كتب ـ حسين التتان:
بينما كان علي يقف في طابور الانتظار بإحدى المؤسسات الرسمية لتخليص معاملة، وبعد انتظار طويل ونفاد صبر، جاءت سيدة ووقفت في مقدمة الطابور متجاهلة من هم خلفها.
هنا حدثت مشاجرة بين علي والمرأة، طالبها أن تنتظم في الدور أسوة بالآخرين، صرخت بوجهه وانهالت عليه بالسباب والشتائم وأصرت أن تكون في المقدمة، لأن وقوف المرأة في طابور كله من الرجال أمر معيب، ترفضه العادات والتقاليد العربية الرصينة!.
النظام يأتي لاحقاً
ترى فاطمة النايم في مسألة تجاهل المرأة لطوابير الانتظار «أمراً منافياً للأدب والذوق العام» وتقول «لا يمكن للمرأة أن تتجاوز القانون لمجرد أنها أنثى.. الأنظمة والقوانين يجب أن تسري على الجميع دون تمييز عنصري بين ذكر وأنثى».
وتضيف «لا يعقل أن يصطف الرجال ساعات طويلة في انتظار دورهم، ثم تأتي المرأة كي تخرق هذا النظام قصداً، متسلحة بعادات وتقاليد تلامس حياء الرجل وتدفعه لمنح دوره طواعية لأي امرأة».
ويرجع إبراهيم حسن سبب تخلف المرأة العربية لعدم التزامها بالقانون «هي تطالب بالمساواة مع الرجل في كل المحافل، لكنها عند المحك تتخلى في لحظة عن مبادئها» ويقول «طوابير الانتظار خير دليل على تناقض تعيشه النساء، هن يطالبن بالمساواة لكن خارج نطاق طوابير الانتظار، هن لا يستطعن صبراً في طابور مدته 10 دقائق».
حاجز العادات
سكينة عبدالله تنظر للموضوع من زاوية مختلفة، وترى أن القانون لا يمكن أن يكون على حساب العادات والقيم البحرينية الأصيلة «لا يقبل أي رجل أن تقف أمه أو زوجته أو ابنته في طابور متلاصق كله من الذكور».
وتواصل «من هنا يجب على الرجال أن يفسحوا المجال للمرأة لتقديمها في مواقع حساسة فقط»، وتؤكد سكينة أن تقديم الرجل للمرأة مطلوب في بعض الأمور وليس في كلها «هذا يعتمد على طبيعة المكان والموقف.. الطوابير هي من الأشياء يجب على الرجل مراعاة المرأة فيها».
وتقول أميرة يوسف «عاداتنا الإسلامية وتقاليدنا العربية، ترفض أن توضع المرأة في مواقف محرجة وغير ملائمة لطبيعتها الأنثوية، فوقوف النساء بين الرجال في طوابير الانتظار، ليس فيه مروءة، فالإسلام احترم المرأة، ومن هنا يجب على الرجل أن يكرمها ويعظمها ويجنبها المواقف المحرجة، لا أن يحتج على هذه القيم».
هو وهي واحد
ويرى عباس الملا أن القيم الإسلامية والقوانين الوضعية، طلبت من الرجل والمرأة على حد سواء الالتزام بالأنظمة، وأن يكون النظام هو الحكم في كل شيء، لا أن يتجاوز الرجل أو المرأة كل القوانين الناظمة لحياة البشر، بحجة الإسلام حيناً والعادات أحياناً».
ويقول «الإسلام احترم المرأة والرجل، وقبل ذلك طالبهما باحترام القانون، ومن لم تجد في نفسها إمكانية الوقوف في طابور الانتظار، يجب عليها أن تنيب من يؤدي عنها المهمة».
وتشير أم جود إلى أهمية المساواة حتى في طابور الانتظار وتجده «أمراً مطلوباً في كل حين»، وتؤكد «ما جعل الغرب يتقدمنا ويفوقنا في كل شيء، هو احترامه للنظام، وما جعلنا متخلفون عن بقية الأمم مخالفتنا له».
وتصف مطالبة النساء في تقديمهن بطوابير الانتظار بـ»العيب الصارخ» وتقول «المطلب ينافي أدنى مراتب الذوق العام، على المرأة أن تصارح نفسها حتى تكون شجاعة فتقف جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل في كل المحافل، دون أن تتنازل عن عفتها وكرامتها، فالقانون وحده يكفل حقوقها، والقانون يظل قانوناً واحترامه واجب».