كتب ـ أحمد الجناحي:
من يشكك بقدرة أصحاب الإعاقة على الإبداع والتميز بميادين الحياة المختلفة فليحضر مسرحية «عدنان في ربيع»، هناك تشاهد عرضاً مختلفاً يتسامى فيه المعوقون على إعاقتهم يملؤوهم الإصرار والتحدي، ويرسمون ملامح مغايرة لحياة المعوق وما ينتظره من الآخر «المساعدة وتوفير الفرصة لا الشفقة!».
عند افتتاح العرض تنتابك أحاسيس متباينة، وتتمنى أن تكون المسرحية مقبولة فقط لتجد بعد ذلك مبرراً لسقطاتها وهناتها «باعتبار أبطال العرض من ذوي الاحتياجات»، وتسمع هنا وهناك من يقول «لا تأمل أن ترى أبطالاً أو نجوماً في مسرحية اليوم».
باختصار هناك عدم ثقة في فئة ذوي الإعاقة لتمثيل أدوارهم على خشبة المسرح أو خشبة الحياة، وخلال العرض أثبتت هذه الفرضية الجاهزة بطلانها، عندما أبدعت فئة «المعوقين» واستطاعت أن توصل رسالة لجمهور الحاضرين والمهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي «لسنا بحاجة الشفقة والرأفة، مجرد مد يد المساعدة وتوفير الفرصة كلما سنحت».
على أنغام الموسيقى الكلاسيكية وبحضور وزيرة التنمية الاجتماعية د.فاطمة البلوشي في مسرح الصالة الثقافية، بدأ عرض «عدنان في ربيع « برعاية الممثل الشخصي لجلالة الملك سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، بمشاركة فئة ذوي الإعاقة ضمن فعاليات الملتقى الخليجي الثالث عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، واعتمدت على العرض السينمائي بشكل كبير، ولم تفسح المجال لفئة المعوقين لإبراز مواهبها وقدراتها، لكأن المخرج نفسه علي الفردان ليس على ثقة بأبطاله، لكن إصرارهم على النجاح وتقديم الأفضل كمل سقطات العرض، وكان أدائهم أكثر ما شد انتباه جمهور الحاضرين. الصورة والانطباع النهائي الذي تركه العرض لدى مشاهده، أن المعوقين قادرون على إعطاء المزيد لو منحوا مجالاً أوسع في التمثيل على الخشبة، بدل أدوار مبتسرة وموجزة والاعتماد على العرض السينمائي بشكل شبه كامل.
تناقض أفكار العرض وعدم ترابط فواصله ـ ويتحملها مخرج العمل دون شك ـ إلى جانب عدم توافق المشهد التمثيلي أحياناً مع الخلفية السينمائية، جعلت المسرحية بوابة مشرعة للتناقض وكأن العرض مازال فوضى ذهنية تحتاج من يرتبها.
افتقد العرض للسلاسة في الانتقال من فكرة لأخرى، تخبط بمشاهده بين الولاء وحب الوطن والخداع عبر شبكة الإنترنت، إلى شكر الشرطة في خدمة المجتمع، ثم مشهد يليه مباشرة ويحمل نقداً لاذعاً للشرطة لتقصيرهم وتأخرهم في أداء الواجب، فواصل الأغاني بالمقابل تركت أسألة معلقة تبحث عن إجاباتها في أذهان الجمهور ومدى ارتباطها بالعرض.
لم يستغل العرض كل الإمكانات المتوفرة لإيصال فكرته، ورغم مشاركة أكثر من 40 ممثلاً وممثلة بالعمل، إلا أن بعض الممثلين جسدوا أكثر من دور، فتشتت الجمهور ولم تتضح لديه هوية صاحب الشخصية ودوره في القضية المعالجة. بطولة ذوي الاحتياجات وإظهار مواهبهم وقدراتهم وإبداعاتهم من خلال فن المسرح وثقافاته كانت حاضرة منذ بداية العرض، نجحوا في إثبات إمكاناتهم ونجح الأوبريت في التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه الوطن ورفع مكانتهم المعنوية، ورسخ لدى العامة ثقافة مجتمعية مغايرة مفادها أن فئة ذوي الإعاقة قادرة على التميز والإبداع وتفجير الطاقات الكامنة. توقيت عرض العمل لعب دوراً حاسماً في نجاحه، إذ انطلق مع مهرجان البحرين أولاً، ما أعطى انطباعاً إيجابياً غير مباشر لم يشأ المخرج أن يأخذه العرض ويقول «البعض يقول العرض أخذ بعداً سياسياً، ولكنه بالعكس بعد إنساني لطلب التغيير وليس التسييس هناك فرق، فالعمل يتكلم عن بعد إنساني يمس الأسرة بالدرجة الأولى». وفي تعليقه على العمل ركز المخرج على أهمية الطفولة وبنائها بالشكل السليم، لافتاً إلى أن الطفولة العربية أصبحت مستهدفة. وأضاف «أردت إيصال رسالة من خلال العرض المتواضع للإنسان البحريني والخليجي وكل العالم، الله الله في الطفولة لأنها مستهدفة في براءتها وهويتها وإنسانيتها من جهات عدة تريد تشويهها، ولابد أن نكون حذرين يقضين ولا نسلم أبنائنا وأنفسنا إلى من يدعي الجمال وهو في باطنه قبيح».
