يرفع السياح رؤوسهم للتمتع بنسيم الصباح، بينمــــا يبحـــر الــــزورق في رحلة كغيرها من الرحلات، مع فارق واحد هو أن ركابها هم من الكلاب. وتخبر أندي بي البالغة من العمر 43 عاماً وصاحبة ستة كلاب «هذه رحلتها الثالثة... فهــي تعشـــق البحـــر». فمـــن الرحلات البحريــة إلى الجولات في المقابر، مروراً بمراكز الاستجمام، تعيش الكلاب عيشة الملـوك فــي سنغافـــورة التي تعتبــر مـن أثـــرى المدن في العالم.
وجو هووه البالغ من العمر 48 عامـاً هــو علــى علم بهذا الواقع، وقد أسس شركة متخصصــة في الرحلات البحرية للحيوانات الأليفة في يوليو الماضي. ويضم زورقه حوضاً للسباحة وصالون تجميل وأطواق نجاة... كلها مخصصة للكلاب. وتكلف الرحلة الممتدة لساعتين في عطل نهاية الأسبوع حوالي 30 دولاراً، أو 400 دولار في حال حجز الزورق برمته.
وينظم «جو هووه» وهو سمسار عقاري متقاعد رحلتين اثنتين كل أسبوع، وفي بعض الأحيان يكون ركابه من السلاحف. وهو يشرح أن «الأزواج الشباب يمتلكون حيوانات أليفة قبل إنجاب الأطفال، أو بدلاً عن الأطفال في بعض الأحيان». ويعتبر معدل الولادات في هذه الدولة المدينة التي تضم 5,3 مليون نسمة من المعدلات الأكثر انخفاضاً في العالم، وغالباً ما تحول أسعار العقارات المرتفعة دون تملك الأزواج شققاً واسعة ما فيه الكفاية لتأسيس عائلة كبيرة. وتقر أندي بي بأن الكلاب «هي بمثابة أولادي... فأنا عزباء ولدي متسع من الوقت».
وبحسب الإحصاءات الرسمية، يوجد 57 ألف كلب مسجل لدى سلطات سنغافورة في العام 2012.
وفي ظل ازدهار سوق الحيوانات، فتح 250 متجراً أبوابه في سنغافورة، وهي تبيع فئراناً بأقل من 12 دولاراً، وكلاباً قد يصل سعرها إلى آلاف الدولارات.
وتخصصت بعض الصالونات في خدمات للحيوانات، حتى أن بعضها قد وسع نطاق نشاطاته، مثل «بيتوبيا» حيث توفر خدمات الحضانة والألعاب والإكسسوارات وتقدم حمامات خاصة لإزالة الروائح النتنة بسعر يتراوح بين 40 و70 يورو، حسب حجم الكلب.
وتزداد الخدمات التي كانت فيما مضى حكراً على البشر رواجاً في عالم الحيوانات مثل الدوغا «وهو مصطلح يجمع بين كلمة «دوغ» بالإنجليزية أي كلب ويوغا». وقد أبصرت هذه اليوغا المخصصة للكلاب النور في هونغ كونغ وتايوان، قبل أن تنتقل إلى سنغافورة.
وتشرح روزاليند أو صاحبة نادي «سولر كادلز كلابهاوس» الذي يقدم صفوف دوغا منذ أغسطس أن «الحيوانات الأليفة تبقى في المنازل طوال ساعات. وتجمع الدوغا بين الكلب وصاحبه».
ويستمر النمط حتى بعد نفوق الحيوانات الثمينة. وقد خصصت صحيفة «ذي سترايتز تايمز» الشهيرة في سنغافورة صفحة وفيات للكلاب. وتتلقى محرقة «بيتس كريمايشن سنتر» المخصصة للحيوانات طلبات متزايدة. ويخبر باتريك ليم مدير هذه المحرقة أن «أغلبية الحيوانات الأليفة تعد بمثابة فرد من العائلة» ولها مكانتها الخاصة في حياة صاحبها.