قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب إن مؤتمر حوار التوافق الوطني مازال مستمراً على أمل الالتزام بالتعاطي الإيجابي مع الفرصة القائمة دونما شروط مسبقة أو سقف في ظل الالتزام بالأطر الدستورية والتوافق الوطني وعلى أمل مأسسة الحوار كمنبر تمثيلي حضاري يصب في القنوات الدستورية ويعزز تجانس المجتمع التعددي.
وأكـــدت سميـــرة رجــب، في مقال نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» أمس، أن ما جعل المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ذا قيمة حقيقية ومتفقاً عليه شعبياً ورسمياً، هو أنه الوسيلة الأنجع في تحقيق أي تغيير سياسي عادل دون عنف أو إراقة الدماء، ودون غلبة طرف على آخر، ودون تسيد فئة وإقصاء فئة.
وقالت إن المشروع الإصلاحي جاء عبر سلسلة من الحوارات واللقاءات والاجتماعات بين كل الأطراف من القمة حتى القاعدة، وإنه احترم النسيج المجتمعي والوطني الموحد الذي يتميز به المجتمع البحريني المتعدد الأعراق والأديان والمذاهب والعشائر، كما حافظ على نموذج النظام البحريني المدني الملتزم بقيم الإسلام وكل الأديان، والذي يمثل نظاماً تعددياً فريداً يجمع بين الحضارية والالتزام بالقيم المحافظة والتراث، ويحترم الحريات قبل صدور الضمانات الدستورية، مع الالتزام الكامل باحترام حقوق المرأة، في بيئة إقليمية تقليدية.
وبينت أن عجلة التحول الديمقراطي في البحرين بدأت بتفعيل الدستور، وعبـــر حزمـــة مــن التعديـــــلات الدستورية في عام 2002، تم بموجبها إدخال نصوص الميثاق الوطني، المستفتي عليه، على دستور عام 1973.
وأوضحت أن مملكة البحرين عملت خلال 12 عاماً (2001-2013)، هو عمر المشروع الإصلاحي حتى الآن، وبقيادة صاحب المشروع، جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، على الارتقاء بالمؤسسة التمثيلية ومأسســــة الوظيفــــة المنبريــــة الدستوريـة بموجـــــب المعاييـــــر المعتمدة في الديمقراطيات ليكون الدستور والقانون هو الفيصل الذي يحكم كل الفئات والأطراف بما يضمن العدالة وسلامة المجتمع ووحدة النسيج الوطني، ويتقــدم بالمجتمــــع نحــــو الديمقراطيــــة ممارسة وفكراً، وذلك من دون أن يزعم أحد حتى اليوم أن المسيرة الإصلاحية وصلت إلى أهدافها النهائيــــة، أو اكتمــــال فصولــها ومراحلها، مع مراعاة أهمية التحول التدريجي المنضبط مع التغييرات المتسارعة في المنطقة.
وقالت سميرة رجب إنه في ظل هذه التغييرات، «فوجئ البحرينيون في عام 2011 بما عصف بالبلاد من أحداث أمنية حاول البعض ركوبها لتوجيه دفة الإصلاح نحو إلغاء النظام، شكلاً ومضموناً، وهدم كل ما تم تأسيسه في بناء الدولة البحرينية الحديثة من مكتسبات حضارية وديمقراطية، بدعوى البدء من جديد في بناء دولة جديدة تقوم على أسس المحاصصة المرفوضة في أي مجتمع مدني تعددي متجانس كما هو المجتمع البحرينــــي، فاكتسحــــت بلادنــــا المدنية أحداث خطيرة توجهها المنابر والمراجع والفتاوى الدينية، ويقودها سياسيون بتوجهات تسودها الفئوية العقائدية دون اعتبار لباقي الفئات المجتمعية التي وقعت في تلك الأيام فريسة الخوف على أمنها ومستقبل الوطن، في ظل التقلبات الإقليمية الخطيرة التي تعيشها المنطقة وتتحكم بها قوى العنف والإرهاب في صراعات طائفية ودموية خطيرة».
وأكدت أنه رغم كل ما حدث، فإن البحرينيين اختاروا الحوار وسيلة لإنهاء كل تلك الأحداث والهواجس التي سادت أثناءها، فأطلق ولي عهد البحرين مبادرة الحوار الأولى في الأسبوع الثاني من الأحداث من دون أن يستجيب لها المحتجون طوال الأسابيع الثلاثة التي استمرت بعدها الأحداث ، وجاءت مبادرة الحوار الثانية من جلالة ملك البحرين الذي دعا لها أكثر من 300 شخصية بحرينية لحضور مؤتمر التوافق الوطني في أربعة محاور رئيسة للتباحث حول أهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وأكمل المتحاورون جلساتهم التي استمرت على مدار شهر يوليو 2011، رغم انسحاب بعض جمعيات المعارضة منها.
وأوضحت أن حصيلة تلك الجلسات كانت أكثر من 290 توصية رفعها المتحاورون إلى جلالة الملك بصفته السلطة الضامنة لتنفيذ مخرجات الحوار، والذي أمر الجهات المختصة بتنفيذها، ودخلت كل تلك التوصيات حيز التنفيذ على مدار عام واحد ، مشيرة الى أن تلك التوصيات توجت بحزمة من التعديــــلات الدستوريـــــة الكبرى أعطت مجلس النواب كامل الصلاحيات الرقابية والنيابية.
وقالت إنه وبهدف لم الشمل واحتواء كل فئات الشعب في بوتقة الوطن والمواطنة، أعلن جلالة الملك عن بقاء باب الحوار مفتوحا لمن لم يشاركوا، وانسحبوا، من حوارات سابقة ، وبدأت جولة جديدة من الاتصالات والمشاورات مجدداً، بقيادة وزير العدل البحريني، لإقناع كل الأطراف بقبول الجلوس معاً على طاولة حوار ثانية، وأسفرت تلك المحاولات التوفيقية عن انعقاد أولى جلسات حوار التوافق الوطنـي فـــي 10 فبراير 2013، في محوره السياسي لاستكمال ما لم يتم استكماله في الحوار السابق، بمشاركة ممثلي كل الجمعيات السياسية والأطراف الأخرى.
وأشارت سميرة رجب إلى إعلان الحكومة البحرينية عن اهتمامها البالغ بالحوار الوطني التوافقي، وسعيها الجاد لتحقيق صيغ توافقية في مجال التطور السياسي بمشاركة جميع المكونات السياسية، ومن خلال البناء على ما تحقق من منجزات، بما يحقق مكاسب وطنية جديدة ويرفد مسيرة البناء ويدعم المشروع الإصلاحي الذي أسس له ملك البلاد، وذلك انطلاقاً من القناعة التامة بأن الضمانة الحقيقية للتطور والبناء هي العمل ضمن دولة المؤسسات واحترام حكم القانون والدستور، الذي يشكل السبيل الحضارية الأرقى في حل الخلافات وتحقيق الأهداف وسبيل كل من ينشد التقدم والنماء.