يعد المخرج السوري نجدت أنزور ثلاثية درامية «تحاكي الأزمة السورية وتشرح المواقف المتناقضة حولها داخل الوطن الواحد»، مع تصوير مشاهد في مناطق قريبة من خطوط القتال في محيط مدينة داريا في ريف دمشق التي تحاول القوات النظامية منذ اشهر استعادتها من سيطرة المعارضة المسلحة.
ويقول انزور المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد لوكالة فرانس برس «الأزمة السورية لا يمكن أن تغطى في مسلسل واحد، لذلك اخترنا هذا الشكل الجديد من خلال ثلاثية درامية تحاكي الأزمة وتشرح أبعادها والمواقف المتناقضة منها داخل الوطن الواحد».
وتقوم فكرة المسلسل الذي سيعرض خلال شهر رمضان المقبل، على عشر قصص تمتد كل واحدة منها على ثلاث حلقات ليصل المجموع إلى ثلاثين حلقة. وهي ستصور في أماكن مختلفة من سوريا بحسب ما تقتضيه القصة.
وجرى تصوير مشاهد من هذا العمل في الجهة الواقعة تحت سيطرة القوات النظامية في محيط مدينة داريا في ريف دمشق التي نزح عنها معظم سكانها بعد أشهر من القصف المدفعي والغارات الجوية. وعرفت هذه المدينة منذ انطلاقة الاحتجاجات في منتصف مارس 2011 باسم «معقل الثورة السلمية» في صفوف الناشطين المعارضين، لكنها أصبحت في الأشهر اللأخيرة من معاقل «الجيش السوري الحر» في الريف الدمشقي.
ويضيف انزور الذي دخل مع فريقه إلى المنطقة برفقة عناصر من الجيش النظامي «نحن نسمع في الأخبار وجهتي نظر، عندما نكون على الأرض نحاكي الواقع ويمكن أن تكون الحقيقة مغايرة للإعلام».
ولا حاجة إلى ديكور يحاكي الدمار أو مؤثرات بصرية خاصة هنا. فالمكان الذي جرى فيه التصوير يشهد دماراً واسعاً، ويمكن رؤية شارع طويل تصطف على جانبيه ابنية مدمرة أو محترقة بالكامل تخلو من أي أثر للحياة.
ويبدو أن خطورة المكان لم تثن فريق المخرج انزور عن إتمام مهمته والتصوير فيه.
ويقول علي الماغوط أحد الممثلين لمراسل وكالة فرانس برس إثر الانتهاء من تصوير مشهد «نحن نصور من داخل داريا، ونظهر هذا الخراب والدمار الموجود هنا والبيوت المهدمة والناس التي هربت»، مضيفاً «قررنا أن نكون في قلب الحدث».
ويضيف «للوهلة الأولى يمكن أن تشعر بالخوف، لكن عندما ترى جنودنا (جنود الجيش النظامي) منتشرين في هذا البلد لحمايتنا وحماية البلد، تشعر بالأمان وتشعر أنك مثلهم وعليك أن تعاني كما يعانون»، قبل أن يتجه لالتقاط صور تذكارية مع أحد العسكريين الذي يضع شارة «المهام الخاصة».
وبحسب انزور، فإن هذا العمل «لامس كل الخطوط التي كانت تعتبر حمراء».
ويقول لوكالة فرانس برس «المشاهد أصبح سابقاً للدرامي وعلى الدرامي أن يرتقي إلى مستواه».
ويضيف «وجودنا على الأرض كان مهماً وإيجابياً على حس الممثل (..) أنا متأكد أن الممثل الذي وضع في الموقع الحقيقي للأحداث قد تفاعل مع المشهد».
لكن تصوير هذا العمل بهذا الشكل لم يرقَ على ما يبدو لعدد من سكان داريا وناشطيها.
ويرى فادي، أحد أعضاء «المجلس المحلي» الذي يدير شؤون المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في المدينة، «إن انزور نفذ دعاية للنظام بالتصوير في مناطق على أطراف داريا للإيحاء بأن المدينة عادت بالكامل إلى سيطرة الجيش النظامي».
واكتفى الناشط «ناطور» العامل في صحيفة «عنب بلدي» المحلية المعارضة بالقول «انزور لم يفعل شيئاً جديداً، قام بعمله كمخرج موظف لدى النظام، أحضر مصورين واستعان بممثلين ليخرج السيناريو الذي أراده المنتج».
ونجدت انزور مخرج سينمائي سوري من مواليد العام 1954، اشتهر بأعمال تنتقد التشدد الديني، وذاع صيته مع أعمال مثل «إخوة التراب» الذي ينتقد حكم الدولة العثمانية، و»ما ملكت أيمانكم» الذي أثار جدلاً واسعاً في سوريا. واتخذ منذ بداية الأزمة موقفاً معارضاً للاحتجاجات ومؤيداً للنظام.
970x90
970x90