تزامناً مع احتفالات العالم باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من مارس سنوياً، انتخبت الدكتورة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة رئيساً للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبذلك تكون أول امرأة تتولى هذا المنصب الخليجي الرفيع.
يأتي هذا المكتسب ليكون إضافة لإنجازات المرأة البحرينية التي تولت العديد من الحقائب الوزارية، وتمكنت من الوصول إلى السلطة التشريعية بغرفتيها المنتخبة والمعينة، كما تولت مجموعة من المناصب الدبلوماسية لتمثيل المملكة في الخارج في عواصم هامة، مثل واشنطن، ولندن، والصين. بالإضافة إلى نجاح المرأة البحرينية في الوصول لمناصب إقليمية ودولية رفيعة في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية.
بوصول المرأة البحرينية لرئاسة الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون فإنها تضيف إلى رصيدها مكسباً وإنجازاً تاريخياً جديداً. ولكن ما دور الهيئة الاستشارية الخليجية وأهميتها؟ في ديسمبر 1996 عقدت قمة مجلس التعاون الخليجي السابعة عشرة في دولة قطر، وخلال القمة تقدم أمير الكويت آنذاك المغفور له بإذنه تعالى صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح مقترحاً بإنشاء مجلس استشاري للمجلس الأعلى من مواطني الدول الأعضاء يساعد المجلس الأعلى ويقدم له المشورة في كل ما من شأنه دعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي وإعداده لمواجهة تحديات المستقبل.
وفي قمة مجلس التعاون الثامنة عشرة التي استضافتها العاصمة الكويتية في ديسمبر 1997 وافق المجلس الأعلى على إنشاء الهيئة الاستشارية اقتناعاً بضرورة توسيع قاعدة التشاور وتكثيف الاتصالات بين الـدول الأعضاء. وبعد أقل من عام، وتحديداً في نوفمبر 1998 أقيم الاجتماع الرسمي لإعلان قيام الهيئة في الكويت برعاية أميرها.
تضم الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى 30 عضواً، بحيث يمثل كل دولة 5 أعضاء فقط، ومدة العضوية 3 سنوات. ويتم اختيار رئيسها بشكل سنوي من بين ممثلي الدولة التي ترأس دورة المجلس الأعلى، على أن يتم اختيار نائب للرئيس من بين ممثلي الدولة التي تليها في الترتيب. ويحق للدول في أي وقت تغيير ممثليها في الهيئة، أو تجديد عضويتهم بشكل كامل أو جزئي بعد انتهاء فترة العضوية. وشرط العضوية للهيئة هو الخبرة والكفاءة التي تحددها كل دولة عضو. تعقد الهيئة اجتماعاتها بناءً على طلب من المجلس الأعلى الذي يحيل إليها بعض المواضيع والقضايا لإبداء مرئياتها بشأنها. ويجوز بصفة استثنائية أن يطلب رئيس دورة المجلس الأعلى اجتماع الهيئة لمناقشة أحد المواضيع بعد التشاور مع قادة دول المجلس، كما يتولى أمين عام المجلس إحالة المواضيع التي طلب المجلس الأعلى دراستها وتقديم مرئيات بشأنها إلى الهيئة الاستشارية. عادة تكون اجتماعات الهيئة في الدولة التي تتولى رئاسة المجلس الأعلى، ويمكن عقدها في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون بالعاصمة السعودية الرياض، والاجتماعات تكون غير علنية، وقرارات الهيئة تتم بأغلبية الحضور. ويحق للهيئة تشكيل لجنة أو لجان فرعية متخصصة لدراسة بعض المواضيع والقضايا على أن تضم خبراء من دول المجلس. ويعاون الهيئة جهاز إداري يرتبط بالأمانة العامة لمجلس التعاون هو مكتب شؤون الهيئة الاستشارية بالعاصمة العمانية مسقط.
تعتمد دورة عمل الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى على إحالة بعض القضايا والمواضيع من قبل المجلس الأعلى إلى الهيئة من خلال الأمين العام، وبعد الدراسة وتحديد المرئيات من قبل الهيئة. بعدها تحال المرئيات إلى الأمين العام الذي يعرضها على المجلس الوزاري لمجلس التعاون (يضم وزراء خارجية الدول الأعضاء)، بعد ذلك يقوم المجلس الأعلى بعرض المرئيات على أول اجتماع للمجلس الأعلى.
منذ تأسيس الهيئة الاستشارية في العام 1998 وطوال 15 عاماً أحال المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي مواضيع متعددة للهيئة، ومن أبرز هذه المواضيع:
ـ دراسة توظيف الأيدي العاملة المواطنة وتسهيل تنقلها فيما بين دول مجلس التعاون، ديسمبر 1998.
ـ دراسة مسيرة التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، وتقديم مقترحات لتفعيل استراتيجية التنمية الشاملة لدول المجلس، نوفمبر 1999.
ـ إعداد دراسات تفصيلية حول التعليم وتطوير المنظومة التعليمية، والطاقة والبيئة، واستراتيجيات المياه، والبحث العلمي والتقني، ديسمبر 2000.
ـ دراسة الدور الاقتصادي والاجتماعي والأسري للمرأة، وإصلاح الاختلال في التركيبة السكانية بما يحقق التجانس السكاني، ديسمبر 2002.
ـ تقويم مسيرة مجلس التعاون طوال 23 عاماً، ودور القطاع الخاص في تعزيز التواصل بين أبناء دول المجلس، ومعوقات التبادل التجاري بين دول المجلس، ديسمبر 2003.
ـ دراسة ظاهرة الإرهاب، ديسمبر 2004.
ـ دراسة المواطنة الاقتصادية ودورها في تعميق المواطنة الخليجية، وأهمية الشراكة الاقتصادية في دعم علاقات دول المجلس مع دول الجوار، ديسمبر 2005.
ـ دراسة تعزيز بيئة العمل الملائمة للقطاع الخاص، وبما يضمن معاملة الشركات والاستثمارات في دول مجلس التعاون معاملة الشركات والاستثمارات الوطنية، ديسمبر 2006.
ـ دراسة ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار وآثارها الاجتماعية على المواطنين وعلى اقتصاديات دول المجلس، ومشكلة الباحثين عن العمل أسبابها وآثارها وعلاجها، ديسمبر 2007.
ـ دراسة الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتدابير التي يمكن اتخاذها، وموضوع الأمن الغذائي والمائي لدول المجلس، ديسمبر 2008.
عبر مسيرة الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى تمكنت الهيئة من تقديم العديد من الدراسات الهامة للمجلس الأعلى والتي بناءً عليها اتخذت قرارات هامة على مستوى القمة. واللافت أن قادة دول المجلس حريصون على تفعيل دور الهيئة، وأكبر دليل إحالة المواضيع لها في كل قمة خليجية، وموافقتهم على حضور رئيس الهيئة اجتماعات المجلس الأعلى بهدف مزيد من التواصل والتعاون بين المجلس الأعلى والهيئة.