تفتح الطفلة الصغيرة عينيها الخضراوين الكبيرتين وتبتسم، هي التي تركت وسط الشتاء والبرد عند مدخل مبنى في مدينة حلب في شمال سوريا. يقول والدها بالتنبي «سميناها هبة الله، لأنها فعلاً هبة من الله». «هبة الله» معجزة صغيرة. ولدت في ديسمبر في حلب، كبرى مدن شمال سوريا، التي تشهد معارك يومية منذ تسعة أشهر. لم يكن أمام والدتها البيولوجية خيار سوى تركها في العراء، كما العديد من الأمهات السوريات اللواتي يختبرن صعوبات الحرب. وتقول أم معاوية (38 عاماً)، والدة «هبة الله» بالتبني، إن الطفلة «وضعت الساعة الثالثة فجراً عند مدخل مبنى. كانت موضوعة في كيس، تبكي، والحبل السري مازال متصلاً بها. كانت مولودة بالكاد منذ ساعة ونصف ساعة». ويوضح زوجها أبومعاوية، وهو محاط بثلاثة من أولاده الأربعة، أن «إمام أحد المساجد هو الذي عثر عليها بعدما سمع بكاءها»، قبل أن يقرر أخذها إلى أم معاوية، مصففة الشعر التي أصبحت ممرضة في مستشفى ميداني يديره المقاتلون المعارضون للنظام. وتقول هذه السيدة وهي تعد قارورة حليب للرضاعة «كانت محظوظة. خلال 12 ساعة، فحصها عشرون طبيباً في خمسة مستشفيات. كان ينقصها الأوكسيجين ولونها أزرق، لكن التيار الكهربائي لم يكن متوافراً في مستشفيات المناطق المحررة (الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة) لكي توضع في الحاضنة». تضيف «في نهاية المطاف عثرت على مستشفى في المنطقة المحتلة (الخاضعة لسيطرة نظام الرئيس بشار الأسد)، حيث بقيت (الطفلة) مدة يومين». عندما عادت أم معاوية بالطفلة إلى المنزل، لم يوافق زوجها مباشرة على انضمامها إلى العائلة. ويقول وهو ينظر إلى ابنة الأشهر الثلاثة النائمة في مهدها «أصرت زوجتي وأولادي. نظرت إليها، وفجأة بات عندي خمسة أولاد بدلاً من أربعة». يضيف هذا التاجر (45 عاماً) الذي بات عاطلاً عن العمل «ذهبت إلى المحكمة الشرعية (التي أنشأها مقاتلو المعارضة) وصرحت عنها. إذا أراد والداها استعادتها، عليهما أن يتقدما بشكل رسمي إلى المحكمة». وتسارع زوجته للقول «إن شاء الله لن يأتي أحد لاستعادتها!». تضيف «عرض أحدهم نقلها إلى ألمانيا ومنحها الجنسية». وتتابع مع ابتسامة عريضة «تحمل (الطفلة) الحظ إلينا. يوم دخلت عائلتنا، عاد التيار الكهربائي إلى المنزل بعد أيام من الانقطاع».