عواصم - (وكالات): أكد الرئيس السوري بشار الأسد تصميمه على «تطهير» بلاده من «التكفيريين والظلاميين» بعد مقتل العلامة محمد سعيد رمضان البوطي في انفجار في دمشق أودى بنحو 50 شخصاً أمس الأول، بينما دان رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أحمد معاذ الخطيب اغتيال البوطي، واصفاً الاعتداء بأنه «جريمة بكل المقاييس».
وأعلن وزير الصحة السوري سعد النايف ارتفاع حصيلة القتلى في الانفجار الذي استهدف مسجد الإيمان في حي المزرعة شمال العاصمة، إلى 49 شخصاً، بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الحصيلة بلغت 52 قتيلاً. وفي حين أعلنت السلطات السورية الحداد على البوطي وضحايا التفجير، أفادت صفحة العلامة الراحل على موقع «فيسبوك» أن مراسم التشييع ستقام في اليوم نفسه «بعد صلاة الظهر من الجامع الأموي».
ودان الرئيس الأسد اغتيال رجل الدين السني البارز المؤيد له. وقال في بيان «أعزي نفسي وأعزي الشعب السوري باستشهاد العلامة الدكتور الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي تلك القامة الكبيرة من قامات سوريا والعالم الإسلامي قاطبة».
وأضاف «وعداً من الشعب السوري وأنا منهم أن دماءك أنت، وكل شهداء الخميس لن تذهب سدى لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم».
في نيويورك تجاوز مجلس الأمن الدولي خلافاته حول سوريا أمس وتوصل إلى توافق نادر وصاغ بياناً دان فيه الاعتداء الانتحاري الذي أسفر عن 49 قتيلاً في أحد مساجد دمشق.
وجاء في البيان الذي لم يوجه مع ذلك أصابع الاتهام إلى أي جهة، أن «مجلس الأمن يدين بأقسى العبارات الهجوم الإرهابي في أحد مساجد دمشق». وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية احمد معاذ الخطيب دان اغتيال البوطي، واصفاً الاعتداء بانه «جريمة بكل المقاييس».
وفجر انتحاري نفسه أمس الأول داخل جامع الإيمان بينما كان البوطي يعطي درساً لطلابه، بحسب المصادر السورية. وتسبب الانفجار بتناثر أشلاء القتلى في كل مكان وبدمار كبير.
وقال مصدر أمني إن البوطي كان «يرفض توفير حماية شخصية له، أو التنقل باستخدام سيارة مصفحة. كما كان يرفض تفتيش المصلين الداخلين إلى المسجد».
وولد البوطي في عام 1929. وهو ينتمي إلى قبيلة كبيرة ذات أصول كردية، ومعروف في سوريا كون خطبة الجمعة التي كان يلقيها كانت تنقل كل أسبوع عبر التلفزيون الرسمي.
وكان من المدافعين عن نظام الأسد ومن اشد منتقدي الحركة المسلحة ضده. وتحدث في خطبة ألقاها في 8 مارس الجاري عن «غزو شامل متنوع» على سوريا «يستدعي منا جميعاً أن نخضع لأمر الله سبحانه وتعالى الذي يدعو في مثل هذه الحال إلى الاستنفار»، أو «إلى ما يسميه علماء الشريعة الإسلامية بالنفير العام». وندد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالتفجير، معتبراً أن «هذه التفجيرات الإجرامية وخاصة الموجهة ضد بيوت الله ورواد هذه البيوت مدانة بأشد العبارات».
ونددت إيران حليفة الأسد، بقتل البوطي. ووصفت وزارة الخارجية السورية مقتل البوطي مع طلابه «بأنه عمل وحشي للمجموعات المتطرفة». وفي التظاهرات التي خرجت الجمعة ككل جمعة لتطالب بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في مناطق مختلفة، لم يبد المتظاهرون أي أسف على مقتل البوطي.
وحملت التظاهرات شعار «أسلحتكم الكيميائية لن توقف مد الحرية، وسالت لافتة في إدلب «أصحاب الخطوط الحمراء الأسلحة الكيماوية أخيراً... فماذا بعد؟»، في إشارة إلى تصريحات أمريكية وغربية حول اعتبار استخدام الأسلحة الكيميائية خطا احمر. وتبادل المعارضون والنظام الاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية قبل أيام في حلب. وأعلنت الأمم المتحدة أنها ستفتح تحقيقاً بشأن استخدام هذه الأسلحة، بينما قال مسؤول أمريكي أن بلاده لم تعثر على أي مؤشر ذي صدقية يؤكد استخدامها.
في دبلن قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي أن برلين «ما زالت مترددة» في السماح لدول الاتحاد الأوروبي بتزويد مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة وذلك قبل اجتماع بشان هذه المسألة مع نظرائه الأوروبيين في دبلن.
وفي جنيف تبنى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قراراً قدمه عدد كبير من البلدان العربية مدد سنة إضافية مهمة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول الوضع في سوريا.
ميدانيا، تواصلت أعمال العنف أمس في مناطق عدة، وأدت إلى مقتل 47 شخصاً. وفي الأردن، حذرت منظمات إغاثية بريطانية من أن وجود مئات آلاف من اللاجئين السوريين في الأردن يستنزف مصادر المياه الشحيحة في هذا البلد إلى «الحد الأقصى».