كتبت ـ عايدة البلوشي:
من وجع العراق إلى الأمل المخبوء في الأفئدة، من حنين لماض جميل ولى لحاضرٍ يعاد تشكيله، عن الحب والحياة والموت والخلود، عن فسحة مرح وأخيلة مشتهاة، عن مستقبل عربي يبحث عن ملامحه، أنشدت شاعرات العرب من المنامة عاصمة السياحة العربية.
من عاصمة ودعت عام الثقافة لتستقبل فصولها السياحية، اجتمعت مبدعات العرب على مائدة واحدة، غنين لأطفال العراق وفلسطين وسوريا، عن غدٍ مشرق لا بد آت، عن شمس لا تغيب عن ربوع بلاد العرب.
الأمسية الشعرية الأولى ضمن فعاليات ملتقى الأديبات العربيات كان حافلاً، أمس الأول وفي أحضان مركز عيسى الثقافي كان اللقاء، وكانت استمرارية المسيرة لملتقى يحتفي بعامه السادس، بعد انطلاقته الأولى في دمشق 2008 على يدي الأديبة السورية الكبيرة كوليت خوري.
نثرت الشاعرات قصائدهن على الحضور زهوراً، عانقن تراب الأوطان وأحباب طال غيابهم، أمسكن بتلابيب قصيدة تحاول الفكاك من أسر القافية، وولجن باباً سبق أن شرعته الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة.
الأمسية حظيت بمشاركة كوكبة من شاعرات العرب، حضرن جميعاً بقاماتهن الأدبية الفارعة وبين يديهن زاد من وحي القصيدة لا ينضب له معين.
سلوى الأمين من لبنان، وأنيسة عبود من سوريا، وأمل الجبوري من العراق، وانتصار الدنان من فلسطين، وصالحة غابش من الإمارات، وهدى أبلان من اليمن، وزينب الأعوج من الجزائر، وبروين حبيب ونبيلة زباري من البحرين، هكذا جمعت منامة العرب مبدعات العالم العربي في صالة واحدة، وهكذا عهد المنامة ـ والتاريخ يشهد ـ حاضنة للعرب جامعة للأصدقاء مظلة لناشدي الأمن والسلام.
من البحرين انطلقت فعاليات الأمسية، وفيها تستمر حتى يوم 8 أبريل، لتؤسس لثقافة عربية جديدة ترفض الذكورية، وتضع للمرأة مكانها في خارطة الأدب العربي شعراً ونثراً وقصة ومقالة.
الأمسية أدارتها بنجاح وتمكن ابنة البحرين د.نجاح المارديني، فيما «غنت» الشاعرات من هواجس الأحلام، ورؤى المستقبل، وتفاصيل واقع مرير هناك ويعبق باللذة والسرور هنا.
ومن نصوص بعض الشاعرات نقتبس همس الشاعرة اللبنانية سلوى الأمين من قصيدة «أكتب.. قبل أن أغادر»..
قررت أن أشطب كل العبارات
عن بطاقة هويتي
قررت أن أنسى .. الزمن المولود معي
وأن أنتسب.. للزمن الواقف أمامي
فأنا.. لا أشبه من اخترع اسمي
ولا من أشبه من اخترع اسمي
ولا من سكن في رحم أمي
أنا ابنة الحياة المنكوبة بالجنون
والحقد.. والعفن
أنا فراشة الحزن
المغمسة بزيت القناديل
أنا القدر المشبوه.. المشبه به
وكان الجمهور على موعد مع الشاعرة السورية أنيسة عبود وقصيدتها بعنوان «على الأقل» ومنها نقتطف..
على الأقل
اترك لي فسحة لتتدرج دموعي من بابك إلى باب المدينة
أو قل بأنك تحزن عندما تراني كشفق بعيد
على الأقل.. ارم لي غيمة قبل الرحيل.. أو اترك لي طريقاً تدلني على مكانك البعيد
على الأقل.. أغلق باب الهواء كي لا تطير الأخيلة
أمل الجبوري «غنت» لوجع العراق، لعصور من الظلم والاستبداد، ومن قصيدتها «بغداد بعد الاحتلال» ننهل..
منطقة خضراء
تلبس عمامة ووجه ملثم يأكل أهلها
ومنطقة خضراء
تعلن انهزام المرتزقة
ومعسكر ازدهار
يعلن خراب البلاد
ومعسكر شرف
يعلن سقوط الشرف
معسكر حرية
يعلن عبوديتنا ضمن قانون طوارئ
لا ينتهي إلا بموت العراق
ومن اليمن قدمت هدى أبلان «اشتغالات الفائض»..
حين يندلق من يديك اللون
وتفيض الأشياء عن إطار اللوحة
وتخرج الريشة شاهرة رأس بيكاسو
أو ربما أصابع آمنة النصيري
تذكر أن الخيبات وحدها ستتجمع
لتصنع لوحة فائضة عن الحاجة
المجد للوحة اللقيطة
المعجونة من عرق الرسامين ونفاياتهم
المجد للوحة التي تلطخ فيك كل شيء
إلا القلب
هذا القليل من الدم الذي يصنع حمرة العالم.