أكد نائب رئيس المحكمة الدستورية د.محمد المشهداني أن «المشرّع الدستوري نوّع أساليب الرقابة على دستورية القوانين، وأخذ بالرقابة السابقة على مشاريع القوانين والرقابة اللاحقة على القوانين النافذة واللوائح وكذلك امتدت هذه الرقابة إلى اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية إضافة إلى القوانين، وتتمتع أحكام وقرارات المحكمة بالحجية المطلقة، أي أنها ملزمة للجميع».
واستعرض د.محمد المشهداني في ورقة قدمها في جلسة الشق الدستوري من الملتقى، لمحات من التطور الدستوري لمملكة البحرين، موضحاً أن التاريخ الدستوري الحديث في المملكة بدأ بعد حصولها على الاستقلال في 14 أغسطس 1971، حيث باشرت الحكومة إنهاء جميع المعاهدات والاتفاقيات السياسية والعسكرية مع بريطانيا، واتخذت وانضمت إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة.
وقال إن المجلس التأسيسي المشكل لصياغة الدستور تكوّن من 22 عضواً، ينتخبهم الشعب بالانتخاب العام السري المباشر، ومن عدد من الأعضاء يعينون بمرسوم لا يزيد عددهم عن عشرة - الا أن الأمير قد عين ثمانية فقط - إضافة إلى الوزراء بحكم مناصبهم، ومنح المرسوم بقانون الخاص بإنشاء المجلس جميــــع الضمانـــات اللازمـــة، بعيداً عن أي تدخل أو تأثير من قبل الحكومة، وأضاف أنه تم التصديق على الدستور في 6 ديسمبر 1973، ثم أجريت أول انتخابات نيابية للمجلس الوطني (البرلمان) بموجب الدستور في 16 ديسمبر 1973.
وأشار إلى أن جلالة الملك كانت لديه رغبة قوية لتفعيل العمل بالمؤسسات الدستورية والديمقراطية، وإعادة النظر بالدستور الصادر عام 1973، وما نتج عن ذلك من استفتاء يعد الأول من نوعه في تاريخ البحرين السياسي والدستوري، حيث وافق الشعب بأغلبية وصلت إلى 98,4% على ميثاق العمل الوطني، والذي يعد الأساس للتعديلات الدستورية التي تمت في سنة 2002.
وتحدث عن تعديلات دستورية واسعة في عام 2002 ونتيجة لما توصل إليه حوار التوافق الوطني بين القوى السياسية في المملكة، والتي انتهت بتوصية إلى ضرورة تعديل بعض أحكام الدستور، جرت بعض التعديلات عليه في عام 2012.
وأضاف أن أهم ما جاء في هذه التعديلات، جعل الغلبة لمجلس النواب المنتخب، وانحسرت جميع السلطات التي كان يتمتع بها مجلس الشورى في مجال الرقابة السياسية على الحكومة، إضافة إلى ضرورة أن يحظى برنامج الحكومة بموافقة مجلس النواب وفق إجراءات معينة.
وأكـــد أن الدستور البحرينـــــي نص على المساواة بين جميع المواطنين رجالاً ونساء، وكفالة الحرية الشخصية، وحرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية، وحرية الرأي والبحث العلمي وحرية الصحافة والطباعة والنشر، وحرمة المساكن.
وخلص المشهداني إلى أن قواعد الدستور تتطور باستمرار، باعتبارها قواعد قانونية، وانعكاس للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن القواعد الدستورية تتميز بأنها تتغير بالتدريج، لارتباطها بوجود الدولة، والمؤسسات الدستورية فيها، ومركز الفرد وحرياته وضماناته، وبالتالي أصبح التأني سبيلاً لتعديل أحكام الدستور، حتى لا يكون عن شأن التعديلات الدستورية طريق لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح أن مجمل التعديلات الدستورية أوجدت نظاماً مختلطاً (شبه برلماني) يتمتع فيه جلالة الملك بوصفه رئيساً للدولة بسلطات فعلية، يعاونه في الوظيفة التنفيذية مجلساً للوزراء، وتقوم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على أساس التعاون والرقابة المتبادلة بينهما.