عواصم - (وكالات): أعلن رئيس المحكمة المكلفة إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك أمس تنحيه عن النظر بالقضية «لاستشعاره الحرج» بسبب إصداره من قبل أحكاماً بالبراءة في قضية «موقعة الجمل» فيما بدا مبارك مرتاحاً ومبتسماً ملوحاً بيديه بثقة لمؤيديه من خلف القضبان. وقال رئيس المحكمة مصطفى حسن عبد الله فور افتتاح المحاكمة إن المحكمة قررت التنحي و»إعادة ملف القضية لمحكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى لنظر القضية لاستشعارها الحرج».
وكان عدد من المحامين صاحوا فور اعتلاء هيئة المحكمة المنصة مطالبين برد المحكمة ورد عليهم رئيس المحكمة على الفور «انتظروا حتى تستمعوا إلى قرار المحكمة» ثم تلا قراره بالتنحي عن النظر بالقضية. وأكد المحامون أن رئيس المحكمة لا يمكن أن ينظر في قضية مبارك لأنه سبق أن أصدر في أكتوبر الماضي أحكاماً بالبراءة في قضية «موقعة الجمل» وهو الهجوم على المتظاهرين في الثاني من فبراير 2011 في ميدان التحرير من قبل أنصار النظام السابق الذين كانوا يمتطون الجمال. واعتبر المحامون أن رئيس المحكمة بذلك سبق أن كون رأياً في الاتهامات المنسوبة إلى مبارك ومعاونيه وبالتالي لا يمكن له أن ينظر هذه القضية. وقال محامي المدعين بالحق المدني أمير سالم «رئيس المحكمة والدائرة التي يترأسها سبق أن برؤوا كل المتهمين في موقعة الجمل وهناك الكثير من الشكوك في موقفهم وهذا يمنعهم من نظر القضية». وكان أهالي الضحايا المتواجدين في قاعة المحكمة يهتفون «الشعب يريد إعدام الرئيس» السابق. غير أن مبارك، الذي حضر المحاكمة جالساً على كرسي متحرك، كان مبتسماً ويلوح بيديه وهي صورة مناقضة تماماً لما ظهر عليه في المحاكمة الأولى التي كان يظهر فيها ممداً على كرسي متحرك وتظهر على وجهه علامات الاستسلام لمصيره. وأثارت ابتسامة مبارك وحالته المعنوية التي بدت مرتفعة، ردود أفعال متباينة من جانب نشطاء ساسة ومصريين. وعلى الناحية الأخرى، بدا وزير الداخلية السابق حبيب العادلي حزيناً، والدموع في عينيه. وعقدت الجلسة في أكاديمية الشرطة الواقعة في ضاحية التجمع الخامس شرق القاهرة والتي كانت تحمل قبل إسقاطه اسم «أكاديمية مبارك».
وكانت محكمة جنايات القاهرة حكمت على مبارك، في المحاكمة الأولى التي قضت محكمة النقض «أعلى هيئة قضائية» في يناير الماضي بإعادتها، بالسجن المؤبد.
وتعاد محاكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مسؤولي وزارة الداخلية السابق وهم متهمون جميعاً بالتورط في قتل والشروع في قتل مئات المتظاهرين السلميين الذين نزلوا إلى الشوارع في القاهرة والإسكندرية والسويس وعدة محافظات أخرى إبان الثورة التي بدأت في 25 يناير 2011 وانتهت بإسقاط الرئيس السابق في 11 فبراير من العام نفسه.
كما تعاد محاكمة نجلا مبارك، جمال وعلاء، اللذين كانا رمزاً للسلطة والثروة، في عهده لاتهامهما بالفساد المالي وهي تهمة موجهة إلى والدهما كذلك. ويحاكم رجل الأعمال حسين سالم غيابياً لفراره إلى إسبانيا. وعاشت مصر لحظة تاريخية عند بدء المحاكمة الأولى لمبارك في أغسطس 2011 إذ كانت المرة الأولى التي يظهر فيها حاكم عربي أطاحت به ثورة شعبية خلف القضبان أمام منصة القضاء.
غير أن الأمل الذي أثارته الجلسات الأولى للقضية التي أطلق عليها في مصر «محاكمة القرن» سرعان ما تهاوى. وقال المدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية إن المحاكمة لم تستند إلى تحقيقات وافية ولم تتمكن من إيجاد أدلة تثبت التورط في قتل أكثر من 850 مصرياً إبان الثورة. ومنذ أن ترك السلطة عانى مبارك، الذي سيتم الـ 85 في مايو المقبل، من عدة مشكلات صحية وفي إحدى المرات أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية «وفاته سريرياً». ونقل مبارك أخيراً إلى مستشفى عسكري في القاهرة. وكان مبارك المحبوس احتياطياً على ذمة القضية والذي يعالج في مستشفى القوات المسلحة بضاحية المعادي الراقية جنوب القاهرة نقل إلى مقر المحكمة شرق العاصمة بطائرة هليكوبتر. وقال المتحدث باسم النيابة العامة المستشار محمود الحفناوي إن النائب العام المستشار طلعت إبراهيم بعث بخطاب إلى المستشفى الذي ينزل به مبارك منذ شهور «لإعداد تقرير بحالة مبارك الصحية وتحديد هل تسمح بإعادته إلى مستشفى سجن طرة مرة أخرى أم لا»، بينما قالت تقارير إن النائب العام، تقدم بخطاب إلى مستشفى المعادي العسكري يطالب فيه بنقل مبارك إلى سجن طرة، وفقاً لقناة «العربية». وقالت مصادر قضائية إن الرئيس السابق أمضى مدة الحبس الاحتياطي «24 شهراً» على ذمة قضية قتل المتظاهرين، وسيبدأ، تنفيذ القرار الصادر بحقه من نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوماً، كما إنه متهم أيضاً في قضية «الكسب غير المشروع»، فضلاً عن قضية «هدايا الأهرام».
وعلى خلاف سير المحاكمة الأولى لم يعترض المحامون المدافعون عن ضحايا الانتفاضة على الهتافات المؤيدة لمبارك.
وخارج المحكمة حضر مؤيدون له أكثر من مؤيدي قتلى ومصابي الانتفاضة. وأبعدت الشرطة كلاً من الفريقين عن الآخر.
وردد مؤيدو مبارك خارج المحكمة هتافات مناوئة لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي. لكن إدانة مبارك مجدداً لن تزيد العقوبة على السجن المؤبد لأن النيابة العامة لم تطعن على الشق الخاص به فيما يتصل بقتل المتظاهرين في القضية ولم تفعل ذلك أيضاً بالنسبة للعادلي. وتعاد محاكمتهما على أساس طعنين تقدما بهما إلى محكمة النقض يمكن أن يكون من شأنهما تخفيف العقوبة أو إلغائها في إعادة المحاكمة.
وفي سياق آخر، قررت السلطات المصرية تزويد المراكز الأمنية في جنوب شبه جزيرة سيناء غير المستقرة أمنيا بالأسلحة الثقيلة، وذلك لكي تكون أكثر استعداداً لمواجهة الخارجين على القانون والعصابات المسلحة، حسب ما قال محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة.