كتب - عبدالرحمن خليل:
قال حقوقيون إن البحرين تدرس الدخول بمعاهدات واتفاقيات دولية تضمن للعمال الوافدين حق الحصول على مسكن لائق تتوفر فيه الاشتراطات الصحية والأمنية اللازمة، مطالبين بتشكيل لجنة من الجهات الحكومية المختصة لمراقبة المساكن العمالية والتأكد من التزامها بالمعايير الدولية.
وأضاف الحقوقيون في تصريحات لـ»الوطن» أن تداخل المساكن العمالية مع المناطق السكنية يعود بنتائج خطرة ويؤثر سلباً على النسيج الاجتماعي البحريني نظراً لاختلاف العادات والتقاليد، وازدياد احتمال ارتكاب العمالة جرائم في هذه المناطق.
وقال المحامي فريد غازي إن الفترة الأخيرة شهدت العديد من الحوادث التي تستدعي تفعيل القوانين المتعلقة بمساكن العمال وتطبيقها بصرامة، مشيراً إلى أن الحوادث في المساكن غير الآمنة لا تقل خطورة عن الجرائم والمشاكل الأخلاقية التي يرتكبها العمال أيضاً في المناطق السكنية.
ودعا الجهات المعنية (وزارات العمل والداخلية والبلديات) والمجالس البلدية للتنسيق بهدف القضاء على هذه المشاكل ووضع حد لهذه الظاهرة، مشيراً إلى أن هناك الكثير من القوانين والتشريعات المنظمة لسكن العمال ولكن هناك قصوراً في تطبيقها ما جعلها تتداخل في الأحياء السكنية وتفتقر لإجراءات السلامة.
كشف الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاذ أن الجمعية بصدد إعداد دليل إرشادي لسكن العمال الوافدين، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من مشروع المسودة الأولى ويتم حالياً توزيعه على دوائر الجمعية لإبداء الرأي بمسودة المشروع.
وقال فولاذ في تصريح صحافي إن «الدليل يتحدث عن حق العمالة الوافدة في سكن آمن ومناسب، والجمعية بصدد إطلاق حملة وطنية بخصوص سكن العمالة الوافدة بالبحرين وتوافر اشتراطات السلامة بها»، مؤكدا ضرورة «وضع اشتراطات ومعايير فنية عالية الجودة، لمساكن العمال تتضمن اشتراطات السلامة والأمان»، داعياً إلى «إيجاد حل سريع لمشكلة العمالة السائبة».
وأضاف أن «علاقة التعاون التي تجمع منظمات حقوق الإنسان مع الجهات الرسمية ستطرح مواضيع مهمة ومعلومات تعليمية حول حماية وتعزيز حقوق العمال كما وردت في المعايير والمواثيق الدولية، وكيفية تطوير الاستراتيجيات وآليات للحماية، كما ستطرح كيفية حشد الجهود والتحالفات، وتحديد الأدوار لكل القوى الفاعلة، والأطراف المعنية، إلى جانب التوصل للفهم الأعمق بخاصة ما يتعلق بتشريعات الدول المستقلة، ومسؤوليات الدول المصدرة للعمالة».
من جهته، قال المفوض المستشار عبدالجبار أحمد الطيب عضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إن من أهم أدوار المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تعزيز حقوق الأفراد خاصة وأن المملكة مصادقة على الاتفاقية الدولية للعمال المهاجرين ومن في حكمهم وهي بالأساس تتكلم عن العمالة الوافدة ولا يخفى أن مملكة البحرين منحت العمالة الوافدة الكثير من الحقوق وألزمت أصحاب العمل بكثير من الالتزامات أهمها توفير الرعاية الصحية والسكن الملائم الذي تتوافر فيه جميع اشتراطات السلامة من حيث جودة البناء والاشتراطات الصحية.
وأضاف أن «الحق في السكن اللائق للعمال أصيل كما هو حق المواطنين»، مشيراً إلى أن «المؤسسة تابعت عن كثب الكثير من الحالات التي ارتبطت بسوء أو رداءة المسكن للعمالة الوافدة وهو ما ترفضه المؤسسة وتؤكد على أنه يتعارض تماماً مع التزامات أصحاب العمال تجاه عمالهم بما يلقي بالظل على ضرورة التزام الدولة بالمتابعة والإشراف والرقابة الدورية على سكن العمالة الوافدة».
