تقدم المخرجة الفلسطينية ساهرة درباس في فيلمها الوثائقي الجديد (قرية ومذبحة دير ياسين) شهادات حية لبعض من بقوا على قيد الحياة من السكان. ويبدأ الفيلم الذي عرض مساء الثلاثاء في قاعة (جماعة السينما) في رام الله بالتعريف بقرية دير ياسين الواقعة على تل يرتفع 800 متر عن سطح البحر غربي مدينة القدس وكان يسكنها عام 1948 ما يقرب من 750 نسمة. وتعرضت القرية في «شهر أبريل نيسان عام 1948 إلى هجوم من منظمات صهيونية» وتتضارب التقارير حول عدد القتلى الذين سقطوا خلال المعارك التي شهدتها بين سكان القرية وأفراد هذه المنظمات بين تسعين ومائتين وخمسين. وقالت ساهرة قبل عرض الفيلم «أسعى إلى حفظ الذاكرة الفلسطينية من خلال هؤلاء الشهود الناجين من مجزرة دير ياسين.» وأضافت «اخترت هذا اليوم (أمس) لعرض الفيلم بمناسبة حلول الذكرى 65 لهذه المجزرة في هذه القرية التي حولتها إسرائيل إلى مسشفى للأمراض العقلية بعد طرد كل أهلها منها». ويروي خمسة شهود فلسطينيين واثنان من الإسرائيلين الأحداث التي شهدتها «مجزرة دير ياسين» بشيء من التفصيل في التاسع من أبريل عام 1948. ويسرد الشهود الذين تتراوح أعمارهم بين السبعين والتسعين عاماً هذه الأيام شهادات عن قتل رجال ونساء وأطفال من سكان القرية على أيدي «العصابات الصهيونية الارغون والاتيسل والبالماخ» وقال محمد أسعد (86 عاماً) أحد سكان قرية دير ياسين في شهادته عن الأحداث إنه تمكن من توثيق 95 اسماً من سكان القرية قتلوا في تلك «المذبحة». وتحدثت وطفة جابر (70 عاماً) إحدى سكان القرية التي لم يكن عمرها قد تجاوز ست سنوات عندما حدث الهجوم على قريتها «صحيح أنا كان عمري ست سنين بس أنا بذكر كل شي صار». وأضافت بعد أن شاهدت الفيلم «بلدنا كانت أحسن بلد وكنا عايشين أحسن عيشه فيها». وتشهد بيوت القرية التي مازالت موجودة إلى اليوم على أوضاع سكانها الذين كانوا يعملون بالزراعة. واستعرضت المخرجة بعد عرض الفيلم كيف استطاعت بمساعدة أشخاص لم تذكرهم الدخول إلى القرية التي تحولت إلى مستشفى للأمراض العقلية وتصوير عدد من المشاهد فيها. وقالت «اعتمدت على الكثير من المصادر والمراجع العربية والإسرائيلية خلال عمل الفيلم وقدمت الشهادات الإسرائيلية والتي تتطابق مع الرواية الفلسطينية لما جرى». وأضافت «لم أنجح بالحصول على مجموعة من الصور التي التقطها المصور الإسرائيلي شمراغا بيلد لتلك المجزرة ولكني استطعت أن استخدم شهادة كان أدلى بها في سنوات سابقة بالصوت الصورة». واستعانت ساهرة في الفيلم الذي يمتد 75 دقيقة بمجموعة من صور الأرشيف إضافة إلى الخرائط لتقديم صورة عن القرية قبل أن يهجرها سكانها ويتشتتوا في مخيمات اللجوء إضافة إلى وثائق إسرائيلية وشهادات من الصليب الأحمر الدولي. ورغم مرور 65 عاماً على أحداث قرية دير ياسين وترحيل من بقي من سكانها منها إلا أن الحلم يراودهم للعودة إليها يوماً. وقال عبدالقادر زيدان (73 عاماً) أحد سكان القرية الذي قدم شهادته في الفيلم وحضر لمشاهدته «إذا كان في نصيب سنعود وأوصي أولادي وأحفادي لا تنسوا دير ياسين». وقالت منظمة التحرير الفلسطينية في بيان أصدرته الثلاثاء «إن هذه المناسبة هي حقيقة مريرة لتذكير العالم بالمآسي التاريخية التي حلت بأبناء شعبنا ودافع لتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية تجاه شعب ودولة تحت الاحتلال». وأضاف البيان «إن جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى اليوم هي دليل مادي وملموس على تورط إسرائيل السياسي والقانوني أمام البشرية وقد حان الوقت لتقديمها إلى المحاسبة ودفع ثمن احتلالها». وأوضحت ساهرة أنها ستقوم بجولة لإقامة عروض لفيلمها في المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية.