أعلن مجلس وزراء الداخلية العرب رفضه القاطع لأي محاولة خارجية للنيل من أمن أي دولة عربية، وإدانته للدعم الذي تقدمة إيران لعمليات إرهابية في البحرين واليمن، مثمناً جهود أجهزة الأمن البحرينية واليمنية في مكافحة الإرهاب ودورها في كشف خلايا ومخططات إرهابية خطيرة.
وأشاد المجلس، في بيان ختامي أصدره أمس في دورته الثلاثين في الرياض بعنوان «بيان الرياض لمكافحة الإرهاب»، بجهود أجهزة الأمن العربية للقضاء على الإرهاب وتفكيك شبكاته وبتطور قدرات هذه الأجهزة في مجال مكافحة الإرهاب في الدول العربية وخاصة في مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وجمهورية العراق والعمل على الاستفادة من التجارب التي اكتسبتها كل دولة في هذا المجال، داعياً الدول إلى الاستفادة من جهود المملكة العربية السعودية في مواجهة الفكر المتطرف خاصة مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية بالإضافة إلى الاستفادة من مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين.
وجدد المجلس إدانته الثابتة للإرهاب مهما كانت أشكاله أو مصادره وعزمه على مواصلة مكافحته ومعالجة أسبابه وحشد كل الجهود والإمكانيات لاستئصاله وتعزيز التعاون العربي في هذا المجال وكذلك في مجال الجريمة المنظمة، مندداً في هذا السياق بكافة أشكال دعم الإرهاب وتمويله ورفضه القاطع لعمليات الابتزاز والتهديد وطلب الفدية التي تمارسها الجماعات الإرهابية لتمويل جرائمها، ودعوة جميع الدول إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن. كما حث المجلس الدول العربية على تعزيز التعاون فيما بينها في مجال ملاحقة الإرهابيين وتسليمهم للدول المطالبة.
ورحب مجلس وزراء الداخلية العرب، في بيانه الختامي، بافتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية فيينا كخطوة لإشاعة القيم الإنسانية وتحقيق الأمن والسلام العالميين ووضع آلية عالمية لنشر السلام الدائم والتماسك الاجتماعي، مرحباً بدعوة جمهورية العراق لعقد مؤتمر خاص بالإرهاب وسبل مكافحته في الدول العربية في النصف الثاني من مايو المقبل استجابة لقرار القمة العربية التي عقدت في بغداد بتاريخ 29 مارس 2012، وحث الدول العربية والمراكز البحثية المتخصصة بقضايا العنف والإرهاب على المشاركة الفاعلة في إنجاح المؤتمر.
وأشار البيان الختامي إلى أن هذه المواقف لمجلس وزراء الداخلية العرب تأتي انطلاقاً مما تضمنته الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وإدراكاً لما يشكله الإرهاب والتطرف الفكري والجريمة المنظمة من تهديد فعلي ومستمر للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم واقتناعاً من المجلس بأن القضاء على الإرهاب يتطلب مواجهة شاملة ومستمرة ومنسقة ويستلزم تجفيف منابعه وتأكيداً على أن الأمن العربي كل لا يتجزأ.
وقال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في كلمة له خلال مشاركته في اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب والذي ترأسه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، «إذا كنا نؤمن بأن التغيير سنة الحياة، فإن تحقيقه يكون من خلال الالتزام بالنظام، وليس من خلال انتشار الفوضى التي استشرت في بعض المجتمعات، وأصبح الناس يتحركون بشكل عشوائي تدفعهم شعارات متضاربة، تحاول الوصول إلى نهاية يدفع ثمنها الناس، الأمر الذي يترتب عليه بذل المزيد من الجهود للتوعية المجتمعية وإعطاء الأولوية الأمنية لفرض النظام العام وتثبيت الأمن».
