أكد سماحة الشيخ معروف رحال أن حالات النفور والكراهية التي بدت تنتشر في مجتمعاتنا بعيدة كل البعد عن الاختلاف الفقهي، لافتاً إلى أن بواعث هذه الحالات المرفوضة والمستنكرة هي ولادة الأحزاب الدينية التي نشأت على الدعوة في بادئ أمرها ولكنها فيما بعد جنحت إلى تمرير مصالحها على حساب الأساس الذي قامت عليه، بدأت بتوظيف تلك الاختلافات نحو عالم السياسة وإخراجها عن إطارها الفقهي.
وقال رحال، خلال الندوة العلمية الأولى لهذا العام للأئمة والخطباء والدعاة التي أقيمت أول أمس بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، لا نريد القول بالمنع من العمل السياسي للأحزاب الدينية، ولكن ما نريد قوله إن الممارسة السياسية غير المنضبطة بالقانون وأحكام النظام العام التي تُحفظ بها العلاقات القائمة السلم الاجتماعي ومصالح المجتمع. وأقيمت الدورة تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وبمشاركة فضيلة د.محمد العوضي من دولة الكويت الشقيقة وسماحة الشيخ معروف رحال من الجمهورية اللبنانية الشقيقة.
وأوضح رحال أن من بواعث حالات الكراهية المستجدة في مجتمعاتنا هي وسائل الإعلام الداعية إلى التعصب والتطرف ونبش الدفائن والتركيز على نقاط الاختلاف متجاهله عن عمد كل القواسم المشتركة التي جمعت بين المسلمين وجعلت منهم أمة واحدة.
ومن جانبه، أكد د.محمد العوضي أن محركات الكراهية في المجتمعات تركز على أربعة عناصر هي (السياسيين المتمصلحين) وبعض القيادات الدينية المؤثرة في المجتمع، إضافةً إلى مبالغات الفضائيات التي تؤزم بين جميع الأطراف في المجتمع فضلاً عن التدخلات الخارجية التي ترمي إلى تحقيق مصالحها. وأشار العوضي إلى أن التعددية في المجتمع هي سمة إيجابية ولن يتحقق التعايش إلا في ظل مجتمعٍ متعدد، منوهاً بالحاجة إلى تأصيل وتجديدٍ لما يتم تداوله من مصطلحات مثل (صراع الحضارات) و(حوار الحضارات) وأن المصطلح الأمثل هو تعارف الحضارات لقوله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
وقال العوضي إن الإسلام لا يدعو فقط إلى أن يكون إنسان مواطناً صالحاً بل يريده إنساناً صالحاً وفق قاعدةٍ عظمى جاءت في قوله تعالى: «إن أكرمكم عند اللّه اتقاكم»، فجعل التقوى مقياساً للتفاضل بين البشر.
وختم د.محمد العوضي حديثه بالدعوةِ إلى أن يتصدى عقلاء المجتمع من مختلف المذاهب الدينية والتيارات الفكرية إلى المنابع التي تنبعث منها الكراهية وأن يعملوا على توحيد الصفوف ورأب الصدع ونشر الوعي الذي يبطل دعوات التعصب والفرقة.