يؤكد الشاب محمد الذي يعتاش على غرار الكثير من الشباب التونسي من بيع السجائر والصحف في الشارع مصدر الرزق غير المضمون أن «معنوياتي بمستوى معنويات» عادل الخذري الشاب الذي توفي امس بعدما إضرم النار في نفسه. وقال محمد «27 عاماً» «إنه البؤس، هذا الوضع الاجتماعي الصعب يجبرنا على البقاء في الشارع اكثر من عشر ساعات من أجل بضعة قروش. هذا أفضل من البطالة أو الانتحار». وعلى بعد عشرات الأمتار من موقع هذا الشاب الذي كان واقفاً أمام بسطته في جادة الحبيب بورقيبة في تونس الذي شكل مركز الثورة في يناير 2011، قام الخذري «27 عاما» الذي كان يبيع السجائر أيضاً برش الوقود على نفسه وإحراقها على درجات المسرح البلدي. وترتدي هذه الحادثة أهمية رمزية إضافية إذ إن الثورة التونسية انطلقت بعدما قام بائع جوال يدعى محمد البوعزيزي لم يستطع تحمل البؤس ومضايقات الشرطة بإحراقه نفسه في سيدي بوزيد في ديسمبر 2010. وهتف الخذري قبل إضرام النار «ها هو الشباب يبيع السجائر، وها هي البطالة»، بحسب ما نقل شهود. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني منجي القاضي إن عادل المتحدر من جندوبة شمال غرب البلاد كان «محطماً معنوياً. والده توفي قبل 4 سنوات، ولديه 4 أشقاء وعائلته فقيرة جداً». وقال بائع الكعك فريد البالغ 21 عاماً «أتفهم تماماً هذا العمل اليائس . عندما يمسي المرء بلا قيمة وهامشياً وأكثر من فقير يمكنه ارتكاب أعمال جنونية». وككل الباعة الجوالين، رفض فريد الكشف عن اسم عائلته لأن عمله غير مشروع. وقال إنه «بالإضافة إلى ثقل البطالة والفقر علينا تحمل الشرطة البلدية التي تركز علينا وتتلذذ في مصادرة سلعنا» مراقباً المكان خشية مشاهدة عناصر من شرطة البلدة.
وبعد أكثر من عامين على الثورة ما زال الفقر متفشياً في تونس الغارقة كذلك في أزمة سياسية بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد المنتقد الحاد لحزب النهضة. وكشفت إحصاءات رسمية أن ربع السكان يعيشون تحت خط الفقر فيما تطال البطالة 700 ألف شخص من بينهم 170 ألف حامل شهادات جامعية.
«فرانس برس»