يتناول الكاتب اللبناني سلمان زين الدين في كتابين صدرا له أخيراً 84 عملاً روائياً عربياً بينها 20 عملاً لروائيات ويصل إلى استنتاج هو أن المرأة الروائية لم تعد تركز على المسألة النسائية وأصبحت أكثر اهتماماً بالأسئلة الإنسانية المشتركة مع الرجل.
وقد جاء الكتابان في 500 صفحة من القطع الوسط. حمل الكتاب الأول عنوان «بلغني أيها الملك السعيد.. قراءة في رواياتهن» وجاء في 175 صفحة تناولت 20 رواية لثماني عشرة كاتبة. وعنوان هذا الكتاب مأخوذ من استهلال شهرزاد لحكاياتها لشهريار في «ألف ليلة وليلة».
أما الكتاب الثاني فعنوانه «كان ياما كان.. قراءة في رواياتهم» وجاء في 325 صفحة وتناول فيه سلمان زين الدين 64 رواية لروائيين عرب. وعنوانه كما هو بين مأخوذ من طريقة تقليدية في استهلال رواة القصص لقصصهم. وقد صدر الكتابان عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت.
في مقدمة لكتاب روايات الكاتبات حملت عنوان (استهلال) قال سلمان زين الدين إن هناك تفاوتاً بين رواية وأخرى «واستطراداً بين روائية وأخرى فتجاور الروايات لا يعني استواءها في المستوى والقيمة أو في الشعرية / الروائية أو في محاور الاهتمام».
أضاف يقول «كثيرة هي الأسئلة والمسائل التي تطرحها الروايات في «بلغني أيها الملك السعيد» ومتنوعة فمن سؤال الهوية وانشطار الشخصية بين هويتين دينيتين.. أو بين هويتين حضاريتين.. إلى سؤال القاع الاجتماعي وما يقع عليه من تهميش وقمع وإقصاء.. إلى مهنة البغاء والظروف المحيطة بها.. إلى السؤال الاجتماعي بما هو تعرية المظاهر المصطنعة والأساليب الملتوية في مجتمع المال والأعمال.
«وبما هو تحولات في الزمان والمكان تترتب عليها نهايات محزنة.. وبما هو تحولات أسرية في إطار من التواصل مع الآخرين.. إلى السؤال الطبقي.. إلى البكاء على أطلال الامتيازات الاجتماعية الآفلة.. إلى السؤال القبلي.. إلى الانتقام وعواقبه الوخيمة.. إلى الانحياز للريف والطبيعة.. إلى الاختيار بين الأرضي والسماوي.. إلى الرهان على الفعل في مواجهة التسليم القدري.. إلى قراءة العلاقات الملتبسة في ضوء التحليل النفسي.. إلى المرأة الذكورية وتأثيرها على المرأة والرجل معاً.. إلى المسألة الفلسطينية متمظهرة بالعمل الفدائي.. وبتسلط الثورة وانزلاقها إلى درك الممارسات السلطوية المنحرفة».
واستخلص الكاتب نتيجة مهمة من قراءته لأعمال تلك الكاتبات فقال «وإذا كانت بعض الروايات تلامس المسألة النسوية بشكل أو بآخر فإن المفارق أن روايتين اثنتين فقط من أصل عشرين رواية تعالج هذه المسألة فترصد إحداها الظلم الواقع على المرأة من الرجل والمؤسسة الاجتماعية والقدر... وتفكك الثانية ازدواجية المعايير الاجتماعية في التعاطي مع المرأة والرجل.
«ولعل النتيجة المزدوجة التي يمكن استنتاجها بنتيجة القراءة هي أن المرأة الروائية لم تعد غارقة في المسألة النسوية على أهميتها وأنها أصبحت أكثر اهتماماً بالأسئلة الإنسانية العامة التي تتخطى هذا الفصل التعسفي بين الجنسين إلى ما يدخل في حقل الاهتمام المشترك بينها وبين الرجل الروائي من دون أن ننسى أن هذا الأخير لم يسقط المسألة النسوية من حسابه الروائي».
ولفت النظر إلى أمر يتعلق بأساليب الكتابة فقال «إن التنوع في الحكايات المطروحة في الروايات لا يوازيه تنوع مماثل في الخطاب الروائي. لعل السبب يعود إلى محدودية الخيارات على هذا الصعيد فتقنيات السرد معروفة ومحددة سلفاً ولم تخرج أي من الروايات عن السقف المعهود في الخطاب الروائي العربي. بمعنى آخر أن هامش التجريب في الخطاب الروائي ضيق».