كتبت - مروة العسيري وحسن الستري:
طالب النواب عند مناقشة موضوع استيضاح سياسة الحكومة بشأن سكن العمال وخاصة العزاب، وتبادل الرأي حوله، بضرورة أن تجد الحكومة حلول جذرية لمشاكل سكن العزاب، والترتيب والتنسيق بين أجهزة السلطة التنفيذية لتدارك المسألة الحاصلة حالياً، وهي تقاذف تحمل المسؤولية بين مختلف الأطراف، وأن المشكلة تفتقد للتشريع الذي يُنظمها.
وقال النواب في جلسة أمس، التي ترأسها النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالله الدوسري إن «مشكلة سكن العمال العزاب باتت تؤرق المجتمع البحريني، إذ إن كثيراً من هذه المنازل، يكون السكن مختلطاً بين الرجال والنساء، معظمهم من العمالة الآسيوية التي لها عاداتها وسلوكياتها المختلفة عن عادات وتقاليد المجتمع البحريني والشريعة الإسلامية»، وأضاف النواب «هناك العديد من الشكاوى التي تقدم بها المواطنون، بشأن بعض المناظر غير الصحية في المجتمعات الأهلية، وكذلك المناظر التي تخدش الحياء».
الخلط بين سكن العمال والعزاب
وأكد وزير العمل جميل حميدان، أن «السلطة التنفيذية والتشريعية مهتمة بالموضوع ويحتل أولية خاصة في ضوء ما حصل من أحداث وتسبب في وفاة عدد من الأشخاص في المرحلة السابقة».
وأوضح حميدان، أن النواب خلطوا بين سكن العمال والعزاب، مشيراً لوجود تنظيم لسكن العمال، حيث إن 150 ألف عامل يسكنون في مرافق سكنية بمواصفات قانونية في مختلف مناطق المملكة، كما إن هناك قانوناً يحدد مواصفات السكن، إضافة لوجود فريق من المفتشين يعملون على زيارة تلك المساكن بين الحين والآخر ليتأكدوا من سلامتها».
وأضاف حميدان «أما في الجانب الآخر فهناك سكن العمال العزاب، حيث إن قانون البحرين لا يلزم أصحاب العمل بتوفير سكن للعمال، وإنما ظلت العملية بالتنسيق بين العامل وأرباب العمل على شكل اتفاقيات، إلى أن انتشرت ظاهرة سكن العمال العزاب في الأحياء القديمة بالمحرق والمنامة وأصبحت تشكل 70% ومن الصعب أن تقرر فجأة نقلهم إلى المناطق الصناعية كالحد أو مناطق صناعية أخرى».
وسلط حميدان الضوء على أبرز المشاكل التي ترافق موضوع سكن العمال العزاب، وهي أن المساكن لا تخضع للمواصفات الصحية والسليمة، وذلك للجوء العمال بشكل فردي باستئجار غرفة في منزل مكتظ، أو يستأجرون سريراً، ووصل الأمر إلى أنهم يستأجرون (إسفنجه) ليناموا عليها».
وتعارض حميدان مع ما ذهب له معظم النواب بأن كل وزارة تلقي بالموضوع على الأخرى وبين أن «الاختصاص يندرج تحت جهات عديدة كالصحة والداخلية والكهرباء»، مؤكداً «كل مسببات الحريق السابقة كانت بسبب تمديدات الكهرباء».
وأشار حميدان، إلى أن هناك فرق مشتركة بين الوزارات واجهت عائق كبير، فالمساكن ليست مسجلة لمرافق أصحاب عمل، واصطدمت فرق العمل بواقع يحكمه الحق القانوني في تفتيش المنازل.
وأضاف حميدان «أصدرت توجيهات مهمة من قبل مجلس الوزراء، وذلك بإعداد تقارير مفصلة وتم تشكيل لجنة مشتركة، وشخصت أسباب وقوع الحوادث ورصد أوضاع هذه المساكن بين الأحياء الشعبية»، مؤكداً «شكلت لجنة وزارية وضعت خطط منها قصير الأمد وأخرى طويلة الأمد، وتم اتخاذ إجراءات لمعالجة الخطط قصيرة الأمد بشكل عاجل لمواجهة المخاطر في السوق»، شارحاً «شكلت فيها لجان مشتركة برئاسة المحافظين بكل محافظة لمسح الحالات في بعض المناطق السكنية التي تشكل خطر حاذق وكل وزارات الدولة ممثلة في اللجان وتم تقديم قضايا للنيابة العامة صدرت أحكام بإخلاء العديد من المساكن».
وأكد حميدان أنه «تم تشكيل لجنة قانونية برئاسة الداخلية تدارست كيف يتم الدخول للمساكن دون عائق قانوني، إضافة إعداد قانون مستقل، كما إن النواب يقومون بإعداد قانون لحل هذه المشكلة».
قصور تشريعي
وقال الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية العميد محمد بوحمود «تم اكتشاف أن الموضوع محل النقاش ينقسم إلى شقين أمر رقابي وآخر قانوني»، وأردف «الأمر الرقابي كان يتمثل في أن ما يقوم به المفتشون تدخل فيه بعض الأمور الفنية التي قد لا تدخل في تخصصاتهم لذلك وجب أن يتم إعداد فرق متكاملة تشمل جميع الجهات المختصة تحت توجيهات المحافظ في كل محافظة».
