كتب - محرر الشؤون المحلية:
تشكل نسب المشاركة والملابسات المحيطة بإجراء الانتخابات التشريعية في مملكة البحرين خلال الفترة منذ العام 2002 حتى 2011، إحدى أهم مؤشرات قياس نفوذ الجمعيات السياسية الراديكالية جماهيرياً، إذ تشير الأرقام إلى أن هناك قرابة 40% من المواطنين في مناطق تدعي «الوفاق» ومثيلاتها سيطرتها عليها انتخابياً وسياسياً، هم خارج دائرة التأييد المطلق لتلك الجمعيات، بل قد يلجؤون إلى «تصويت عقابي» ضد توجهات «الوفاق».
في العام 2002 قاطعت الجمعيات السياسية الراديكالية العملية الانتخابية، لكن المفاجأة كانت وصول نسبة المشاركة في الدوائر التي تزعم المعارضة سيطرتها عليها إلى حوالي 35.1%، وهي نسبة لا يستهان بها وقد تكون هي النسبة الإجمالية لجميع المصوتين في انتخابات عادية في إحدى الدول الديمقراطية. وتأكد هذا المؤشر العام 2011 أي بعد مرور حوالي 9 أعوام على النتائج سالفة الذكر، حيث أثبتت الانتخابات التكميلية في أعقاب استقالة نواب كتلة «الوفاق» خلال الأزمة التي مرت بها المملكة، عدم جدوى مقاطعة الجمعيات السياسية الراديكالية للانتخابات، بعد وصول نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات التكميلية في 2011 إلى 37.3%، وهي نسبة تزيد عن نسبة المشاركة في 2002 رغم دعوتهم إلى مقاطعة الانتخابات والتأييد الجماهيري الذي حظيت به الجمعيات السياسية الراديكالية خلال محاولة إسقاط النظام من قبل فئات معينة.
النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالله الدوسري تحدث معلقاً حول الموضوع وقال: «إن اتباع الوفاق والجمعيات الراديكالية أسلوب الترهيب أمر طبيعي في ظل سعيها لصرف الناس عن الانتخابات أو إيهامهم أن الجمعية هي الممثل الوحيد لهم، مشيراً إلى أنه حتى المرشحين في الانتخابات التكميلية تعرضوا للتهديد والترهيب فما بالنا بالناخب العادي».
وأضاف لـ»الوطن» أن نسب المشاركة في الانتخابات بمختلف مراحلها تؤكد وجود كثرة صامتة تخشى التعبير صراحة عن مواقفها الرافضة لنهج «الوفاق» الترهيبي، مؤكداً أن «كل مواطن اليوم مستقل برأيه، ومن يدعي أنه يحتكر الشارع فهو واهم، ربما يكون هناك عدد من المريدين، لكن يجب على المواطنين الخروج عن صمتهم والجهر بأن هذه الجمعية لا تمثلهم لا هي ولا غيرها من الجمعيات، لاسيما أننا نعيش مناخاً من الحرية يتيح للجميع الإدلاء برأيه دون خوف». في المقابل، شاركت الجمعيات السياسية الراديكالية في انتخابات عامي 2006 و2010، وبذلت جميع إمكاناتها الدعائية لحشد الجمهور المؤيد لها بالترغيب تارة وبالترهيب أحياناً أخرى، مستغلة العامل الديني لتحريك عواطف الناس، ورغم فتوى عيسى قاسم بوجوب المشاركة والتصويت للقائمة الإيمانية، أثبتت تلك الشريحة المهمة من أهالي هذه المناطق مجدداً أنها ليست رصيداً مضموناً في جيب «الوفاق».
ولم تفلح جميع تلك الجهود المحمومة وأجواء الشحن والإرهاب بحق مواطني تلك الدوائر في إقناع 26.4% العام 2006 من المشاركة في الانتخابات، حيث بلغت نسبة المشاركة 73.6%، ورغم مضاعفة التخويف والإرهاب من قبل تلك الجمعيات في انتخابات العام 2010 إلا أن نسبة المشاركة شهدت انخفاضاً ملحوظاً لم تتوقعه الجمعيات الراديكالية حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة في دوائر سيطرة «الوفاق» وأخواتها 65.5%، بانخفاض مقداره حوالي 8.1% عن العام 2006.
ويعزو النائب الدوسري انخفاض المشاركة في الحالة السابقة إلى عوامل أهمها تآكل ثقة المواطنين في تلك الجمعيات، بعد تخييبها آمال المواطن في الاهتمام بتحقيق أي إنجازات تمس المستوى المعيشي وواقع همومهم اليومية خلال فترة وجودهم في البرلمان بوصفها أولوية الشريحة الأكبر من أي مجتمع، إضافة إلى أن انسحاب كتلة المعارضة من البرلمان في العام 2011 مثل صدمة لدى قطاع واسع من الدوائر الانتخابية الخاصة بها، خصوصاً وأن قرار المقاطعة اتخذته «الوفاق» دون استقراء ومشاورة الشارع الذي أوصلت أصواته «الوفاق» إلى مقاعد البرلمان، ليفاجأ بتخلي كتلتها عن مسؤوليته تجاه كتلته الانتخابية، مما أحدث حالة من الرفض والانتقاد بين صفوف مؤيديها وحتى بعض حلفائها من الجمعيات الأخرى خصوصاً أن «الوفاق» أشاعت قبل قرار مقاطعة الانتخابات التكميلية أنها ستشارك وستوصل بعض كوادر حلفائها من غير المنتمين للجمعية إلى مقاعدهم تحت قبة البرلمان.