وأكد وزير الداخلية أن الأمن العربي يشهد حالة من الفوضى والاضطراب العام والتهديد الصارخ لتشتيت الهوية العربية، وأن انشغالنا عن إدامة التنسيق الأمني بيننا لاشك يعد سبباً في تصدع بعض جبهاتنا الأمنية وإبقائها في عزلة عن بعضها البعض، وأن من يفكر في زعزعة الأمن لأي دولة عربية لا يضع في حساباته وتقديراته ردة الفعل العربية الجماعية مع الأسف. واليوم في ظل تفاقم الاضطرابات الأمنية في عدد من البلدان العربية تكون الأولوية لوقف النزيف وصد الأبواب أمام استمرار التهديد في ظل علاقة ما يحدث في الداخل بما يخطط له يدار في الخارج.
وأوضح الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أنه «شهدت مملكة البحرين خلال الفترة الماضية أعمالاً خطيرة منافية للقانون، تمثلت في تخريب الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق إلى استهداف رجال الأمن بمختلف الأسلحة مثل القنابل الحارقة والمتفجرات ورماية السهام والأسلحة الخفيفة وهي أعمال تعدت مظاهر الشغب والعنف إلى أعمال توفرت فيها أركان الجريمة الإرهابية، فالشرطة تتعامل مع مجموعات مسلحة وليست مسيرات سلمية».
وأضاف «وبعون الله فقد تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط خلية إرهابية بعد أن قامت بالتحري عن أعضائها وتنقلاتهم وأماكن تدريبهم على الأسلحة والمتفجرات، ومحاولة إيجاد مكان في البحرين لتخزين السلاح وتهريبه واستخدامه في ساعة الصفر لمهاجمة أهداف حيوية واستهداف شخصيات مهمة».
وقال «من خلال اعتراف أعضاء الخلية والأدلة المادية، فإنه يظهر بجلاء ضلوع الحرس الثوري الإيراني وهو ما يعكس علاقة إيران بالتدخل في شأن الأمن الداخلي البحريني بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وهو ما يستوجب موقفاً عربياً يتجاوز الإدانة والاستنكار إلى اتخاذ التدابير الفعالة لحماية الأمن العربي، والمتمثل في أمن الدول الأعضاء».
وجاء في كلمة وزير الداخلية «يطيب لي في بداية هذا اللقاء المبارك، أن أحييكم أيها الإخوة ونحن نجتمع في الدورة الثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب، والتي تنعقد في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وأن أعرب عن عميق الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود على حفاوة الاستقبال ودقة التنظيم والترتيب لاستضافة هذا الاجتماع، والشكر موصول لسمو الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بدولية الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على ما بذله من جهود طيبه خلال رئاسته للدورة التاسعة والعشرين لهذا المجلس، كما لا تفوتني الإشادة بجهود الأمين العام وجميع العاملين في الأمانة العام للمجلس على المتابعة والتنسيق والتواصل والإعداد لجميع اللقاءات والاجتماعات وفي مقدمتها هذا الاجتماع الوزاري».
وأضاف «نستذكر في هذا الاجتماع المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه لما له من جهود طيبة ودور ريادي في دعم مسيرة التعاون الأمني العربي، وما قدم من جليل الأعمال وصادق العطاء، سائلين الله أن يتغمد الراحل العزيز بواسع رحمته ويجزيه خير الجزاء، وأن يمد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود بالتوفيق لمواصلة مسيرته ونهجه في صون الأمن والاستقرار في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودعم وتعزيز منظومة الأمن العربي، آملاً أن يصدر عن هذا المجلس ما يخلد اسم المغفور له بإذن الله، وبما يستحق من الوفاء والتكريم، وإنني أثني على ما تقدم به زملائي لأن تكون الرئاسة الفخرية لهذا المجلس لسموكم الكريم متمنياً لكم كل التوفيق والنجاح».
وكان في استقبال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله لدى وصوله إلى المطار، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية الشقيقة.
