كتبت ـ عايدة البلوشي:
في زمن اختلطت فيه المفاهيم وتبدلت القيم وتغيرت أفكار الناس ومعتقداتهم ومشاعرهم، أصبحنا نجد نموذج الرجل المعتمد على المرأة اعتماداً شبه كلي فما السبب؟!.
مشاهد الرجل المكبل بقيود السلبية والاتكالية والهرب من المسؤولية، تتكرر يومياً في واقعنا الحالي، الرجل يذهب لعمله، وقد يأخذ قيلولة هناك، وربما يقرأ الصحف ويحادث زملاء العمل طوال فترة الدوام، ثم يعود لمنزله وقد أوهم نفسه أنه منهك، يتناول طعامه ثم ينام أو يشاهد التلفزيون، بعدها يولي الأدبار ويخرج للسهرة بصحبة الأصدقاء، تاركاً مسؤولية المنزل والأبناء للزوجة!.
صنيعة المرأة
ترى فاطمة علي أن اتكالية الرجل سلوك بدأ بالبروز على الساحة الاجتماعية مؤخراً «تغيرت الأدوار الاجتماعية التقليدية للزوجين وكان لها بعض الانعكاسات في تولي المرأة القوامة داخل الأسرة، إلى جانب تدبير شؤون المنزل، وبالمحصلة تقوم الزوجة بكل مسؤوليات الحياة الأسرية، بينما يغط الزوج في نوم عميق».
وتقول فاطمة إن الزوجة تقمصت شخصية الأب إلى جانب مسؤولياتها كأم مربية «شخصية الرجل في المنزل اضمحلت -دون تعميم طبعاً- وافتقد دوره ولم يعد يهتم بشؤون البيت».
وتضيف أن الرجل اعتاد أن يعتمد على زوجته في ما يتعلق بالمنزل «الزوج الاتكالي صنيعة الزوجة، فمنذ بداية الزواج على المرأة أن تقسم الأدوار».
وتعترف فاطمة أنها صنعت من زوجها رجلاً اتكالياً «قبل الزواج كنت اعتمد على نفسي في جميع الأمور تحت مبدأ اخدم نفسك بنفسك، وعندما تزوجت لم أشرك زوجي في شؤون المنزل وتربية الأبناء».
تأخذ فاطمة الأولاد إلى المستشفى إن مرضو وتتابع دراستهم «عندما أنجبت طفلي الثاني شعرت بالتعب وطلبت من زوجي المساعدة، ولكن الأوان كان قد فات، أخذ يتعذر بانشغاله في العمل، وأنا اليوم أتابع أمور الأبناء والمنزل» وتضيف «الزوج الاتكالي صنيعة المرأة».
عادة مكتسبة
وتقول مروة حسن إن الأم تصنع ابناً اتكالياً والزوجة تصنع زوجاً اتكالياً «والدتي صنعت شخصية أخي الأكبر اتكالياً، كانت تمنعه دوماً من الاعتماد على نفسه بقولها «تعب توه راجع من الدوام، وبالتالي كان والدي الكبير بالسن يتولى تدبير شؤون المنزل».
وتضيف «بعد أن تزوج أصبح تحمل المسؤولية بالنسبة له صعب، لأنه قبل الزواج كان يعتمد على والده ووالدته، وصعب عليه تحمل أعباء ومسؤولية وزوجته.. لذلك على المرأة -أماً وزوجة- الحذر في التعامل مع الرجل الشرقي القابل للاتكالية فطرياً».
وتعلق مريم أحمد «الزوجة اليوم تقوم بجميع شؤون المنزل، تربية الأبناء، مواعيد المستشفى، توصيلهم إلى المدرسة ومتابعة تحصيلهم الدراسي، تأمين السيارة وأخذها إلى الكراج، دفع فواتير الكهرباء والهاتف، هذا حال المرأة البحرينية اليوم، أما الرجل فدوره يقتصر على العمل فقط، والمنزل بالنسبة له مجرد فندق للأكل والشرب والنوم».
وتقول «حجة الرجل دوماً جاهزة على رأس لسانه.. تعبان، وكأن لا أحد يعمل سواه، يتناسى أن زوجته موظفة إلى جانب مسؤولياتها المنزلية، ويتغاضى عن الحياة الزوجية باعتبارها عملية مشتركة بين الطرفين». لكن في المقابل هناك فئة من الرجال يرغبون في المساعدة ويتحملون مسؤولياتهم تجاه الزوجة والأبناء، وترى علياء عبدالله المتزوجة منذ 3 سنوات في الحياة الزوجية عملية مشتركة بين الطرفين «زوجي يشاركني ويساعدني بكل شيء، وأحياناً يغسل الصحون ويطهو ويرتب المنزل، وأنا بدوري أوصل الأولاد إلى المدرسة، كلانا يساعد الآخر دون تذمر ولا مكان للاتكالية بيننا».