يحتفل محبو الأدب العالمي بذكرى مرور سبعين عاماً على إصدار كتاب «الأمير الصغير»، احد أكثر الكتب مبيعا حول العالم، للفرنسي أنطوان دو سانت أكزوبيري في العام 1943 في نيويورك التي اختار الكاتب-الطيار منفاه فيها.
وهذه الرواية التلقينية الفلسفية ذو القدر الاستثنائي المترجمة إلى أكثر من 270 لغة والتي بيع منها 145 مليون نسخة حول العالم، شأنها في ذلك شأن باقي أعمال سانت أكزوبيري الصادرة خلال حياته، ستصبح أعمالاً خاضعة للملكية العامة في العام 2035 في فرنسا و2038 في الولايات المتحدة، وفق ما يوضح أوليفييه داغاي المدير مسؤول الحفاظ على إرث أنطوان دو سانت أكزوبيري لوكالة فرانس برس.
ويوضح داغاي حفيد الشقيقة الكبرى لأنطوان دو سانت أكزوبيري، غابرييل وهي الوحيدة التي أنجبت أولادا في عائلة الكاتب، أن رواية «الأمير الصغير» باتت «ملكية عامة في آسيا وأفريقيا. أما في باقي أنحاء العالم، سيكون ذلك في الأول من يناير 2015».
وتبقى قوانين حماية الملكية الفكرية في فرنسا سارية طوال 70 عاماً تلي وفاة صاحب الملكية، مع تمديدات تتناول أعوام الحرب والكتاب الذين «ماتوا في سبيل فرنسا»، مثل سانت أكزوبيري الذي فقد خلال قيادته طائرته في فوق المتوسط في يوليو 1944 عن 44 عاماً.
ويقول داغاي مبتسما «بالنسبة الينا، نحن الذين نجهد لإحياء ذكرى سانت أكزوبيري وقيمه، هذا الأمر لن يغير علينا شيئاً... سيدر علينا أموالاً أقل».
وتعتبر رواية «الأمير الصغير» كمنجم للذهب بالنسبة لورثة سانت أكزوبيري إذ إنها تحقق سنويا مبيعات بقيمة حوالي 100 مليون يورو (130 مليون دولار). وتحقق دار غاليمار في فرنسا النسبة الأكبر من هذه الأرباح لكونها الجهة المخولة إصدار هذه الرواية منذ العام 1946 على الأراضي الفرنسية.
وتمت ترجمة الجملة الشهيرة في الرواية «من فضلك، ارسم لي خروفاً»، بآلاف الطرق الجديدة. ويقول داغاي «عندما انتقلت الرواية إلى الملكية العامة في اليابان التي تحوي متحفاً خاصاً للأمير الصغير، كان الأمر ضرباً من الجنون».
ولمناسبة هذه الذكرى السنوية السبعين لإصدار «الأمير الصغير»، أصدرت دار غاليمار عدداً كبيراً من الإصدارات الخاصة والمجموعات، إضافة إلى ندوات واحتفالات في فرنسا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى. كما تنظم معارض بينها معرض في يناير 2014 في مكتبة «مورغان لايبراري» في نيويورك التي تحوي مخطوطات ورسومات أصلية لرواية «الأمير الصغير». ومن المقرر نقل هذا المعرض إلى باريس في العام التالي.
ويضم متحف الرسائل والمخطوطات في باريس أكبر مجموعة خاصة عائدة لسانت أكزوبيري. ويوضح داغاي أن الكاتب الفرنسي «كان سخياً ويعطي كل شيء. ما يزال هناك الكثير من المخطوطات والرسومات يتعين إيجادها».
ومن المزمع أيضاً تنظيم أنشطة لهذه المناسبة في نيويورك وبرشلونة وإيطاليا. كذلك سيتم افتتاح تمثال يجسد بطل هذه الرواية في مونتريال. كما من المرتقب عرض أفلام عدة في صالات سينما باريسية.
ومنذ العقد الماضي، انتقلت الرواية إلى الشاشة الصغيرة مع مسلسل تلفزيوني عرضته قناة فرانس 3 وفي حوالي مائة بلد، إضافة إلى منتجات مشتقة أخرى.
لكن داغاي يوضح أن نجاح «الأمير الصغير مرده إلى سانت أكزوبيري. قبل كتابة الرواية، كان يرسم في كل مكان هذا الصبي الصغير ذي الشعر الأشقر والوشاح الذهبي، لكن أيضاً الذئب والأفعى».
كذلك استوحى سانت أكزوبيري بطل شخصيته من شقيقه الصغير فرنسوا الذي توفي في العام 1917. وكان ذاك الفتى البالغ 14 عاماً قد همس له قائلاً «الجسد ليس إلا قشرة عتيقة»، وهي صورة استرجعها بطل الرواية لتهدئة روع الطيار.
ولجأ سانت أكزوبيري إلى نيويورك بعد هزيمة العام 1940. وأصبح في ذلك الوقت أشهر الفرنسيين بفضل كتاباته وبطولته كطيار.
وطلب منه حينها ناشر كتبه الأمريكي تأليف رواية لمناسبة عيد الميلاد في العام 1942. ولم يكن الأمر أكثر من مجرد ترفيه للكاتب الذي يناضل من أجل مشاركة الولايات المتحدة في محاربة النازية والذي كتب رواية «سيتاديل» (القلعة) التي نشرت بعد وفاته.
وفي أبريل 1943 ولدت رواية «الأمير الصغير». وكان ذلك «أفضل رد على كتاب (كفاحي)» لهتلر»، بحسب أوليفييه داغاي.