يمثل التنوع الطبيعي أفضل ضمانة لصحة الإنسان لما يشكله من درع ضد الأمراض ومصدر للأدوية المفيدة ومساعدة نفسية للمرضى والأصحاء على السواء، على ما يعتبر أطباء وبيطريون وباحثون في كتاب يصدر اليوم في فرنسا.
ويؤكد معدو هذا الكتاب الجماعي الصادر بمبادرة من جمعيتي «الصحة البيئية في فرنسا» و»اومانيتيه ايه بيوديفيرسيتيه» (الإنسانية والتنوع الحيوي) أنه في عالم اليوم «يتم غالباً الربط بين الحيوانات الضارية وأمراض مثل التشيكونغونيا، الملاريا او انفلونزا الطيور. مع ذلك، فإننا بتدميرنا لانظمتنا البيئية واعاقتنا لحسن عمل المخلوقات الحية وتقليصنا للتنوع الحيوي، نعرض صحتنا للخطر».
وأكد بنجامان روش الباحث في علم الاوبئة في معهد الأبحاث الفرنسي للتطوير خلال تقديم الكتاب في وزارة الصحة الفرنسية أن تنوع الأجناس الذي سجل تراجعاً واضحاً على المستوى العالمي، يمثل «محركاً جباراً ضد تنامي الأوبئة». وللوهلة الأولى، قد يبدو أن لتراجع أعداد الأجناس الحية مفاعيل إيجابية على صحة الإنسان من خلال تقليص عدد العوامل المسببة للأمراض من أصول حيوانية. لكن الحقيقة مغايرة تماماً إذ إن لهذا الوضع أثره في زيادة خطر انتقال الأمراض، وفق هذا الباحث.
ويضرب الباحث مثل حمى النيل الغربي التي تتسبب سنوياً بوفاة 600 شخص في الولايات المتحدة، إذ إن محافظات لويزيانا ذات النسب الأكبر من الطيور البرية هي التي فيها أقل نسب إصابات بشرية بهذه الحمى. وبرأي الطبيب البيطري ميشال غوتييه كلير مدير الأبحاث في مؤسسة «تور دي فالا» فإن «الحيوانات البرية غالباً ما تؤخذ ككبش فداء»، مشيراً إلى أن الخوف من الحيوانات البرية الموروث من الأوبئة التي فتكت بالبشر في الماضي، لا أساس علمياً لها اليوم من الناحية الصحية. وكما الحال بالنسبة لانفلونزا الطيور، فإن أكبر الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر مصدرها اليوم الحيوانات الأليفة، وغالباً ما ترتبط «بممارسات صناعية ومعولمة في تربية الحيوانات» على ما يؤكد واضعو الكتاب. كذلك تبقى الطبيعة مصدراً ثميناً لكن هشاً للأدوية، مثل علاج «ازيدوثيميدين» المضاد لفيروس الايدز والمتأتي من اسفنجيات مرجانية من البحر الكاريبي مهددة اليوم بالاندثار.