قد تكون مستعمرة آلية مكتفية ذاتياً تنقب عن الموارد المنجمية وتصدرها من القمر واقعاً بعد جيل من الآن، ليساعد ذلك في تلبية الطلب على مواد أساسية للتطور على الأرض.
وطرحت هذه الفكرة خلال تجمع عقد أخيراً في سيدني كان الهدف منه الجمع بين كبار العلماء في مجال استكشاف الفضاء وبين شركات تأمل الاستفادة من الموارد المنجمية في الإجرام السماوية.
لا تملك أستراليا وكالة فضاء إلا أنها تستضيف بعض أكبر الشركات المنجمية في العالم مع أفضل التطورات التكنولوجية في هذا المجال مما جعلها المكان المناسب لهذا اللقاء الذي أطلق عليه اسم المنتدى الأولى للتنقيب عن المواد المنجمية خارج الأرض.
وقال اندرو ديمبستر من المركز الأسترالي لأبحاث هندسة الفضاء «الأمر ليس فصلاً من فصول الخيال العلمي بتاتاً. بل الأمر يتعلق بالربط بين أمور مختلفة وأظن أننا وصلنا إلى مرحلة بات الناس يقولون فيها + نعم يمكننا القيام بذلك+».
وقد تم التمهيد لهذه الطريق من خلال هبوط الإنسان ست مرات على سطح القمر فيما هو بصدد أن يثبت أن الحفر وإن بشكل محدود ممكن على سطح المريخ مع مركبات وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).
وقد تناول البحث في المؤتمر الذي استمر يومين مجموعة من المواضيع من مكننة المناجم في أستراليا والمحيط الجنوبي المتجمد إلى اختبار حفارات لاستخدامها على المريخ وتحويل الصخور القمرية إلى إسمنت ووقود.
ويقول الباحثون إن ثمة حافزاً كبيراً يدفع إلى التنقيب في الفضاء إذ إنه يعتقد أن معادن نادرة جداً على الأرض وحيوية لكل شيء من توربينات الهواء إلى السيارات الهجينة وصولاً إلى الصواريخ العابرة والهواتف الذكية، موجودة بوفرة كبيرة هناك.
ويرجح أن تكون هناك أيضاً كميات هائلة من الهيدروجين الذي يمكن استخدامه كوقود مما يفتح الباب أمام مزيد من الاستكشاف والتنقيب.
وقال فيل ميتزغر من الناسا إن مستعمرة روبوتية مكتفية ذاتياً يمكن أن تقام على القمر في غضون عشرين عاماً مع أقل من 12 طناً مترياً من التجهيزات.
وأوضح ميتزغر أنه في غضون 30 عاماً قد تصبح القدرة الصناعية للفضاء أكبر بمليار مرة من قدرة الولايات المتحدة.
وأضاف «أن الأمور تزداد أهمية وحماسة في هذا المجال وتزداد اقتناعنا أن التكنولوجيا متوافرة راهناً لكي نقيم الموارد الهائلة للنظام الشمسي» معتبراً «ليس لدينا مشكلة موارد في هذا النظام الشاسع بل مشكلة خيال».
وبعد إقامة المستعمرة على القمر يمكن لصناعة الفضاء أن تتوسع لتشمل أيضاً زنار النيازك وأبعد من ذلك أيضاً على ما أوضح ميتزغر.
وأضاف «تجارة الفضاء تتوسع بشكل كبير الآن لأن بعض الأشخاص الذين لديهم رؤية مستقبلية يعتبرون أن الأمر ممكن. ولا يمكن إحصاء المنافع الكبيرة المحتملة».
إلا أن الأمر دونه تحديات فالنظام يجب أن يكون آلياً بالكامل من أجل تجاوز مشكلة التواصل على مسافات بعيدة جداً في حين أن الطاقة وتوفير المواد يجب أن يتم محلياً.
وشركة «ريو تينتو» العملاقة تتجه إلى عمليات تنقيب يتم التحكم بها عن بعد مع برنامجها بعنوان «ماين اوف ذي فيوتشر» وقد شاركت عدة شركات تطور الروبوتات والشاحنات وسكك الحديد الآلية التي تستخدمها هذه الشركة، في المؤتمر.
إلا أن هذه الآليات الكبيرة قد لا تكون مناسبة للفضاء إضافة إلى كلفة نقلها إلى المدار العالية جداً مع مائة ألف دولار لكل كيلوغرام.
من هنا أهمية دور الناسا ووكالات فضاء أخرى من أجل تطوير تكنولوجيات متقدمة جداً لمهماتها والحصول على عائدات جانبية من شركات خاصة تستخدمها لأغراض تجارية.
رينيه فراديت نائب مدير الهندسة في مشروع «مارس كوريوسيتي» التابع للناسا قال إنه يؤمن أن العلم والصناعة «يسيران يدا بيد» رافضاً فكرة أن يكون هناك تضارب في المصالح.
وأوضح فراديت لوكالة فرانس برس «أننا نعالج الموضوع من زاوية الفهم العلمي للكواكب والإجرام الأخرى إلا أننا أيضاً نعالج مواضيع أخرى ينبغي على أوساطنا أن تواجهها». وعرض فراديت بالتفصيل تحديات العمل على سطح المريخ الذي يتمتع بجاذبية تعادل فقط بـ38% من جاذبية الأرض فيما غلافه الجوي أقل من 1% من سماكة الغلاف الجوي للأرض مما يعني برداً قارساً والتعرض لإشعاعات. وثمة فارق 14 دقيقة في الاتصالات.
وإلى جانب هذه الأمور العملية ثمة مواضيع أخرى مطروحة ومنها من يملك الموارد في الفضاء وكيفية التحكم بالنشاطات التجارية.
قد صادقت أكثر من مائة دولة بينها كل القوى الفضائية الأساسية العام 1967 على معاهدة الفضاء الخارجي التي تحمل الدول الموقعة مسؤولية التنقيب في الفضاء بما في ذلك نشاطات الشركات الخاصة.
وتنص المعاهدة على أن القمر والأجرام السماوية الأخرى ينبغي أن «تستخدم حصراً لأغراض السلام» والنشاطات فيها «يجب أن تستفيد منها كل الدول».