تسبب الشح الكبير في توافر العملة الصعبة في إيران إلى تعطيل واردات القمح والطحين، ما يهدد المادة الأساسية للحياة وهي الخبز، في الوقت الذي يتم فيه إحكام العقوبات الغربية على إيران وتشهد البلاد تبعاً لذلك مزيداً من التدهور الاقتصادي.
ويقول تجار ورجال أعمال في إيران إنهم لم يعودوا قادرين على استيراد حتى القمح والدقيق بسبب عدم توفر مبالغ كافية، لذلك من الدولار الأمريكي والعملات الصعبة، وعدم قدرة البنك المركزي الإيراني والبنوك المحلية على تلبية حاجاتهم من هذه العملات.
ونقلت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية عن رجل الأعمال الإيراني محمد رضا بيهزاديان قوله إنه يحاول استيراد خمسة آلاف طن من دقيق القمح من كزاخستان منذ ثلاث شهور إلا أنه لم يتمكن من ذلك، وذلك بسبب أن الحكومة الإيرانية لم تعد قادرة على توفير العملة الصعبة والدولار الأمريكي بشكل خاص للتجار والمستوردين من أجل القيام بذلك.
ويقول بيهزاديان إن الشركات الخاصة ومعها المستثمرون الأفراد والتجار يعانون نتيجة عدم توفر العملة الأجنبية في البلاد، أو نتيجة عدم توفيرها لهم بالسعر الرسمي الذي يختلف بشكل كبير عن أسعارها في السوق السوداء، وهو ما يتسبب بمتاعب ومصاعب كبيرة تعوق أعمالهم وحركتهم التجارية.
وتنقل الصحيفة البريطانية عن مسؤول أمريكي قوله إن "العقوبات على إيران تهدف إلى تكثيف الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني"، وذلك بسبب تمسكه بالبرنامج النووي الذي يثير قلقاً كبيراً في المنطقة والعالم، وخاصة لدى الدول الغربية التي تشك في أنه برنامج سلمي.
وشددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من العقوبات على إيران، سواء العقوبات النفطية أو المالية، وهو ما أدى إلى تدهور حاد في سعر صرف العملة المحلية حيث هبط الريال الإيراني بأكثر من 60% منذ بدأت العقوبات المالية، أما صادرات النفط الإيرانية فتراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 25 سنة، وهو ما أدى بالضرورة إلى تراجع العوائد المالية التي تأتي من القطاع النفطي.
وأمام هذا التراجع الحاد في سعر صرف العملة الإيرانية أمام العملات الأجنبية تقوم الحكومة الإيرانية بتزويد المستوردين بالدولار الأمريكي بسعر يختلف عن سعر السوق في محاولة لتقديم دعم غير مباشر للسلع، حيث يحصل مستوردو القمح والأدوية على الدولار مقابل 12260 ريالا إيرانيا، أما مستوردو البضائع الأخرى فيشترون الدولار مقابل 24386 ريالا إيرانيا، فيما يبلغ سعر الدولار الأمريكي في السوق المفتوح بنحو 35500 ريال ايراني.
وأمام عدم توافر الدولار الأمريكي وغيره من العملات الأجنبية فإن العديد من المستوردين يضطرون لشراء الدولار من السوق المفتوح بأسعار مرتفعة جداً، والتعامل مع بعض الشركات في الصين وكوريا الجنوبية وتركيا وروسيا عبر حوالات مالية تقليدية لا تمر بالقنوات المصرفية الأوروبية أو الأمريكية لتجنب العقوبات، وهو الأمر الذي يجعل من السلع المستوردة، بما فيها القمح، باهظة الثمن وخاضعة لمخاطرة أكبر.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الإيراني تراجعاً كبيراً فإن الولايات المتحدة تواصل تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية، كما تضغط على الاتحاد الأوروبي والصين والكثير من دول العالم من أجل تشديد العقوبات على النظام الإيراني بصورة أكبر.