يواجه الاقتصاد البريطاني أكبر تحدٍّ لانتعاشه منذ الكساد العظيم أواخر عشرينيات القرن الماضي، إذ تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن "مكتب الإحصاء الوطني" إلى تراجع مؤشر إنتاج التصنيع بواقع 1.5% خلال شهر يناير الذي شهد تساقط ثلوج كثيف لم تشهده بريطانيا من قبل وأثر سلباً على مختلف المجالات الحيوية.
وضربت عاصفة ثلجية جديد غير متوقعة مطلع الأسبوع الحالي جنوب وجنوب شرق انكلترا قبل أيام من حلول فصل الربيع، وإذا ما استمرت فإنها ستعزز من توقعات بعض المحللين من انزلاق الاقتصاد البريطاني إلى الركود للمرة الثالثة منذ 2008.
وعلى إثرها أغلقت العشرات من المدارس أبوابها بسبب الظروف المناخية القاسية وتعطلت حركة التنقل في العديد من الطرقات بعد استحالة استخدامها بسبب كثافة الثلوج المتساقطة، كما تم إلغاء خدمات قطار يورو ستار الذي يربط لندن بباريس وبروكسيل وما رافقه من شلل في قطاعات حيوية.
وفي تصريحات لـ"العربية.نت"، قال محلل الأسواق المالية في مؤسسة (IG) أليستر ماكاي، "من المبكّر معرفة ضرر سقوط الثلوج الأخيرة على اقتصاد المملكة المتحدة وأوروبا، لكن إذا ما عدنا الى شهر يناير فإن سقوط الثلوج يكلف الاقتصاد 500 مليون جنيه إسترليني كل يوم، ويجب أن نشير إلى أن موجة الثلج كانت مقتصرة على جنوب شرق إنكلترا الذي يعد المحرك الأساسي لاقتصاد المملكة المتحدة، وسيكون من الصعب في الوقت الحالي تقييم مدى تأثير الظروف المناخية على الاقتصاد".
البيانات القاتمة الأخيرة بانكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.3% حتى نهاية العام الماضي 2012 تضع المزيد من الضغط على سعر صرف الجنيه الإسترليني الذي تراجع الى أدنى مستوى له مقابل الدولار الامريكي وصل الى 1.48 دولار قبل ان يستقر عند 1.49 دولار.
ويقول المحلل ماكاي إنه من المتوقع أن يتدفق السياح الامريكيون الى بريطانيا لقوة الدولار أمام الجنيه الاسترليني كما سيكون الاستثمار في بريطانيا اكثر جذباً.
وفي حين لايزال ممكناً أن ينقذ قطاع الخدمات الاقتصاد البريطاني في هذا الربع، فإن البيانات تزيد من الضغط على بنك انكلترا لتنفيذ حزمة تيسير كمي جديدة الشهر المقبل لتحفيز الاقتصاد وفق ما يتوقعه المحللون.
كما سجل شهر يناير أيضاً انكماشاً في عجز تجارة السلع البريطانية مع بقية دول العالم من 2.4 مليار جنيه الى 2.8 مليار جنيه في ديسمبر.
وستلقي البيانات المتشائمة بظلالها على الحكومة البريطانية وسياسة التقشف الصارمة التي تنتهجها في إطار تصديها للعجز وتأثر اقتصادها بالأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وقد يكشف وزير المالية جورج اوزبورن في موازنته الأسبوع المقبل خطط خفض عجز الميزانية المتفاقم وتحفيز الاقتصاد بحزمة إجراءات جديدة.