الدوحة - (وكالات): أقر اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، في ختام أعماله على مستوى القمة الدورة العادية الرابعة والعشرين مساء أمس في العاصمة القطرية الدوحة، مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان وتكليف لجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين في الدول الأعضاء لإعداد النظام الأساسي للمحكمة وعرض نتائج أعمالها على مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته المقبلة في سبتمبر المقبل.
وتعتبر مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى بإنشاء محكمة حقوق الإنسان العربية خطوة مهمة ورؤية مستقبلية تواكب تطلعات شعوب الأمة العربية وتلبي تطلعاتهم للإصلاح والتحديث والتطوير وتحقق التنمية المستدامة وتعزز ركائز دولة القانون والعدالة والتكافؤ والمساواة واحترام حقوق الإنسان وكرامته بما يتوافق والعقيدة الإسلامية والمواريث العربية الأصيلة.
وصدر عن القمة العربية «إعلان الدوحة»، تأكيد القادة العرب على دعم القادة العرب للحوار الوطني الذي دعا إليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بهدف تحقيق الانسجام والوئام الوطني وتقريب الرؤى ووجهات النظر بما يخدم المصلحة الوطنية العليا وآمال الشعب البحريني وتطلعاته في السلم والعدالة والدفع بعجلة الإصلاح والتنمية الشاملة في ظل الوحدة الوطنية.
كما أكد «إعلان الدوحة» حق الدول الأعضاء بتسليح المعارضة السورية، ومنح مقاعد دمشق في الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة لها للائتلاف الوطني السوري المعارض.
وشدد الإعلان الذي اختتمت به القمة التي كان يفترض أن تستمر حتى اليوم وإنما اختصرت في يوم واحد على «أهمية الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي كأولوية للأزمة السورية مع التأكيد على الحق لكل دولة وفق رغبتها تقديم كافة وسائل الدفاع عن النفس بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر». ورحب الإعلان والقرار العربي الخاص بسوريا «بشغل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية مقعد الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية ومنظماتها ومجالسها إلى حين إجراء انتخابات تفضي إلى تشكيل حكومة تتولى مسؤوليات السلطة في سوريا». وتقرر أن تعقد القمة المقبلة في الكويت في مارس 2014.
وتأتي هذه القرارات العربية بعدما جلست المعارضة السورية للمرة الأولى على مقعد سوريا في قمة الدوحة، وترأس الوفد السوري رئيس الائتلاف المعارض احمد معاذ الخطيب وجلس في مقعد رئيس وفد «الجمهورية العربية السورية»، فيما رفع «علم الاستقلال» الذي تعتمده المعارضة بدل العلم السوري.
وقد اعتبرت القمة الائتلاف «الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري والمحاور الأساس مع جامعة الدول العربية، وذلك تقديراً لتضحيات الشعب السوري والظروف الاستثنائية التي يمر بها».
وتحفظت عن القرار الخاص بسوريا الجزائر والعراق، فيما نأى لبنان بنفسه عن القرار.
ودعت قمة الدوحة أيضاً في قراراتها الختامية إلى «عقد مؤتمر دولي في إطار الأمم المتحدة من أجل إعادة الإعمار في سوريا وتكليف المجموعة العربية في نيويورك متابعة الموضوع مع الأمم المتحدة لتحديد مكان وزمان المؤتمر». وحثت القمة «المنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري» على غرار الجامعة العربية، كما دعت المنظمات الدولية لتقديم الدعم لتمكين الشعب السوري من «الدفاع عن نفسه».
كما تبنت القمة مقترحي قطر بعقد قمة مصغرة للمصالحة الفلسطينية في القاهرة وبتأسيس صندوق عربي خاص بالقدس مع رأسمال يبلغ مليار دولار. وسبق أن أعلنت قطر في افتتاح القمة تغطية ربع قيمة هذا الصندوق.
وقد أشار قرار خاص للقمة إلى أن الصندوق سيعمل على «تمويل مشاريع وبرامج تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف وتعزيز صمود أهلها ولتمكين الاقتصاد الفلسطيني من تطوير قدرته الذاتية وفك ارتهانه للاقتصاد الإسرائيلي ومواجهة سياسة العزل والحصار». وكلف البنك الإسلامي للتنمية بإدارة هذا الصندوق.
كما قررت القمة تشكيل وفد وزاري عربي برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وعضوية كل من الأردن والسعودية وفلسطين ومصر والمغرب والأمين العام للجامعة العربية، نهاية أبريل المقبل لإجراء مشاورات مع الإدارة الأمريكية حول عملية السلام. من جهته، أكد رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب خلال القمة أن «الشعب السوري يرفض الوصاية وهو من سيقرر من سيحكمه «لا أي دولة في العالم»، مطالباً بحصول المعارضة على مقعد سوريا في الأمم المتحدة بعد الحصول على مقعدها في الجامعة العربية. وقال الخطيب في كلمته أمام القادة العرب «يتساءلون من سيحكم سوريا، شعب سوريا هو الذي سيقرر لا أي دولة في العالم، هو الذي سيقرر من سيحكمه وكيف سيحكمه».
وشدد على أن الشعب السوري «يرفض وصاية أية جهة في اتخاذ قراره».
وأشار إلى أن «اختلاف وجهات النظر الإقليمية والدولية قد ساهم في تعقيد المسألة»، كما شدد على أن «الشعب السوري هو الذي فجر الثورة وهو الذي يقرر طريقه».
وتأتي مشاركة الخطيب في القمة بعد يومين من تقديمه استقالته وسط جو من الانقسام في المعارضة على خلفية انتخاب رئيس الحكومة الانتقالية غسان هيتو، وتقارير عن انزعاج الخطيب من تدخلات دول في شؤون المعارضة. إلا أن الخطيب وصف مشروع الحكومة المؤقتة بـ»الإنجاز»، وقال إنه «تم اختيار رئيس لها هو السيد غسان هيتو وكلنا ثقة به، وننتظر في الهيئة العامة للائتلاف تقديم برنامج غسان لمناقشته». إلى ذلك، طالب الخطيب بمد المعارضة بكافة أشكال الدعم بما في ذلك السلاح «للدفاع عن النفس»، وبالحصول على مقعد سوريا في الأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية.
من جهة أخرى، دعا الخطيب الولايات المتحدة إلى لعب دور أكبر من تقديم مساعدات إنسانية للسوريين.
وقال «نحن لا نخجل» من الحصول على مساعدات مخصصة للشعب السوري من الولايات المتحدة قدرها 350 مليون دولار، متابعاً «لكن أقول إن دور الولايات المتحدة هو أكبر من هذا». وأضاف «لقد طالبت في الاجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنشر مظلة صواريخ باتريوت لتشمل الشمال السوري ووعد بدراسة الموضوع».
من جهته، قال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في كلمته في افتتاح القمة «إننا نكرر ما طالبنا به مجلس الأمن أن يقف مع الحق والعدالة ويستجيب لصوت الضمير الإنساني ضد الظلم وقهر الشعوب وأن يستصدر قراراً بالوقف الفوري لسفك الدماء في سوريا وتقديم المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق شعبها إلى العدالة الدولية».
بدوره رحب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالخطيب ممثلاً عن الائتلاف الذي قال إنه بات «الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري».
وفي الموضوع الفلسطيني، اقترح أمير قطر إنشاء صندوق بمليار دولار لصالح القدس وقدم 250 مليون دولار لهذا الصندوق.