالب كشرط مسبق لاي تسوية للمشكلة النفطية ايجاد تسوية للخلافات الامنية. وتنص اتفاقات سبتمبر على اقامة منطقة عازلة على الحدود وإعادة فتح العديد من المعابر أمام تنقل الأفراد والسلع. إلا أن دبلوماسياً أجنبيا ًطلب عدم ذكر اسمه اعتبر ان السودان يريد الحصول على ضمانات امنية وخاصة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومنذ صيف 2011 تشهد هاتان الولايتان الواقعتان على طول الحدود الجديدة مع جنوب السودان معارك بين الجيش السوداني وحركات متمردة بعضها قاتل إلى جانب الجنوبيين خلال الحرب الأهلية بين 1983 و2005، التي انتهت بتقسيم السودان.«فرانس برس»