كتب - إبراهيم الزياني:
اختلف الشوريون حول حق الدولة في مصادرة عوائد الاستثمارات غير المرخصة، إذ رأى أعضاء أن تلك الأموال مجرمة وغير نظيفة، فيما اعتبر آخرون أن حرمان المستثمرين المخدوعين من الأرباح -إن وجدت- «معاقبة للضحية»، وذلك خلال مناقشة المجلس في الجلسة أمس، مشروع قانون إضافة مادة 391 مكرراً على قانون العقوبات. وبعد نقاش مستفيض استمر لما يربو عن الساعة والنصف، وافق المجلس على إعادة المادة إلى اللجنة لمزيد من الدراسة.
ويهدف المشروع بقانون، إلى الحد من ظاهرة قيام بعض المستثمرين والمضاربين في المملكة، باستثمارات وهمية بأموال الجمهور من المواطنين والمقيمين عبر شركات وهمية، ما يعرض أموالهم إلى الخسارة والضياع، إذ يخلو القانون الحالي من نص يعاقب على مثل هذا النوع من الجرائم.
وينص البند واحد من المشروع، على أنه «يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف دينار ولا تزيد على مثلي ما جمعه أو تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها، كل من جمع أو تلقى أموالاً من الغير بقصد استثمارها أو إدارتها أو توظيفها دون الحصول على ترخيص بذلك من مصرف البحرين المركزي أو غيره من الجهات الإدارية المختصة بمزاولة الأنشطة التي تم جمع أو تلقي الأموال من أجلها. ويحكم على الجاني برد الأموال إلى صاحبها ومصادرة عائدات الجريمة للمحكمة وللمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم بالإدانة أو منطوقة في صحيفة محلية أو أكثر على نفقة المحكوم عليه».
ورأى د.عبدالعزيز أبل، أن مصادرة الدولة عائد الاستثمار غير منطقي، وقال :» إن مصادرة المال العائد، يرجع بالضرر على صاحب المال الأصلي، الذي خدع بالاستثمار مع شخص غير مرخص له»، واتفق معه العضو محمد الستري، إذ ذكر أن «من دفع الأموال بقصد الاستثمار ضحية، ومشروع القانون جاء لحمايتهم ممن غرر بهم، وحتى إن حصل المستثمر الوهمي على أرباح، يجب أن تعود لهم، لإنصافهم وألا يكون هناك نوع من العقاب، لكونهم وضعوا أموالهم في محفظة وهمية، وكان باستطاعتهم وضعها في أماكن بديلة، يحصلون بأثرها على أرباح».
فيما ذكر خليل الذوادي، أن» تلك الشركات لا توجد أرقام حقيقية لعوائدها، ولا يمكن التعامل مع شيء مجهول للجميع، إذ إنها لا تفصح عن عوائد ولا تملك إثباتات أو أوراق، ولا المستثمر يبين مقدار ما دفعه، ونحن في البحرين تفاجأنا بدفع البعض 100 و200 ألف دينار في استثمارات وهمية، وعندما ترى دخله تتساءل من أين أتى بتلك المبالغ».
من جهته، قال مستشار وزارة العدل، إن:» الجاني -جامع الأموال بقصد استثمارها- ليس نصاباً أو محتالاً، إذ يمكن أن يكون فعلاً مستثمراً ويهدف لإرجاع العوائد، إلا أن الخطورة تكمن في عدم حصوله على ترخيص، لذلك نشأت هذه الجريمة»، وأردف أن» القانون لم يذكر المجني عليه، إذ إن المستثمر يمكن أن يعلم أن الجاني لا يملك ترخيصاً، وللقضاء على الظاهرة يجب أن يوقف الجانبين»، مشيراً إلى أن هذه الجريمة تسمى توظيف أموال، ولها ظروف خاصة، ولا يمكن أن تطبق عليها القواعد العامة».
وأوضح النائب الأول لرئيس المجلس، جمال فخرو، أن» نص المادة جاء ليناقش حالات فريدة، وليس للرقابة على أعمال الشركات، إذ يتطرق المشروع للحالات غير الرسمية، ممن لا يتناولها قانون البنك المركزي، ورأى أن مكانها صحيح في قانون العقوبات»، وأضاف أن لفظ الشركة الوهمية هو الدارج، إلا أنه لا محل له في الواقع، وبالتالي خلا المشروع منها».
ورأى أن» المشروع يعاقب الطرفين، من جمع الأموال، ومن قدمها إلى جهة غير مرخص لها، والجهالة -بعدم الترخيص- لا تعني أن يسيء للاقتصاد الوطني، فعندما يخالف القانون لا يمكن أن أجازيه بمنحه عوائد الاستثمار، صحيح خدع ويرجع له رأس ماله، إلا أن العوائد يجب أن تصادر، أسوة بالأموال غير النظيفة، التي لم تأت بشكل شرعي». ودعا وزير المجلسين عبدالعزيز الفاضل للعودة إلى النص الحكومي في البند الأول من المادة، إذ حذفت اللجنة «أو بإحدى هاتين العقوبتين» من الفقرة الأولى الناصة على أنه «يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف دينار ولا تزيد على مثلي ما جمعه أو تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها»، وذكر أن «النص الأصلي باعتقادي أصح، إذ يجب أن تتناسب العقوبة مع الجرم»، وأردف «هناك من ينشأ شركة وهمية ويجمع 20 مليوناً، وآخر لا يجمع شيئاً أو مبلغاً ضئيلاً، ما يدفع القاضي لتبرئة المتهم كون الحكم سيكون كبيراً، ويجب أن نعطي مرونة للقاضي».
من ناحيته، قال رئيس مصرف البحرين المركز رشيد المعراج، إن:» المصرف رصد تقديم خدمات مالية دون ترخيص في السنوات الماضية، وقدمنا شركات للنيابة، إلا أنها عندما ترى العقوبة التي تنص عليها المادة 161 من قانون المصرف، بتغريم المخالفين مبلغ لا يتجاوز مليون دينار، تجد أنها لا تتناسب مع حجم الضرر».
وبعد نقاش مستفيض وتبادل لوجهات النظر، طلب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني الشيخ د.خالد آل خليفة استرداد المشروع بقانون، لإخضاعه لمزيد من الدراسة، وصوت المجلس بالموافقة.
من جهة أخرى، أقر المجلس مشروع قانون بالتصديق على البروتوكول بين مملكة البحرين ومملكة هولندا، بشأن تعديل اتفاقية الخدمات الجوية الموقع عليها في المنامة بتاريخ 11 يوليو 1990، المرافق للمرسوم الملكي «6» لسنة 2013، فيما أرجأ مناقشة مشروع قانون حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى الجلسة المقبلة.