إن التحول من مجتمع الحداثة إلى مجتمع ما بعد الحداثة فرض على المدرسة أن تجري ضروباً من التجديد على كافة مكوناتها المادية والبشرية والتنظيمية، وأن تراجع أهدافها ووظائفها وآليات عملها لمواكبة التغييرات المطردة التي بات المجال التربوي يشهدها في أماكن من العالم كثيرة، والارتقاء بأشكال أدائها إلى مستوى المعايير العالمية وصولاً إلى التميز الذي يعد مرتكزاً أساسياً في ترجمة رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030.
وفي هذا السياق جاء مشروع «التدريس من أجل التعلم» الذي تضمنه برنامج تحسين أداء المدارس مؤكداً أهمية دور كل من المعلم والمتعلم في رفع الكفاءة الإنتاجية للمؤسسة المدرسية، حاثاً على تركيز الجهود جميعها بغرض بناء قدرات متميزة للهيئات التدريسية وإيجاد متعلمين يمتلكون الرغبة في التعلم والقدرة على إنتاج المعرفة المتجددة بما يؤهلهم لبلوغ الريادة وتحقيق الميزة التنافسية في ظل الاقتصاد المبني على المعرفة.
وعلى هذا الأساس كان الاهتمام لدى إدارة الإشراف التربوي في تطبيق مشروع التدريس من أجل التعلم موصولاً بمستويين اثنين متلازمين: أما الأول فهو مستوى التعلم من أجل التدريس، ومجاله تعلم المعلم وتعميق معارفه وتطوير كفاياته المهنية عبر آليات وطرائق في التدريب تتأسس على مبدأي الأداء والمشاركة ضمن ما صار يعرف بمجتمعات التعلم، وأما المستوى الثاني فهو مستوى التدريس من أجل التعلم ومداره تنمية خبرات المتعلمين عبر ربط التعلم بسياقات الواقع، وتوفير ظروف آمنة تهيئ لحدوث التعلم.
من أجل ذلك تضمن الدليل الذي أصدرته إدارة الإشراف التربوي تعريفاً موجزاً بمشروع التدريس من أجل التعلم من حيث الفلسفة والسياق العام ومراحل التطور، كما تضمن عرضاً لدعائم المشروع والموضوعات التي منها يتشكل، ولبرنامج تدريب المدربين، بالإضافة إلى إبراز الدور الذي تضطلع به الإدارة في قيادة المشروع المتمثل في ضمان تدريب المشرفين التربويين ومن بعدهم المعلمين الأوائل فالمعلمين، وفي رفد المشروع عبر باقة من الأدلة متنوعة تتضمن تعريفاً بمختلف الأساليب الإشرافية وتوضيحاً لإجراءات العمل بما ييسر الاستفادة منها واستثمارها على النحو الأمثل.
وإننا لنأمل، من وراء هذا الجهد، أن تكون إدارة الإشراف التربوي قد أسهمت بهذا الدليل في التعريف بمشروع التدريس من أجل التعلم وتذليل سبل تطبيقه.
مديرة إدارة الإشراف التربوي
من مقدمة دليل التدريس من أجل التعلم