لم يبرز حتى الآن أي مرشح مفضل لخلافة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي قدم استقالته أمس الأول رغم دعم الولايات المتحدة له، وذلك في ختام تجاذب شديد بينه وبين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقدم فياض «61 عاماً» استقالته أمس الأول إلى عباس، الذي قبلها وطلب منه تصريف أعمال الحكومة لحين تشكيل حكومة جديدة.
ومن بين الأسماء المطروحة لخلافة فياض المستشار الاقتصادي للرئيس عباس ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى ورجل الأعمال ووزير الاقتصاد السابق مازن سنقرط الذي تربطه علاقات جيدة مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
وقد يتولى عباس نفسه رئاسة الحكومة في سياق حكومة «وفاق وطني» بحسب اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة والدوحة. وستقوم تلك الحكومة والتي ستتألف من شخصيات مستقلة بالتحضير لإجراء انتخابات عامة في «أقرب وقت ممكن» في الأراضي الفلسطينية. وأعربت حركة فتح عن ارتياحها لاستقالة فياض واتهمت حكومته «بالفشل الذريع في إدارة الدفة الاقتصادية وتحميل السلطة الفلسطينية ديوناً هائلة إضافة إلى فشلها في توفير رواتب الموظفين على مدى أشهر طويلة».
وشهدت الضفة الغربية في سبتمبر 2012 موجة من الاحتجاجات الاجتماعية ضد حكومة فياض بسبب ارتفاع أسعار السلع وعدم دفع رواتب الموظفين بسبب مشاكل الميزانية الفلسطينية.
ورأى مقبول أن «الخطوة القادمة تشكيل حكومة جديدة، تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس عباس وإذا لم تتقدم حركة حماس بخطوات جدية نحو المصالحة يجب ان تتشكل حكومة باسرع وقت بقيادة شخصية وطنية» محذرا من محاولات «لاطالة عمر حكومة تسيير الاعمال» الموقتة. ولم يصدر عن اسرائيل اي تعليق رسمي على استقالة فياض الذي يعتبر شخصية كفؤة ومعتدلة، بالنسبة لتل ابيب.
ورأى المراسل الدبلوماسي لصحيفة «هارتس» إن استقالة فياض «حدث كبير» سيكون له آثار على «إسرائيل وجهود إدارة اوباما لإحياء عملية السلام بالإضافة إلى سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الفلسطينيين».
وكتب المراسل «إسرائيل ليست مسؤولة عن استقالة فياض ولكن سياسة حكومة نتنياهو لم تقم بأي شيء ليحافظ على منصبه».
وفي طوكيو، أسف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لاستقالة فياض واصفاً إياه بأنه «صديق جيد» وداعياً السلطة الفلسطينية إلى اختيار «الشخص المناسب» لتولي مهماته ومواصلة العمل مع الولايات المتحدة.
وقد تعرض استقالة فياض المبادرة التي أعلنها كيري اخيرا «لتعزيز التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية» المحتلة للخطر.
واعتبرت حركة حماس التي تحكم قطاع غزة قبول عباس استقالة رئيس وزرائه شأنا «داخليا» نتيجة «خلافات» فياض مع حركة فتح، متهمة اياه باغراق الشعب الفلسطيني في الديون.
وقال المتحدث باسم حماس سامي ابو زهري ان «استقالة فياض موضوع داخلي مرتبط بالخلافات بين فتح وفياض، وهو ما عبر عنه المجلس الثوري لفتح».
واضاف ابو زهري «فياض يغادر الحكومة بعد ان اغرق شعبنا بالديون، وحركة فتح تتحمل المسؤولية عن ذلك لانها هي التي فرضته على الجميع منذ البداية».
واعرب مسؤولون فلسطينيون عن أملهم الا تعرقل استقالة فياض مبادرة التنمية الامريكية المزمعة للضفة الغربية.
وتثير استقالته الشكوك حول تواصل دعم الدول المانحة للسلطة الفلسطينية في اتجاه قيام دولة مستقلة مستقبلا.
وقال مسؤول فلسطيني كبير ان «قضية فياض بدأت منذ سبتمر الماضي، حينما بدأ الحديث عن سياسة فياض المالية، ومن ثم تصاعدت الأمور منذ ذلك الحين ووصلت إلى تظاهرات ومطالبة برحيل فياض خاصة من قبل قيادات في حركة فتح» التي يتزعمها عباس.
وأشار مصدر آخر طلب عدم كشف اسمه إلى أن «الأمور بالنسبة لفياض لم تعد تطاق بسبب الانتقاد المستمر لكل ما يقوم به من قبل مسؤولين».
وبدا فياض معزولا الى حد كبير في سبتمبر الماضي عندما شهدت الضفة الغربية موجة من الاحتجاجات الاجتماعية ضد حكومته بسبب ارتفاع أسعار السلع وعدم دفع رواتب الموظفين على خلفية مشاكل الميزانية الفلسطينية جراء القيود الإسرائيلية وعدم وفاء الدول المانحة وخصوصاً الولايات المتحدة والدول العربية بالتزاماتها.
وتعهدت الدول المانحة الشهر الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل بتعزيز دعمها المالي للسلطة الفلسطينية.
في المقابل، ادت الزيارة التي قام بها مؤخرا الرئيس الامريكي باراك اوباما الى الافراج عن 500 مليون دولار كان جمدها الكونغرس الامريكي، كما قامت اسرائيل بتحويل اموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية.
واستأنفت اسرائيل الشهر الماضي تحويل اموال الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين والتي علقت تحويلها منذ ديسمبر الماضي كعقاب على حصول فلسطين على وضع دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
«فرانس برس - رويترز»