القاهرة - (وكالات): شهدت شوارع القاهرة وبورسعيد أمس مواجهات عنيفة أوقعت قتيلين في القاهرة بين قوات الأمن ومتظاهرين، بعد أن أصدرت محكمة الجنايات المصرية أحكاماً بالسجن وأكدت أحكاماً بالإعدام صدرت في يناير الماضي في قضية «مذبحة بورسعيد» العام الماضي.
وقتل متظاهر في اشتباكات مع الشرطة قرب ميدان التحرير وسط القاهرة، بحسب رئيس هيئة الإسعاف المصرية محمد سلطان.
وأوضح سلطان أن متظاهراً أصيب «بأزمة تنفس» جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع «وتوفي في سيارة الإسعاف أثناء نقله إلى المستشفى».
وقالت تقارير إن متظاهراً آخر توفي إثر إصابته بطلقة خرطوش من بندقية صيد وتم نقله إلى مسجد عمر مكرم المجاور حيث قال أطباء ميدانيون أنه فارق الحياة. وأكد رئيس هيئة الإسعاف مقتله في تصريح صحافي لاحق.
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المتظاهرين الذين كان يرشقونها بالحجارة والذين ألقوا زجاجات مولوتوف على فندق يطل على النيل بالقرب من ميدان التحرير.
وأشعل مشجعو النادي الأهلي المعروفون بـ «الالتراس الاهلاوي» النيران في ناد للشرطة يطل على النيل وفي مقر الاتحاد المصري لكرة القدم في القاهرة احتجاجا على الاحكام التي يرون انها مخففة للغاية وخصوصا احكام البراءة الصادرة بحق 7 من رجال الشرطة.
وفي بورسعيد، المطلة على قناة السويس شمال شرق مصر، اوقف مئات المتظاهرين حركة العبارات الصغيرة التي تنقل السكان الى الضفة الأخرى للقناة احتجاجاً على تأكيد أحكام الاعدام.
ومع ذلك قالت هيئة قناة السويس على لسان متحدث باسمها إن الملاحة في القناة لم تتأثر بالاحتجاجات في المدينة.
وأشعل المتظاهرون النيران في إطارات السيارات ورفعوا لافتات كتب عليها «الاستقلال لبورسعيد» وهتفوا ضد الأحكام الصادرة «باطل، باطل».
وأكدت محكمة الجنايات المصرية أحكام الإعدام التي سبق أن قررتها ضد 21 شخصاً يحاكمون في هذه القضية التي يشمل قرار الاتهام فيها 73 شخصاً.
ومن بين الـ 52 متهماً الباقين، قضت المحكمة بالسجن لمدد تراوح بين سنة و25 عاماً على 24 متهماً من بينهم اثنان من رجال الشرطة.
اما المتهمون الـ 28 الآخرون، ومن بينهم 7 من رجال الشرطة، فقضت المحكمة ببراءتهم.
وقال رئيس المحكمة المستشار صبحي عبد المجيد إن الإعدام سيكون شنقاً.
وقالت الرئاسة المصرية إن أعمال الاحتجاج التي تلت صدور الحكم ليست من قبيل التظاهر السلمي المشروع.
وقال المتحدث باسم الرئاسة إيهاب فهمي «يتعين التمييز بين حق المواطن في التظاهر السلمي وبين أعمال التخريب والعنف التى تضع مرتكبيها تحت طائلة القانون».
وقال مشيراً إلى مهاجمة مدخل صحيفة «الوطن» اليومية المستقلة بالزجاجات الحارقة «رئاسة الجمهورية تدين الاعتداء على أية مؤسسة وتدين أي عمل تخريبي ضد أية جهة مهما كان مصدره».
وقيل إن مبنى الصحيفة هوجم من قبل مشجعين للأهلي لنشرها خبراً عن مفاوضات جرت بين قيادات التراس أهلاوي والرجل الثاني في جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر للوصول إلى حل وسط بشأن قضية بورسعيد.
وتعرف المحاكمة في مصر بـ «قضية مذبحة بورسعيد» في إشارة إلى مأساة شهدها ستاد المدينة عقب مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلي القاهري والمصري البورسعيدي وأوقعت 74 قتيلاً من بينهم 72 من الالتراس الأهلاوي في فبراير 2012.
وقالت حركة 6 أبريل الشبابية الاحتجاجية إن «هذا الحكم لم يطل الفاعلين الحقيقيين للجريمة وهم قيادات الداخلية وأعضاء المجلس العسكري السابق» الذي كان يتولى السلطة في البلاد عندما وقعت المأساة.
وأضاف البيان أن «المحاكمة تمت بنظرية كبش الفداء، وعدم محاكمة المحركين والمسؤولين الفعليين عن مجزرة بورسعيد».
من جانبه، قال البدري فرغلي النائب عن بورسعيد «نرى أن هذا الحكم سياسي وليس قضائياً أو قانونياً»، مضيفاً « المدينة يقدموها ضحية وقرباناً، لن نكون فريسة لأي أحد مهما كان».
وكانت أحكام الإعدام التي صدرت في 26 يناير الماضي أثارت موجة من العنف والغضب في بورسعيد حيث قتل قرابة 40 شخصاً عقب النطق بهذا الحكم في صدامات مع الشرطة.
وتجدد التوتر، الذي تخللته أحياناً مواجهات دامية، الأحد الماضي بعد الإعلان عن نقل المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام من سجن بورسعيد إلى سجن آخر بعيد عن المدينة.
ولتهدئة المدينة التي اشتعل الغضب فيها ضد الشرطة، اضطر الرئيس محمد مرسي للجوء إلى الجيش الذي انتشر في بورسعيد بينما انسحب رجال الأمن.
وأدى هذا العنف إلى مزيد من التوتر في البلاد التي ما زالت تمر بمرحلة انتقالية مضطربة بعد عامين من إسقاط حسني مبارك و9 أشهر من انتخاب مرسي الذي يواجه احتجاجات عنيفة من المعارضة والحركات الشبابية التي شاركت في الثورة على الرئيس السابق.
واضطر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم إلى إقالة قائد قوات الأمن المركزي بعد إضراب غير مسبوق في صفوف الشرطة التي يشكو الكثيرون داخلها من عدم تزويدهم بالوسائل اللازمة للدفاع عن انفسهم ويعتقدون انهم يدفعون ثمن النزاعات السياسية.
وقد حذَّرت وزارة الداخلية، من أنها ستتعامل بحزم مع أي اعتداءات تتعرض لها قوات الأمن والمنشآت العامة و الخاصة في البلاد.
من جهته، طالب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» سيب بلاتر المشجعين في مصر بالتحلي بالهدوء.
وثارت شكوك حول استمرار المسابقة قبل أن يعلن الاتحاد المصري عقب اجتماع عقد أمس إقامة المباريات بشكل طبيعي بداية من اليوم.