وأشار بوحمود إلى «أن هناك قصوراً تشريعياً من ناحية القرارات والقوانين، والقرارات ممكن تداركها بشكل تشريع دون الحاجة لانتظار الدورة التشريعية وإجراءاتها، واتضح أن الأساس في الموضوع طرفان هما المؤجر والمستأجر أي المنتفع وصاحب الملك».
ولفت بوحمود إلى أن الداخلية اقترحت «بعض التعديلات في لوائح سوق العمل بحيث تلزم رب العمل والمالك إخطار البلديات بوجود هذا البيت المؤجر لسكن العمال بشكل سريع ومنتظم وهناك قوانين تحتاج لتعديل ومنها قانون البلديات».
وشرح بحمود أن «الداخلية كجهاز إداري وأمني يطلب المساعدة من الجانب التشريعي لإزالة المخالفات بعد ضبطها فزوال السبب بزوال المسبب».
المحافظون نائمون
وانتقد النائب عيسى الكوهجي الحكومة التي دائماً تكون مواقفها هي عبارة عن ردة فعل، وتساءل «هل هناك بيت وزير بجانبه سكن عمال أو على نفس شارع منزله بيت سكن عمال؟».
ولام الكوهجي «محافظي المحافظات ووصفهم بأنهم نائمون، متسائلاً متى يسن القانون المراد لحل هذه المشكلة؟ هل في سنة 2016 او 2020؟ لماذا تنتظر الحكومة أن تحدث كارثة لتحرك ساكنا؟».
ورفض وزير شؤون المجلسين عبدالعزيز الفاضل «تصوير الوزراء والمسؤولين بأنهم غير مهتمين بأمور الشعب، مبيناً هناك مواطنون هم من يؤجرون منازلهم للعمال ولا يوجد نص قانوني ينظم هذه العملية ويمنع من تأجير السكن في المناطق السكنية»، مضيفاً «الحكومة أحالت لمجلسكم قانون الإيجار ونبحث معكم إضافة فصل كامل بشأن سكن العمال».
ومن جهته، رد وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني د.جمعة الكعبي على النائب عيسى الكوهجي «بان منزله يقع في حي في سكن عمال»، مؤكداً «هذه المشكلة يعاني منها الجميع، إلا أن لا يوجد إقبال من العمال على المشاريع التي تقوم ببناء مساكن خاصة بهم وعلى سبيل المثال هناك مشروع في المحافظة الجنوبية قام المستثمر ببناء السكن، إلا انه لا يوجد تشريع يجبر العمال باستخدام هذا السكن العمالي».
وواصل الكعبي «القطاع الخاص بنى هذه المساكن ولكننا بحاجة للنظر في هذا التشريع للتمكن من تنظيم آلية وعمل سكن العمال».
وفيما يتعلق بعمل اللجان أشار الكعبي إلى أن «هناك لجنة برئاسة وزير الداخلية تستطيع حل المشكلة من الناحية الفنية ولكن ستبقى المشكلة من الناحية الاجتماعية قائمة لأن المساكن في مناطق أهلية»، مؤكداً «نحن بحاجة إلى تشريع يمكن العمال استخدام المواقع الإسكانية، ولدينا تجربتان منها شمال «ألبا» في المحافظة الجنوبية خير مثال».
المواطن المتضرر الأول والأخير
ومن جانبه طالب وزير شؤون مجلسي النواب والشورى إعطاء المجال للوزراء الحاضرين باستيضاح سياسة الحكومة، خصوصاً وأن مجلس الوزراء لديه العديد من الخطوات التي قام بها لحل هذه المشكلة، ولا يجوز أن يتم لوم اللجان الوزارية وهي التي قامت بمجهود كبير لابد من توضيحه».
أما النائب علي زايد، فقال «جميل أن يتذكر وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب قانون الايجار، ولكن الحكومة هي من طلبت إرجاعه إلى لجنة الخدمات، فالمشكلة قديمة ولكنها تكمن في مشكلة العمالة السائبة، يجب حلها أولاً لوجود شكاوى كثيرة من قبل الأهالي، هناك تقاذف للمسؤولية من قبل الأطراف، الكل يرمي المسؤولية على الآخرين، لا نريد المشكلة تظهر بين الفينة والأخرى، هناك جهود مشكورة لوزير الداخلية بالتنسيق مع المحافظات وعلى المحافظين دور في تشخيص المشكلة ونقلها لوزير الداخلية، فالكثير يشتكي من عادات الاجانب، واستغلالهم للمواقف والممارسات غير الأخلاقية وعدم صلاحية السكن، نحن نهدف من خلال مناقشة المشروع إلى حفظ حقوق العامل والمواطن.
النائب د.جمال صالح، تطرق إلى البعد الإنساني للمشكلة قائلاً «النواب يتطرقون إلى المشكلة من جهتين، الجهتان تنظر إلى ما يحدثه العمال العزاب من أثر على المجتمع من عادات غريبة وممارسات غير أخلاقية، وهي ثقافة ناشئة من أشخاص أتينا بهم نحن كمواطنين إلى المملكة، بيد أن المشكلة الرئيسة هي أثر سكن العمال على العمال أنفسهم، فهم عمال لهم حقوق إنسانية عامة، واستغرب عدم حضور وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان»، معتبراً أن القضية بالأصل قضية حقوق إنسان، فهم أناس يتعرضون للحرق باستمرار، وبين أن الحكومة دفعت بوجود ثغرات في القانون، وتساءل لم لم تتقدم بتعديل للقانون؟!.