كتبت - زهراء حبيب:
دعــــت وزارة التربيــــة والتعليـــــم مؤسســـــات المجتمــــع المدنـــــي ورجال الدين، إلى تعزيز الشراكة المجتمعيــــة والنــــأي بالمـــدارس والمؤسسات التعليمية عن أعمال العنف والتخريب.
وتأتي دعوة الوزارة بعد أن وصل عدد الاعتداءات على المدارس إلى 148 اعتداءً منذ بداية 2012 وحتى مارس 2013، أسفرت عن تعرض أكثر من 5 آلاف طالب أغلبهم بالمرحلة الابتدائية لأزمات نفسية، تطلبت حالة بعضهم تدخل الطب النفسي.
وكشفت الوزارة خلال مؤتمر صحافي عقد أمس لعدد من مسؤوليها، وعلى لسان مدير العلاقات العامة والإعلام فواز الشروقي، أن خسائر الوزارة جراء تعرض مؤسساتها التعليمية للتخريب فاقت مليون و600 ألف دينار خلال الفترة.
تصاعد العنف
وعرض الشروقي في بداية المؤتمر صوراً لأعمال تخريب طالت عدداً من المدارس الحكومية، بينها احتراق صف دراسي بأكمله، وإتلاف أسوار المدارس، لافتاً إلى أن أعمال العنف بدأت تتطور بصورة مخيفة خلال الشهرين الماضيين، باستخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف» ما أظهرته إحدى الصور لكاميرة أمنية وضعت في إحدى المدارس، وإغلاق المدارس بالأقفال الحديدية، وسكب الزيوت وحرق الإطارات لمنع المعلمين والطلبة من الوصول للمدارس والحصول على حقهم في العمل والتحصيل الدراسي.
وقــــال الشروقــــي إن المــــــدارس الحكومية تتعرض بصورة يومية لأعمال العنف والتخريب، وآخرها انفجار قنبلة في يد عامل آسيوي عند مروره قرب مدرسة بالدير، مضيفاً «في السابق كان الاعتداء يتم ليلاً أما الآن فإن المخربين ينفذون أعمال العنف تحت ضوء النهار».
وأبدى تخوفه من استمرار تلك الأعمال وتصاعد وتيرتها، بعد أن أصبحـــت تهــدد حيــــاة الطلبـــة والمعلمين وكافة العاملين في المدارس المستهدفة.
70 اعتداءً بـ 3 أشهر
ونبه الشروقي إلى أن المدارس الحكومية في المحافظات الخمس ومجموعهــا الكلــي 206 بمختـلــف المراحل التعليمية، تعرضت لـ148 اعتداءً خلال العام الماضي وحتى مارس 2013، مشيراً إلى أن معظم أعمال العنف تركزت في المحافظتين الشمالية والوسطى.
وأوضح الشروقي أن الوزارة سجلت في عام 2012 ما مجموعه 78 اعتداءً تخريبياً على مؤسساتها التعليمية، ومنذ بداية العام وحتى مارس الحالي بلغت 70 اعتداء.
وفصل الشروقي أشكال العنف التي تتعرض لها المدارس بالأرقام، إذ وقعت 34 حالة اقتحام، 29 قذفاً للمدرسة بمواد حارقة «مولوتوف»، 37 حالة لحرق السور الخارجي، ولم يسلم الحراس من تلك الأعمال إذ سجلت 4 حالات اعتداء على حراس المدارس، وضبط طفل يعلم أقرانه كيفية صنع «المولوتوف» داخل الحرم المدرسي.
وساهمت تلك الأعمال في بعض الأيام إلى انخفاض نسبة حضور الطلبة إلى المدارس بسبب إغلاق الطرقات المؤدية لمدارسهم، ففي 14 فبراير الماضي شكل الحضور بإحدى المدارس 13% فقط وفق ما أعلن الشروقي.
كاميرات أمنية
وفي المقابل تعمل وزارة التربية والتعليــــم علــى عدد من الإجراءات الأمنية، تشمل تركيب الكاميرات الأمنية الخارجيــة فــــي المـــدارس، وبالفعل بــدأت المرحلـــــة الأولـــى وشملــــت 10 مــدارس، وتم تكليف شركـــــــة خاصــــــة بتولـي مهمة دراسة ما تحتاجه كل مدرسة من كاميرات، وبناء عليه يتــم تعميـــم التجربة على بقية المدارس.
وكثفت وزارة التربية أعداد الحراس في المدارس خاصة المستهدفة بالاعتداءات التخريبية، وتعليمهم كيفية تأمين المدرسة، والتأكد من معدات السلامة، فيما لفت الشروقي إلى سرقة 100 طفاية حريق خلال العام الماضي.
ونسقت التربية مع «الداخلية» لمضاعفة أعداد الدوريات الأمنية حــــول المؤسســــات التعليميـــــة، خاصـــة فـــي المحافظتين الشمالية والوسطى.
102 ألف خسائـر 14 مارس
وتكبدت وزارة التربية والتعليم خسائر مالية جمة إثر الأعمال التخريبية، ففي عام 2012 بلغت الخسائر جراء تعرض عدد من المدارس لحرق بعض مرافقها وإتلاف محتوياتها نحو مليون ونصف دينار، وبلغت خسائر يوم 14 فبراير 2013 فقط 87 و500 دينار، وتضاعفت في 14 مارس إثر الاعتداء على 11 مدرسة في يوم واحد إلى 102 ألف و916 ديناراً.
