تسعى دوائر انتخابية داخل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لإيجاد بديل آخر لمقعد طهران داخل المجلس، وذلك نظرا لتراجع وانكماش أداء الاقتصاد الإيراني وعملتها من جهة، وضعف أداء الممثل الإيراني وعدم رضا المجموعة التي يمثلها داخل المجلس، ومنها تونس والمغرب والجزائر، عن أدائه من جهة أخرى.
ويتألف المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي من 24 مديرا، ويرأسه المدير العام للصندوق، ويضم مقاعد مستقلة للبلدان المساهمة الخمسة الكبرى- وهي الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة - إلى جانب الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية، أما المديرون الستة عشر الآخرون فتتولى انتخابهم مجموعات من البلدان تعرف باسم الدوائر الانتخابية لفترات مدتها عامان.
ووفق مصادر تحدثت لصحيفة الشرق الأوسط، فإن مقعد إيران داخل المجلس التنفيذي بدأ يتزعزع خلال الفترة الحالية، بسبب الانكماش الاقتصادي الإيراني وتهاوي عملة البلاد، وكذلك التحركات الجدية من قبل الدول التي ينوب عنها الممثل الإيراني، والتي بدأت فعليا البحث عن خيار آخر لقيادة هذا التحالف، بدعم أيضا من الموقف السياسي الدولي الذي تواجهه طهران من جهة أخرى.
من جانبه، أكد فضل البوعينين الخبير المالي والاقتصادي، أن القيادة في صندوق النقد الدولي يجب أن تكون للأقوى من حيث الجانب الاقتصادي والمالي والسياسي.
وقال "في الآونة الأخيرة فقدت إيران قوتها على مختلف المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية، لذلك من المتوقع أن تطلب كثير من الدول التابعة للمقعد الإيراني في صندوق النقد الدولي تغيير القائد، والبحث عن الأفضل".
وأشار البوعينين إلى أن إيران لم تعد لديها القدرة على تقديم الإسهامات المالية المرجوة في صندوق النقد الدولي بسبب الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، نتيجة للعقوبات الاقتصادية العالمية المفروضة على اقتصاد طهران.
وقال "موازين القوى ستتغير في المستقبل، ومن كان يعتمد على إيران اقتصاديا أو ماليا أو حتى سياسيا فإنه سيبحث عن دول أخرى للاعتماد عليها".
ولفت البوعينين إلى أن الضعف الكبير الذي يعاني منه الاقتصاد الإيراني والموقف السياسي للبلاد سينعكس سلبا على جميع علاقات طهران في المنظمات العالمية، كما أنه سينعكس سلبا على مستوى تأثيرها في هذه المنظمات، وهي المنظمات التي تعتمد عادة على التحالفات، مضيفاً "خسارة إيران لقيادة مقعد تحالفها في صندوق النقد الدولي بات مسألة وقت".
من جهة أخرى، أكد الدكتور خالد الفلقي أستاذ المحاسبة والمالية في كلية إدارة الأعمال في جامعة الدمام، أن العامل السياسي هو من يؤثر على قيادة أي مقعد في صندوق النقد الدولي، وقال "ما يتعرض له الاقتصاد الإيراني من عقوبات وحصار، بسبب المواقف السياسية، هو الذي سيفقد إيران قيادتها للمقعد التحالفي في صندوق النقد الدولي".
وأشار الفلقي إلى أن الموقف الضعيف الذي يواجهه الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الحالية يعزز من فرصة خسارتها لقيادة المقعد المخصص في صندوق النقد الدولي، موضحا أن العقوبات الاقتصادية الصارمة التي يتعرض لها الاقتصاد الإيراني من الممكن أن تخلف خسائر كبيرة لطهران.
واتفق الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف من جانبه مع القول بأن استمرار طهران في قيادة المقعد التحالفي الذي يجمع دول تونس، والجزائر، والمغرب، وغيرها، سيقلل من القوة التصويتية لهذا المقعد في صندوق النقد الدولي.
وقال "أعتقد أنه من الأولى أن يكون هنالك تغيير للقائد والممثل الأول لهذا المقعد، وخصوصا أن الأوضاع الاقتصادية الحالية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني ستضر بمصالح الدول التابعة لها في مقعد صندوق النقد الدولي".
يذكر، أنه كان قد كشف مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي في شهر يناير الماضي، أن الصندوق سيرسل بعثة إلى إيران في النصف الأول من هذا العام لتقييم حالة اقتصادها وتأثير العقوبات الغربية.
وتوقع صندوق النقد الدولي في أكتوبرالماضي، أن يكون اقتصاد إيران قد انكمش على الأرجح في 2012 وأن يكون التضخم قد ارتفع إلى 25 في المائة، وقال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالصندوق في وقت سابق، إن تلك التوقعات كانت قبل الانخفاض الحاد في عملة إيران (الريال) نهاية العام الماضي، مضيفا: "نتوقع أن إعادة النظر في تلك الأرقام في ضوء البيانات الحديثة ستظهر تأثيرا يتجاوز تقديراتنا في ذلك الحين".
ومن المعلوم أن صانع القرار في الصندوق الدولي هو مجلس المحافظين، لكن يتولى مجلس تنفيذي يمثل البلدان الأعضاء البالغ عددهم 187 بلدا، القيام بأعمال الصندوق اليومية، وهيئة موظفين دوليين يقودهم المدير العام وثلاثة نواب للمدير العام و24 مديرا، علما أن كل عضو في فريق الإدارة يتم اختياره من منطقة مختلفة من العالم، وتأتي الصلاحيات المفوضة للمجلس التنفيذي في تسيير أعمال الصندوق من مجلس المحافظين، صاحب السلطة الإشرافية العليا.
ومجلس المحافظين، الذي يضم ممثلين لكل البلدان الأعضاء، هو صاحب السلطة العليا في إدارة صندوق النقد الدولي، وهو يجتمع في العادة مرة واحدة سنويا خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.