من جديد أظهر البرتغالي كريستيانو رونالدو معدنه الصلد واللامع في المواجهات الكبرى، وأثبت أن شيم النجوم الكبار تتلألأ في المواعيد الهامة، وذلك بعد أن قاد فريقه ريال مدريد الإسباني للإطاحة بفريقه السابق مانشستر يونايتد الإنجليزي من ثمن نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا.
وحسم رونالدو صراع العملاقين بتسجيل هدف الحسم على ملعب أولد ترافورد في معركة الإياب، لينسب إليه الفضل الأكبر في تخطي تلك العقبة الصعبة وإرشاد الميرينغي للطريق نحو التشامبيونز العاشرة.
لم يقدم كريستيانو أداءً كبيراً خلال المباراة، لكنه كان صانع السعادة لجماهير الأبيض الملكي في الدقيقة 69 حين انقض على كرة الهدف الثاني من وضعية في غاية الصعوبة من أجل اللحاق بتمريرة أرضية لزميله الأرجنتيني جونزالو هيجواين، ليقلب تأخر فريقه وتعادله إلى فوز ملحمي.
وسجل (صاروخ ماديرا) بذلك هدفه الثامن في البطولة القارية، ليتربع على عرش الهدافين بالتساوي مع التركي آيدين يلماز مهاجم غلطة سراي.
بدا على قائد منتخب البرتغال التأثر العاطفي الشديد على أرضية (مسرح الأحلام) منذ لحظة دخوله المستطيل الأخضر، إذا لاقى استقبالاً حافلاً من جماهير (الشياطين الحمر) التي أفاضت في كرمها واحتفت بمعشوقها الأول السابق، تقديراً لعطائه السخي حين ارتدى قميص اليونايتد بين عامي 2003 و2009 ، وساهم بقدر كبير في تتويجهم بالكأس ذات الأذنين الطويلتين عام 2008.
بالطبع كان لهذه الحفاوة الجماهيرية تأثير على مردود رونالدو داخل الملعب، الذي عاش تناقضاً نفسياً بين كونه لاعباً شديد الاحترافية يؤدي عمله بإتقان، وبين تأنيب نفسه على التسبب في عودة تلك الجماهير إلى منازلها حزينة. لكن مشجعي المانيو ورونالدو سوياً ضربوا أروع صورة في الاحترام والانتماء، فهي لم تكف عن مؤازرته والهتاف له قبل وبعد المباراة، وهو سعى جاهداً لترجيح كفة فريقه حتى نجح في تسجيل هدف الفوز، ولم يستفز مشاعرهم بالانفجار فرحاً بهدف التأهل، بل بدا على ملامح وجهه وحركات يديه اعتذاراً للجماهير على تأدية واجبه. غير أن مشاعر أفضل لاعب في العالم 2008 ربما تكون قد غلبته في الدقائق الأخيرة، فبعد الاطمئنان على تأهل الريال لدور الثمانية، تهيأت له عدة فرص لتعميق جراح أصحاب الضيافة وهز شباك الإسباني ديفيد دي خيا بهدفين آخرين على الأقل، لكن بدا تساهلاً منه في إضاعة الفرص عن عمد. وكان رونالدو حاسماً أيضاً في معركة الذهاب على ملعب سانتياغو برنابيو، فرغم أنه كان بين جماهيره العاشقة في الريال، إلا أنه رفض الاحتفال بهدفه الخرافي الطائر الذي تعادل به لفريقه، احتراماً لمشاعر زملائه القدامى.
وعقب انتهاء قمة الإياب، اعترف الدون البرتغالي في تصريحات صحافية «للمرة الأولى في مسيرتي الكروية أشعر بالانكسار والهزيمة أمام الجماهير، لم أشعر بالارتياح، خالجتني الكثير من المشاعر بعد التصفيق الحار والهتاف لي قبل انطلاق المباراة».
وأضاف «لقد قمت بواجبي، وساعدت الريال على الاستمرار بالتشامبيونز، من داخلي كنت سعيداً، لكن لم أتمكن من إظهار فرحتي، هنا بيتي الثاني ولدي أصدقاء أعزاء فيه، إنني حزين على خروج مانشستر».