أزمات نفسية لـ5 آلاف طالب
وخلفت الأعمال التخريبية تعرض 5200 طالب وطالبة لأزمات نفسية تفاوتت بين البسيطة والمتوسطة والشديدة، وتطلبت بعض الحالات تدخل الطبي النفسي لعلاجها على يد استشاريين نفسيين، بحسب ما قاله القائم بأعمال مدير التربية الخاصة خالد السعيدي.
وقال السعيدي إن أكثر الحالات المرصودة كانت لطلبة المرحلة الأولى من التعليم الأساسي، بحكم سن الطفل وعدم قدرته جهازه النفسي على التكيف والتأقلم مع واقع الأحداث وعنفها في المؤسسة المدرسية.
وتطرق السعيدي إلى المشاكل النفسية والسلوكية المرصودة لدى مجموعة كبيرة من الطلبة منها رهاب الخوف من دخول المدرسة، عدم القدرة على التكيف النفسي والتوافق الاجتماعي داخل المدرسة، القلق المضطرب، التبول اللإرادي، حالات الحزن الشديد والاكتئاب والتوتر المرضي، فقدان العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الطلبة والأسر، ما اضطر إلى نقل عدد من الطلبة إلى مدارس أخرى لإبعادهم عن الظروف المعززة للنفسية السلبية.
وأبدى مخاوفه من بروز العديد من الأمراض النفسية في مرحلة الطفولة مع تقدم العمر، خاصة التي لا يمكن ملاحظتها الآن، محذراً من إفراز جيل متصدع نفسياً على المستوى الصحي وعدم الاستقرار الاجتماعي، فيما لم تقتصر الآثار السلبية على الطلبة فقط بل شملت عدداً من المعلمين لكن بنسب قليلة جداً.
وفيما يخص العلاج أوضح السعيدي أنـــه تــم تحويـــل بعــض الحـالات للطب النفسي، وتنظيم برامج التدخل المبكر لاكتشاف وعلاج الحالات المضطربة قبل أن تتدهور حالتها على الصعيدين النفسي والاجتماعي، ووضع برامج توعوية مـــن المحاضـــرات وورش العمــــل لمعظم المدارس.
الخطة العلاجية
وفي هذا السياق قال فواز الشروقي إن وزارة التربية نفذت خطة علاجية سريعة في أثناء الأزمة وبعدها، شملت حملات فردية وجماعية، وتم خلالها معالجة أكثر من 5200 حالة عن طريق زيارات ميدانية للصفوف، وهناك حالات فردية كثيرة لا يمكن حصرها لاستمرار تأثرها حتى يومنا هذا، ومنها حمـلات علاجيــة ووقائية شملت الطلبة المتضررين كالجلســـات استشاريـــة وورشــــات عمل ومحاضرات توعوية، وألعاب تعليمية.
وتسعى الوزارة إلى تعزيز قيم العيش المشترك عملياً من خلال زيادة عدد الأنشطة والبرامج والفعاليات المشتركة بين الطلبة، خاصة في المدارس التي شهدت بعــض الاحتكاكات والمواجهــات السلبية، وضرورة ترابط هذه البرامج والفعاليات لتعزيز الوحدة الوطنية، والعمل على معالجة العنف والحد من آثاره على نفوس الطلبة، واستعادة الثقة المفقودة في بعض المدارس بين المعلم والطالب، باعتبار المعلم مصدر القيم والقدوة التي اهتزت في بعض الأحيان.
من جانب آخر تطرق مدير شؤون المنظمـــات واللجـــان د.عبدالغنــي الشويخ، إلى دور مؤسسات المجتمع المدني في حماية المؤسسات التعليميـــة مـــن أعمـــال العنــــف ومحاولات تعطيل الحياة الدراسية، بعد أن حققت البحرين نسبة 100% فلا يوجد طفل خارج أسوار المدرسة، وهو إنجاز قل ما يوجد في الدول المتقدمة.
وشجــــع علــــى تعزيـــز الشراكــــة الاجتماعيـــة مــن خـلال المؤسسات الأهليــــة والجمعيــــات الخيريـــــة والاجتماعية، والنوادي الشبابية عن طريق عقد الندوات التوعوية، مشيراً إلى تعـاون الوزارة مع وزارة البلديات والمجالس البلدية في تزيين أسوار المدارس كوسيلة لإبعادها عن إرهاصات السياسة، مطالباً وسائل الإعلام بتكثيف دورها في توجيه المجتمع لوضع حد لأعمال العنف تجاه المدارس.
فيما أكد القائم بأعمال الأمين العام للجنة البحرين الوطنية للتربية والعلوم والثقافة غازي المرزوق، أن أعمال العنف والتخريب التي تتعرض لها المدارس تتعارض مــــع كافــــة المواثيـــق والقوانين الدولية، ومن ضمنها اليونسكو، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلــــوم «الألكســــو»، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الأسيسكو»، التي أصدرت بيانات إدانة لتعرض المؤسسات التعليمية لأعمال العنف والاعتداء.