ينطلق بعد غد الإثنين في اليمن - البلد العربي الوحيد الذي أسفرت فيه الاحتجاجات الشعبية عن انتقال منظم للسلطة - حوار وطني بالغ الأهمية لمستقبل البلاد التي تبدو وحدتها التي حققتها قبل 23 عاماً مهددة بفعل مطالبات بانفصال الجنوب.
وسيجمع مؤتمر الحوار خلال 6 أشهر 565 مندوباً يمثلون الأحزاب السياسية والمحافظات الجنوبية والتمرد الشيعي الحوثي في الشمال إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني. ويفترض أن يصل الحوار إلى وضع دستور جديد للبلاد وفتح الباب أمام تنظيم انتخابات عامة في فبراير 2014، تزامناً مع انتهاء المرحلة الانتقالية التي بدأت في فبراير 2012 بموجب اتفاق انتقال السلطة. وقد تخلى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن السلطة من خلال هذا الاتفاق، وذلك بعد سنة تقريباً من الاحتجاجات.
وتأخر انعقاد الحوار بسبب تحفظات الحراك الجنوبي الذي تطالب معظم فصائله بالانفصال والعودة إلى دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى عام 1990.
ويستعد الجناح الأكثر تشدداً في الحراك بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق المقيم في المنفى علي سالم البيض، للتظاهر اعتباراً من اليوم في عدن، كبرى مدن الجنوب، رفضاً لهذا الحوار. وتقاطع الحوار شريحة واسعة من الحراك الجنوبي.
وقال الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني احمد عوض بن مبارك أن «الرئيس عبدربه منصور هادي ومبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر يضاعفان الجهود لإقناع الفصائل المترددة في الحراك الجنوبي بالمشاركة في الحوار». وبحسب بن مبارك، فان «الباب سيظل مفتوحاً أمام كل الفصائل التي تود الانضمام في أي وقت للحوار» المدعوم من قبل الأمم المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وهما الجهتان الراعيتان لاتفاق انتقال السلطة والحوار.
وقال المحلل اليمني عبدالغني الأرياني إنه في ظل غياب الحراك الجنوبي المنقسم بين مطالبين بالفيدرالية ومطالبين بالانفصال الكامل، «ستكون انطلاقة الحوار بروتوكولية». وأضاف أن «الحوار الحقيقي لن يبدأ إلا عندما يأتي الجنوبيون ليتكلموا بصوت واحد»، وهو أمر يمكن أن يتحقق «إذا ما بادرت الحكومة بتلبية مطالبهم». ويطالب الحراك إعادة دمج نحو 60 ألف موظف في القطاع العام والجيش والقوى الأمنية تم فصلهم «تعسفياً» أو أحيلوا إلى التقاعد المبكر بعد محاولة انفصال جنوبية أجهضها الشمال بالحديد والنار عام 1994، فضلاً عن إعادة أراض يقول الجنوبيون إن شماليين نافذين وضعوا يدهم عليها.
من جهته، قال المحلل في معهد بروكينغز بالدوحة إبراهيم شرقية إن «جنوبيين كثر سيستمرون بالمطالبة بالانفصال عن حكومة صنعاء التي لا يثقون بها» إذا لم يتم أخذ مخاوف الحراك الجنوبي بعين الاعتبار.
وحذر المحلل من أن «القرارات السيئة التي تؤخذ خلال المرحلة الانتقالية يمكن أن تدمر العملية السياسية وتؤجج الفوضى وعدم الاستقرار». وبحسب شرقية، فان وجود الرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن حيث ما زال يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام صاحب أكبر كتلة برلمانية، «يعقد أيضاً الحوار الوطني وعملية المصالحة».
وإضافة إلى القضية الجنوبية، سيتطرق الحوار إلى مسألة التمرد الشيعي الحوثي في شمال البلاد وتأجج التوترات الطائفية بين الشيعة والتيارات السنية المختلفة بما في ذلك السلفيين والإسلاميين المنضوين تحت لواء التجمع اليمني للإصلاح. وما زال اليمن يواجه موجة عنف مصدرها تنظيم القاعدة فضلاً عن تحديات اقتصادية هائلة.
ولضمان أمن المشاركين في الحوار، منعت السلطات حمل السلاح في صنعاء وفي المدن الكبرى حيث سيتم نشر 60 ألف جندي وشرطي.
«فرانس برس»