كتب - حذيفة إبراهيم:
التعطيل ووضع العصا في العجلة، والعودة إلى المربع الأول، وإعادة نقض النقاط المتوافق عليها، هو أبرز ما تسببت به الجمعيات الست في حوار التوافق الوطني بعد الجلستين الأولى والثانية فيه، حيث نسفت جميع التوافقات خلال الجلسة الماضية، وأعادت طرح بدائل لها مرة أخرى. ويبدو أن الجمعيات الست لم تشأ أن يسير الحوار في طريقه الطبيعي كحوار وطني بحريني يخرج بتوافقات يتم رفعها لجلالة الملك المفدى، حيث تصر على نقاط لا طائل من ورائها، ويرفضها البحرينيون بشكل عام والفرقاء على الطاولة، وسبق أن توافقوا عليها وانتهوا منها، ومن أهمها وجود ممثل لجلالة الملك المفدى والاستفتاء على مخرجات الحوار، ووجود خبراء من خارج قاعات الحوار أو حتى من خارج المملكة.
ورغم أن البحرينيين يعلقون الآمال على مخرجات الحوار، إلا أن الجمعيات الست مازالت تناقش بعض القضايا الإجرائية غير الهامة، في محاولة منهم لإحباط الشارع وزعزعة ثقته بالحوار، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الاحتقان والشرخ المجتمعي الذي تسببوا به بعد فبراير 2011. الانتظار والتعطيل لن يخدم إلا أجندات تلك الجمعيات، حيث يرى مراقبون أن ما تشهده جلسات الحوار من «المراوحة» في المكان، يهدف لهز صورة الحوار أمام الرأي العام الدولي، كي تسوقه جماعاتهم في الخارج على أن الحوار مع الحكام فشل في البحرين، وطلب مساندة الدول الأجنبية في تغيير نظام الحكم وإعادة حلم «الجمهورية الإسلامية».
نسف القنوات الدستورية وما جرى في البحرين من إصلاحات بعد تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم وإطلاقه المشروع الإصلاحي هو أحد مرئيات الجمعيات الست في الحوار، حيث رفضت مؤخراً تمثيل المستقلين من السلطة التشريعية وطعنت في استقلاليتهم، وهو ما أدى إلى مشادات كلامية بين أحد أعضاء البرلمان والمتحدث باسم الجمعيات الست في الحوار. وشهد شاهد من أهلها، بوجود خطابين لجمعية «الوفاق»، أحدهما أمام الرأي العام الدولي وباقي مكونات الشعب البحريني، والآخر تبطنه في الشارع الموالي لها، فضلاً عن الحقيقة الأخرى بأن مشاركة الوفاق في الحوار جاء بضغط خارجي غربي، وهو ما أكده سعيد الشهابي من لندن، خلال حوار أجراه مع أحد المواقع الإلكترونية.
وقال الشهابي في رده على سؤال حول تخلي جمعية الوفاق عن ما يسمى بالثورة «إن السياسيين لا يصدقون ولا يقدمون الحقيقة كاملة، من التنازل عن الثوابت، والخضوع لضغوط قوى الخارج خصوصاً أمريكا، إن ذلك يشكل وهماً لدى الثوريين بأن السياسيين مستعدون للتواطؤ في تسوية سياسية تؤدي إلى قمع الثورة، وهذا شعور طبيعي، ولكن بالإمكان احتواءه بالتواصل بين جناحي الثورة والسياسة»، وهو ما يشير وبصراحة فائقة إلى أن الوفاق تمتلك خطابين، أحدهما للشارع بأنها مع جميع مطالب فبراير الانقلابية، والآخر أمام العالم برغبتها بالحوار، ولا ندري الوفاق تخدع من.! ولأن الجمعيات الست «لا يعجبها العجب ولا صيام رجب» فإنها كلما تحقق لها مطلب سترفع سقف المطالب، كما حصل سابقاً في فبراير 2011، بعد أن أطلق سمو ولي العهد مبادرته بالحوار، والآن يطالبون به كممثل عن جلالة الملك المفدى، إلا أن الشارع أصبح أكثر وعياً بأن ذلك لا يمكن القبول به، كون جلالته عن مسافة واحدة من الجميع، فضلاً عن أن الجمعيات لن ترضى حتى لو جلس ولي العهد على طاولة الحوار. وتبقى رغم كل المؤزمات الأنظار متجهة نحو الحوار الوطني البحريني كمخرج سياسي ومنعطف مهم في تاريخ البحرين، وللدفع بعجلة الإصلاح بسرعة إلى الأمام، دون أي تنازل عن القيم والثوابت في المملكة، بالإضافة إلى تيقن المواطنين أجمع بأن مخرجات الحوار سيتم تنفيذها كافة أسوة بما حصل في الحوار الأول.