يكتسب المقاتلون الإسلاميون دوراً متنامياً شرق سوريا مدفوعين بدعم لوجستي ومالي، ما يثير حفيظة قادة في الجيش السوري الحر، من دون أن يؤثر ذلك على التعاون بين الطرفين في قتال القوات النظامية.
ويقول أحد قادة الجيش الحر في دير الزور مقدماً نفسه باسم عبدالسلام طبسه، إن هؤلاء المقاتلين «يتلقون المال من الخارج ويحظون بأسلحة أفضل نوعية لقتال النظام. هذا ما يجعل منهم المقاتلين الأفضل، ونحن علينا الاعتماد عليهم لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد».
وشهدت هذه المدينة التي مازالت خاضعة لسيطرة النظام لكن تشهد معارك منذ أشهر، تظاهرة في الفترة الأخيرة، تقدم المشاركين فيها نحو 12 مقاتلاً ملثماً بلباس أسود، ولفوا رؤوسهم بعصبة «لا إله إلا الله»، وحملوا أسلحة رشاشة منها بندقية «ام 16» أمريكية مزودة بمنظار.
ويتهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد دولاً عربية بتمويل المجموعات الإسلامية وتقديم الدعم اللوجستي والمالي لها.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة خلال مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في روما، تقديم مساعدات إضافية بقيمة 60 مليون دولار للمعارضة السورية، لا تشمل «أسلحة قاتلة». وبحسب طبسه الذي يقود كتيبة «أحفاد محمد»، فإن عدد المقاتلين الإسلاميين «قليل، لكنهم يحظون بدعم مادي ولوجستي لن نحصل عليه أبداً». ويوضح أن عدد هؤلاء لا يتجاوز 200 مقاتل من بين ألف يواجهون القوات النظامية في مدينة دير الزور.
ويؤكد أن «كل القادمين إلى سوريا لقتال الأسد مرحب بهم، لكن الأجانب الذي يأتون للانضمام إلى جبهة النصرة هم متطرفون يفسرون الدين الإسلامي بطريقة خاطئة».
وكانت هذه الجبهة غير معروفة قبل بدء النزاع السوري قبل نحو عامين، لكنها اكتسبت دوراً ميدانياً متنامياً وتبنت عدداً من التفجيرات التي نفذ بعضها انتحاريون، واستهدفت غالبيتها مراكز أمنية وعسكرية.
وأدرجت الولايات المتحدة جبهة النصرة على لائحة المنظمات الإرهابية، قائلة إنها على ارتباط بتنظيم «القاعدة» في العراق.
وإضافة إلى جبهة النصرة، ثمة مجموعات أخرى ذات توجه إسلامي. فيوم الإثنين الماضي، واحتفاء بتوسعة مجموعتهم من «كتيبة» إلى «لواء»، قام مقاتلون ينتمون إلى مجموعة «حمزة بن عبدالمطلب» الإسلامية بعرض في شوارع دير الزور.
وقال متحدث باسم المجموعة «نريد أن تصبح سوريا دولة إسلامية بعد سقوط الأسد».
لكن هذه الفكرة تثير امتعاض العديد من قادة الجيش الحر. وبحسب أحد هؤلاء الذي قدم نفسه باسم أبوعمار «سنحاول ترحيل كل من يهدفون بشكل أو آخر إلى إقامة دولة إسلامية في سوريا». ويضيف «يريد الجيش الحر في سوريا إسلاماً معتدلاً كذاك القائم في تركيا، بعيداً عن التطرف الموجود في دول أخرى». من جهته، يقول طبسه إن «بعض المخاوف بدأت تساورنا من جبهة النصرة والمجموعات الأخرى، لأنها صاحبة أهداف مختلفة عن تلك التي نصبو إليها».
ويشرح «نحن نخوض ثورة، وهم يأتون بحثاً عن الجهاد والشهادة». يضيف «نقاتل من أجل التخلص من ديكتاتور، لا من أجل أن نسمح لغرباء بأن يفرضوا أنفسهم علينا من جديد». ويبدي طبسه خشيته من «أن تستولي النصرة على البلاد عند سقوط الأسد. نأمل في أن يذهبوا للبحث عن الجهاد في بلد آخر، وإلا أخشى أن نضطر يوماً ما لإرغامهم على الرحيل».
وتركز جبهة النصرة الفعالة تمويلاً وتنظيماً، هجماتها على مواقع ذات أهمية استراتيجية ومنها حقول النفط والغاز، كما تعمد إلى تجنيد عناصر محليين وتغريهم برواتب شهرية، وهو ما لا قدرة للجيش الحر على القيام به.
ويقول أبوعمار إن «الجهاديين الآتين من الخارج قدموا من أجل الاستشهاد، لكن السوريين الذين ينضمون لهذه المجموعات يقومون بذلك من أجل المال، لأن للعديد منهم عائلات يريدون إعالتها».
ويؤكد طبسه أن «الجهاد شرف»، لكن «التطرف لا يمكن أن ينتصر في سوريا لأن الناس يحلمون بالحرية، وليس الخضوع لديكتاتورية شيخ».
«فرانس برس»