كتب ـ أحمد الجناحي:
من يشكك بقدرة أصحاب الإعاقة على الإبداع والتميز بميادين الحياة المختلفة فليحضر مسرحية «عدنان في ربيع»، هناك تشاهد عرضاً مختلفاً يتسامى فيه المعوقون على إعاقتهم يملؤوهم الإصرار والتحدي، ويرسمون ملامح مغايرة لحياة المعوق وما ينتظره من الآخر «المساعدة وتوفير الفرصة لا الشفقة!».
عند افتتاح العرض تنتابك أحاسيس متباينة، وتتمنى أن تكون المسرحية مقبولة فقط لتجد بعد ذلك مبرراً لسقطاتها وهناتها «باعتبار أبطال العرض من ذوي الاحتياجات»، وتسمع هنا وهناك من يقول «لا تأمل أن ترى أبطالاً أو نجوماً في مسرحية اليوم».
باختصار هناك عدم ثقة في فئة ذوي الإعاقة لتمثيل أدوارهم على خشبة المسرح أو خشبة الحياة، وخلال العرض أثبتت هذه الفرضية الجاهزة بطلانها، عندما أبدعت فئة «المعوقين» واستطاعت أن توصل رسالة لجمهور الحاضرين والمهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي «لسنا بحاجة الشفقة والرأفة، مجرد مد يد المساعدة وتوفير الفرصة كلما سنحت».
على أنغام الموسيقى الكلاسيكية وبحضور وزيرة التنمية الاجتماعية د.فاطمة البلوشي في مسرح الصالة الثقافية، بدأ عرض «عدنان في ربيع « برعاية الممثل الشخصي لجلالة الملك سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، بمشاركة فئة ذوي الإعاقة ضمن فعاليات الملتقى الخليجي الثالث عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، واعتمدت على العرض السينمائي بشكل كبير، ولم تفسح المجال لفئة المعوقين لإبراز مواهبها وقدراتها، لكأن المخرج نفسه علي الفردان ليس على ثقة بأبطاله، لكن إصرارهم على النجاح وتقديم الأفضل كمل سقطات العرض، وكان أدائهم أكثر ما شد انتباه جمهور الحاضرين. الصورة والانطباع النهائي الذي تركه العرض لدى مشاهده، أن المعوقين قادرون على إعطاء المزيد لو منحوا مجالاً أوسع في التمثيل على الخشبة، بدل أدوار مبتسرة وموجزة والاعتماد على العرض السينمائي بشكل شبه كامل.
تناقض أفكار العرض وعدم ترابط فواصله ـ ويتحملها مخرج العمل دون شك ـ إلى جانب عدم توافق المشهد التمثيلي أحياناً مع الخلفية السينمائية، جعلت المسرحية بوابة مشرعة للتناقض وكأن العرض مازال فوضى ذهنية تحتاج من يرتبها.
افتقد العرض للسلاسة في الانتقال من فكرة لأخرى، تخبط بمشاهده بين الولاء وحب الوطن والخداع عبر شبكة الإنترنت، إلى شكر الشرطة في خدمة المجتمع، ثم مشهد يليه مباشرة ويحمل نقداً لاذعاً للشرطة لتقصيرهم وتأخرهم في أداء الواجب، فواصل الأغاني بالمقابل تركت أسألة معلقة تبحث عن إجاباتها في أذهان الجمهور ومدى ارتباطها بالعرض.
لم يستغل العرض كل الإمكانات المتوفرة لإيصال فكرته، ورغم مشاركة أكثر من 40 ممثلاً وممثلة بالعمل، إلا أن بعض الممثلين جسدوا أكثر من دور، فتشتت الجمهور ولم تتضح لديه هوية صاحب الشخصية ودوره في القضية المعالجة. بطولة ذوي الاحتياجات وإظهار مواهبهم وقدراتهم وإبداعاتهم من خلال فن المسرح وثقافاته كانت حاضرة منذ بداية العرض، نجحوا في إثبات إمكاناتهم ونجح الأوبريت في التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه الوطن ورفع مكانتهم المعنوية، ورسخ لدى العامة ثقافة مجتمعية مغايرة مفادها أن فئة ذوي الإعاقة قادرة على التميز والإبداع وتفجير الطاقات الكامنة. توقيت عرض العمل لعب دوراً حاسماً في نجاحه، إذ انطلق مع مهرجان البحرين أولاً، ما أعطى انطباعاً إيجابياً غير مباشر لم يشأ المخرج أن يأخذه العرض ويقول «البعض يقول العرض أخذ بعداً سياسياً، ولكنه بالعكس بعد إنساني لطلب التغيير وليس التسييس هناك فرق، فالعمل يتكلم عن بعد إنساني يمس الأسرة بالدرجة الأولى». وفي تعليقه على العمل ركز المخرج على أهمية الطفولة وبنائها بالشكل السليم، لافتاً إلى أن الطفولة العربية أصبحت مستهدفة. وأضاف «أردت إيصال رسالة من خلال العرض المتواضع للإنسان البحريني والخليجي وكل العالم، الله الله في الطفولة لأنها مستهدفة في براءتها وهويتها وإنسانيتها من جهات عدة تريد تشويهها، ولابد أن نكون حذرين يقضين ولا نسلم أبنائنا وأنفسنا إلى من يدعي الجمال وهو في باطنه قبيح».