وأشار إلى أن «هناك غرف لا تتجاوز 4*5 م يسكن فيها ما لا يقل عن 15 عاملاً، وهذه المشكلة منتشرة تحديداً في بيوت الإسكان بالباطن وهو ما يتعارض مع قانون الإسكان (..) هناك منزل في المحرق وجدنا فيه ما لا يقل عن 70 عاملاً وافداً».
وحول الإشكالات التي تواجه المملكة في هذه الموضوع قال الطيب إن «من أهم الإشكالات التي تواجه البحرين بخصوص العمالة الوافدة هي «انتشار العمالة السائبة، بما يترتب عليه وجود أشخاص لا يعرفون كفلاءهم بما معناه أن هنالك أشخاصاً حتى وإن ألزم صاحب العمل بتوفير السكن اللائق فإنه لن يتحلى بهذه الضمانة لأنه يدخل ضمن العمالة السائبة، ناهيك عن أن هذا يسبب الكثير من الجرائم التي قد تطول إجراءات البحث والتحري عن مرتكبيها من العمالة السائبة».
وأضاف أن من أهم الإشكالات «عدم وجود نصوص تشريعية محددة واضحة الدلالة ولوائح تنفيذية صارمة تضمن مدى التزام أصحاب العمل بتوفير السكن الملائم للعمالة الوافدة، وهو ما يدخل البحرين في كثير من الإشكالات الدولية خصوصاً أمام المنظمات غير الحكومية الدولية وأيضاً المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة».
وكشف الطيب أنه بدأ العمل على تقرير شامل حول مدى التزام أصحاب العمال بالقوانين ويتضمن مجموعة من التوصيات منها التوصية باستحداث قانون يتعلق بتنظيم العمالة الوافدة وإحداث تعديلات تشريعية في بعض القوانين الموجودة مثل قانون البلديات وقانون البيئة وقوانين تنظيم سوق العمل،
وأشار إلى أنه في القريب العاجل سيكون هناك لقاء للمؤسسة مع وزير العمل وسيكون هناك فتح لملف العمالة الوافدة إضافة إلى أن المؤسسة تعمل حالياً على استفتاء تصورات ورؤى الجمعيات الحقوقية كجمعية العمالة الوافدة التي تتواصل مع المؤسسة حول جميع القضايا التي تتعلق بالحقوق والحريات وهو القرار الذي صدر من لجنة الحقوق المدنية والسياسية ولجنة الحقوق والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمؤسسة.
وقال إن التشريعات البحرينية التي تتعلق بالعمالة الوافدة عادة ما تنص على ضرورة توفير السكن الملائم، ولكن النص التشريعي غير كاف والعبرة بآليات التطبيق، مقترحاً تشكيل لجنة من الجهات المعنية لغرض تحقيق التزام تطبيقي للجهات الرسمية بالتحقق من توفر الاشتراطات وفقاً للمعايير الدولية في مساكن العمالة الوافدة.
وعن تداخل مساكن العمال مع المناطق السكنية، قال الطيب: هناك الكثير من المنازل التي تأوي العمالة الوافدة تفتقر للمعايير في المناطق السكنية لأشخاص يختلفون من حيث العادات والتقاليد وهو ما يؤثر على النسيج المجتمعي ويؤدي لكثير من حالات السلوك الذي لا يتفق مع طبيعة عادات وتقاليد أهل البحرين ناهيك عن الجرائم التي قد تحصل بسبب التداخل، نجد الكثير من حالات التأجير بالباطن في منطقتي المنامة والمحرق لعمالة وافدة تستوفي الأجرة عن طريق دفع مبالغ لا تتعدى 10-20 ديناراً لكل شخص شهرياً ووفقاً لقانون الامتداد القانوني لعقد الإيجار أنه لا يمكن إخلاء هذه المساكن من هذه العمالة المخالفة خصوصاً متى ما كانت ملتزمة بدفع الأجرة، والقانون يعطي الحق في المنامة والمحرق أنه لا يجوز لصاحب البيت أن يزيد الإيجار إلا مرة واحدة بنسبة لا تزيد عن 10% في مدة العقد.