رافق وزير الداخلية، خلال زيارته، وفد يضم عدداً من المسؤولين بالوزارة.
كما بحث وزراء الداخلية العرب خلال مؤتمرهم الثلاثين الذي افتتح في الرياض أمس جدول أعمال يتضمن خطة لمواجهة الإرهاب اثر انتشاره بفعل «الانفلات الإعلامي» ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الأمين العام للمجلس محمد كومان في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية إن «انتشار الفكر المنحرف المتشدد والفتاوى الضالة بفعل الانفلات الإعلامي وازدهار وسائل الاتصال الجماهيري كانت له انعكاسات كبيرة على الإرهاب بحيث شهدنا زيادة ملحوظة في الأعمال الإرهابية والاغتيالات السياسية والنزاعات الطائفية».
لكنه أضاف «بات من المستحيل فرض رقابة صارمة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فلابد بالتالي من تركيز خطاب تصحيحي يفند الفكر الضال (...) فالفكر لا يواجه إلا بالفكر».
ويشير الأمين العام بذلك إلى مركز أسسه وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف قبل عدة أعوام «للرعاية والمناصحة» يحمل اسمه ويعمل على تخريج حوالى ثلاثين دفعة ضمت آلاف الشبان «المغرر بهم».
ويعمل المركز في الرياض وجدة على إعادة تأهيل الآلاف من المتشددين عبر برامج دينية واجتماعية ونفسية وتاريخية ودورات علمية ورياضية وفنية ومهنية وندوات خلال فترة زمنية يقضونها بالمركز.
وبرنامج إعادة التأهيل مخصص للسعوديين العائدين من معتقل غوانتنامو الأمريكي ولمعتقلين سابقين بتهمة الإرهاب ويتضمن دعماً مالياً لإعادة اندماجهم في المجتمع.
وقالت مصادر مشاركة في الاجتماع لفرانس برس إن «وزراء الداخلية بحثوا خطة لمكافحة الإرهاب ومراقبة اتصالات العناصر التي يشتبه بانتمائها أو تعاطفها مع القاعدة، وتجديد قائمة تتضمن أسماء مدبري الأعمال التخريبية».
وتضمنت الخطة «مراقبة المواقع الإلكترونية للأفكار المتطرفة التي تعمل على تجنيد إرهابيين والتركيز على رصد الاتصالات بين التنظيمات الإرهابية والتوصل إلى أماكنها»، بحسب المصادر.
كما تدعو الخطة الدول إلى «تكثيف جهودها لمنع الجماعات الإرهابية والمتطرفة من استخدام شبكة الإنترنت مواقع التواصل الاجتماعي». من جهة أخرى، ناقش الوزراء «البحث الجنائي والتحري والقبض على الهاربين من مرتكبي الجرائم الإرهابية وإمداد قاعدة البيانات والمعلومات بالمكتب العربي للشرطة الجنائية حول ظاهرة الإرهاب».
وحضر 21 وزيراً أو من يمثلهم من سائر الدول العربية باستثناء سوريا التي لم يكن لها مقعد في الدورة الحالية. وتشارك كذلك وفود أمنية رفيعة من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي.
ومن الموضوعات التي تضمنها جدول الأعمال كذلك مشروع خطة مرحلية لتنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية ومشروع خطة الاستراتيجية العربية للحماية المدنية، الدفاع المدني. كما ناقش المجلس التوصيات الصادرة عن المؤتمرات والاجتماعات التي انعقدت في نطاق الأمانة العامة خلال 2012 ونتائج الاجتماعات المشتركة بين خبراء من مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب وكذلك سبل دعم وزارة الداخلية الفلسطينية.
وبحث كذلك في تدعيم العلاقة بين الشرطة والمجتمع من خلال تعزيز الشرطة المجتمعية وبناء شراكة بين أجهزة الأمن وفعاليات المجتمع المدني وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان فضلاً عن بعض المسائل الإدارية والمالية.